حث وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس الاسرائيليين والفلسطينيين على اتخاذ "قرارات صعبة" لاستئناف المفاوضات وذلك في ختام رابع زيارة يقوم بها الى اسرائيل والأراضي الفلسطينية منذ توليه مهامه.
وقال كيري الذي التقى في اليومين الماضيين ابرز القادة الاسرائيليين والفلسطينيين، "نقترب من الوقت الذي سيتعين فيه اتخاذ قرارات صعبة".
واضاف الوزير الأميركي في مؤتمر صحفي عقده قبيل سفره في مطار تل ابيب "من الواضح ان الوضع القائم لا يمكن ان يستمر على المدى البعيد (...) وفي النهاية سيتعين على الجانبين ابداء روح الزعامة" للتوصل الى السلام.
وذكر كيري بان الرئيس الأميركي باراك اوباما "قال بوضوح" خلال زيارته للمنطقة في آذار الماضي انه سيمنح الاسرائيليين والفلسطينيين "فسحة من الوقت لبضعة أشهر يجري بعدها استعراض للوضع لتحديد ما وصلنا اليه وما اذا كان الطرفان جادين في الرغبة بالعودة الى طاولة المفاوضات".
واضاف كيري "لا يمكن للاسرائيليين والفلسطينيين معالجة قضايا الوضع النهائي (اقامة دولة فلسطينية ...) والتوصل الى السلام الذي يستحقونه الا من خلال مفاوضات مباشرة".
وأكد إصرار الولايات المتحدة واستمرار جهودها لوقف الصراع، مشددا على حق الفلسطينيين بنيل استقلالهم وتقرير مصيرهم بإقامة دولتهم المستقلة على حدود عام 1967، من خلال حل الدولتين، مشددا على حق الطرفين بالعيش بأمان وسلام.
وشكر كيري الرئيس محمود عباس على استضافته، معربا عن سعادته بالتجول في مدينتي رام الله والبيرة ولقائه بالفلسطينيين في أحد المطاعم الشعبية والمحلات التجارية البسيطة.
وأشاد مسؤول حكومي اسرائيلي بتصريحات وزير الخارجية الأميركي مؤكدا لوكالة الأنباء الفرنسية ان مباحثاته كانت "بناءة". واشار المسؤول نفسه الى ان رئيس الوزراء بنيامين "نتنياهو شكر لوزير الخارجية الأميركي جهوده لاطلاق المفاوضات التي تعتبر اسرائيل نفسها مستعدة لاستئنافها فورا".
وردا على سؤال بشأن سياسة الاستيطان انتقد كيري عزم الحكومة الاسرائيلية منح الوضع القانوني لأربع مستوطنات عشوائية في الضفة الغربية كانت تعهدت بازالتها، لكنه اعتبر ان ذلك لا ينبغي ان يحول دون استئناف المفاوضات.
وخلال زيارته، التي لم تسفر كما يبدو عن أي اختراق، سعى كيري الى تبديد مشاعر الريبة السائدة بالعمل على اعادة اطلاق المفاوضات المجمدة كليا منذ نحو ثلاث سنوات.
وفي اسرائيل اجتمع كيري مرتين مع نتنياهو كما التقى الرئيس شمعون بيريس ووزيرة القضاء المكلفة بالملف الفلسطيني تسيبي ليفني. وفي الأراضي الفلسطينية التقى الرئيس محمود عباس وفريق مفاوضيه وايضا رئيس الوزراء المستقيل د.سلام فياض.
وأقر كيري الخميس بوجود شكوك في محاولته التوسط لبدء محادثات جديدة.
وقال "أعرف هذه المنطقة بما يكفي لأدرك ان هناك شكوكا، وان هناك ايضا في بعض الأوساط نوعا من السخرية وذلك بعد سنوات من المرارة والاحباط".
واضاف "لكننا نأمل في ان نتمكن، بما اننا منهجيون وحذرون وصبورون وواضحون وعنيدون، من التقدم".
