منذ اعلن عن انعقاد الدورة الطارئة للمجلس الوطني، والحوار الصاخب يسيطر على الاجواء العامة والخاصة في اوساط النخب السياسية حول الدورة بشكل عام، وحول المادة (14) المعدلة من النظام الاساسي لمنظمة التحرير، ما تسمح به، وما لا تسمح به، وحول الاستقالات والعدد المطلوب لدعوة المجلس...إلخ.

وقبل ولوج الرد على التساؤلات، يمكن التوقف امام طبيعة الدعوة، التي وردت في الفقرة (ج)، لأنها تحتاج الى توضيح، حيث يحصر البعض حالة "القوة القاهرة، التي يتعذر معها دعوة المجلس الوطني إلى اجتماع غير عادي، يتم ملء الشواغر، لأي من الحالتين السابقتين في الفقرتين (أ و ب) من قبل  اللجنة التنفيذية ومكتب المجلس ومن يستطيع الحضور من اعضاء المجلس، وذلك في مجلس مشترك يتم لهذا الغرض، ويكون اختيار الأعضاء الجدد بأغلبية اصوات الحاضرين، لملء الشواغر في عضوية اللجنة التنفيذية دون غيرها من المهام، خاصة مهمة المعالجة السياسية للتطورات العاصفة بالقضية الفلسطينية.

على اهمية وضرورة ملء الشواغر في عضوية الهيئة القيادية الاولى لمنظمة التحرير، او ما يمكن إطلاق صفة القيادة اليومية عليها، لأن هذا العامل اساسي لاسقاط ذرائع ومؤامرات القوى المتربصة بالممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني، لضرب مكانتها ودورها المركزي في قيادة وتمثيل مصالح الشعب العليا في مختلف المنابر والمحافل الوطنية والعربية والاقليمية والأممية. وبالتالي يحتل بند ملء الشواغر مكانة رئيسية في الدعوة الطارئة.

غير ان المادة (14) المعدلة، رغم انها لم تتطرق للموضوع السياسي، وضرورة معالجته، إلا انها لم تشر من قريب أو بعيد لمنع الأعضاء المجتمعين في الجلسة الطارئة من التوقف امام الموضوع السياسي، واتخاذ ما يلزم من القرارات والتوجهات الضرورية لحماية المشروع الوطني من التبديد والضياع.

كما لا يمكن فهم "حالة القوة القاهرة" فقط بغياب ثلث اعضاء اللجنة التنفيذية أو نصفهم، بل بالتلازم مع ذلك، الأخطار المحدقة بالقضية الوطنية، لا سيما ان بعض القوى السياسية الفلسطينية، تتواطأ مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية وقوى اقليمية ودولية على مصالح الشعب الفلسطيني وفي اللحظة السياسية الراهنة على المشروع الوطني. وهذا مفصل سياسي استراتيجي مهم، على المجتمعين من اعضاء المجلس الوطني التوقف امام الموضوع واتخاذ ما يلزم من القرارات السياسية الضرورية لدرء الأخطار المهددة للقضية الوطنية، على ان يتحمل الاعضاء المشاركون بالدورة الطارئة، مسؤولياتهم عن اية قرارات غير صائبة امام الدورة العادية للمجلس الوطني.

وعلى رئيس المجلس الوطني، الأخ سليم الزعنون والرئيس محمود عباس، وكلاهما رجلا قانون، بالاضافة الى اعضاء المجلس من رجال القانون، المساعدة في تجاوز الالتباس المقيم عند بعض الأعضاء، والعمل لاحقا على تعميق المادة من خلال تعديلها، لتتوافق مع مصالح الشعب العليا، بحيث يتم النص حرفيا على ضرورة طرح المسألة السياسية، واشتقاق برنامج عمل وطني في محطات استثنائية وحرجة، لا سيما ان كل الظروف المحيطة بالشعب العربي الفلسطيني، هي ظروف صعبة ومعقدة، وغالبا ما تحول دون انعقاد دورة عادية للمجلس الوطني.

اما باقي التساؤلات المثارة حول اسباب الدعوة والاستقالات المعلن عنها.. إلخ على مشروعيتها من حيث المبدأ، إلا ان الضرورة الوطنية تملي عقد دورة طارئة للمجلس الوطني لمعالجة بندين اساسيين، هما: الموضوع السياسي أولا، وملء الشواغر في اللجنة التنفيذية ثانيا. ولا يجوز حصر الدورة بالعامل الثاني، لأن ذلك، يسمح للبعض بمواصلة اللغط والاساءة للغايات الايجابية لانعقادها.