واعلن في هذه المناسبة ان الجنرال الأميركي جون الن القائد السابق لقوات التحالف الدولي في افغانستان الذي اصبح مستشارا خاصا للأمن في الشرق الأوسط في وزارة الدفاع "موجود هنا للعمل مع زملائه بشأن القضايا الأمنية".
وتطالب القيادة الفلسطينية بوقف الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين قبل استئناف المفاوضات.
الا ان نتنياهو رفض ذلك معتبرا هذا المطلب "شرطا مسبقا" للمفاوضات لكنه اوقف مؤخرا استدراجات عروض لبناء وحدات سكنية جديدة في المستوطنات.
من جانبها علقت القيادة الفلسطينية كل تحركات للانضمام الى المنظمات الدولية بما فيها الهيئات القضائية التي يمكنها ملاحقة اسرائيل، وهو ما أصبح من حقها بعد حصولها على وضع الدولة المراقب في الأمم المتحدة، وذلك لاعطاء الوقت لكيري للتوصل الى نتائج. ووافق الرئيس عباس على الانتظار حتى 7 حزيران المقبل.
ومن المقرر ان يلتقي كيري من جديد مع الرئيس عباس والرئيس الاسرائيلي خلال المنتدى الاقتصادي العالمي الذي سيعقد في الأردن. الا انه لا يوجد لقاء مقرر بين الثلاثة والعاهل الأردني عبد الله الثاني.
وقال مصدر سياسي فلسطيني مسؤول لصحيفة "الشرق الأوسط" إن كيري بحث مع الرئيس عباس ونتنياهو إمكانية إطلاق مبادرة جديدة في حزيران المقبل. وأضاف: "إن كيري كتوم ولا يريد تسريب معلومات، ويبحث الأمور منفردا (مع الزعيمين)، على أمل اقناعهم بإطلاق مفاوضات من جديد". وتابع: "حتى الآن واضح أنه لم يستطع إقناع الإسرائيليين، لكنه مستمر في جهوده"، مستطردا "حتى السابع من الشهر المقبل، يفترض أنه سيطلق مبادرته".
وإضافة إلى مبادرة السلام، يبحث كيري خطة اقتصادية لدفع عجلة الاقتصاد الفلسطيني، وهي جزء من خطته المتكاملة. وأكد مسؤول رفيع بالخارجية الأميركية للصحفيين أن كيري بحث فعلا دفع السلام وأفكارا لخطة اقتصادية لتعزيز النمو الفلسطيني. ومن غير المعروف على ماذا ستستند مبادرة كيري؛ إذ يحسم ذلك نتيجة لقاءاته مع أبو مازن ونتنياهو.
وبات موقف الفلسطينيين بشأن استئناف عملية السلام معروفا، فهم يريدون وقفا للاستيطان، وإطلاق سراح أسرى، ونفوذا أكبر، وتسليحا جيدا، على قاعدة مفاوضات مرجعيتها حدود عام 1967. ويعتقد أن كيري طلب من نتنياهو وقفا ولو غير معلن للاستيطان، لكنه لم يستجب حتى أمس الأول.
وذكرت صحيفة "معاريف" امس أن كيري، حاول خلال اجتماعه بنتنياهو الاستيضاح ما إذا كانت إسرائيل مستعدة لتجميد البناء في المستوطنات بشكل كامل. وأضافت الصحيفة نقلا مصدر دبلوماسي أن الوزير كيري ابلغ الجانب الإسرائيلي بأنه سيعرض هذه الفكرة على الرئيس عباس، للتأكد مما إذا كان تجميد البناء في المستوطنات خطوة كافية لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل أم لا.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير للصحيفة إن نتنياهو سيواجه صعوبات في الموافقة على تجميد البناء في المستوطنات، بسبب تركيبة الائتلاف الحكومي. كما طرح كيري على نتنياهو اطلاق سراح اسرى قبل استئناف المفاوضات، الا ان نتنياهو كرر رفضه الافراج عن اسرى قبل استئناف المحادثات.