عملية القنيطرة التي نفذتها الطائرات الحربية الاسرائيلية داخل الاراضي السورية، والتي ادت الى اغتيال مجموعة من مقاتلي حزب الله من بينهم نجل القيادي السابق "عماد مغنية" بجانب قيادي من الحرس الثوري الايراني، جاءت قبل اسابيع قليلة من الانتخابات الاسرائيلية، حيث اعتادت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة اللجوء الى قوتها العسكرية في حملتها الانتخابية لكسب اصوات اليمين المتطرف داخل المجتمع الاسرائيلي الاخذ بالاتساع، الجديد في عملية القنيطرة انها اصابت بها ثلاث جهات، حيث استهدفت مقاتلي حزب الله وسقط فيها قيادي من الحرس الثوري الايراني وجرت العملية داخل الاراضي السورية، لا شك ان الاطراف الثلاثة منغمسة في الملف السوري وتعقيداته ومن شان ذلك تقليص امكانية الرد على عملية القنيطرة، وما شجع حكومة الاحتلال على هذا الاعتقاد ان حزب الله لم يرد على عملية اغتيال القيادي البارز عماد مغنية.
لا شك ان سقوط احد افراد الحرس الثوري الايراني في عملية القنيطرة فرض ضرورة الرد، والضرورة هنا تتعلق بايران اكثر من حزب الله وسوريا، فهي تريد ان توصل رسالة واضحة لحكومة الاحتلال مفادها ان اي اعتداء عليها لا بد وان تنتظر حكومة الاحتلال ردا عليه، حيث تدرك ايران انها ان لم تفعل ذلك اليوم فقد يدفع ذلك حكومة الاحتلال لارتكاب حماقة اكبر دون الخوف من رد الفعل الايراني، خاصة وان حكومة الاحتلال لم تتوقف البتة عن اطلاق تهديداتها فيما يتعلق بالملف النووي الايراني، ولم تخف حكومة الاحتلال امتعاضها ورفضها للتقارب الغربي الايراني فيما يتعلق بملف ايران النووي.
لم يكن احد ينتظر ان تبادر ايران برد فعل مباشر من قبلها بقدر ما سيكون ذلك من خلال ذراعها القوية في المنطقة "حزب الله"، لم يتاخر الرد هذه المرة كثيرا لان التاخير بحد ذاته قد يفقد رد الفعل مضمونه، حيث استهدف حزب الله رتلا من الاليات العسكرية الاسرائيلية في مزارع شبعا في الجنوب اللبناني، وان كانت حكومة الاحتلال قد اعترفت بمقتل اربعة من جنودها واصابة اخرين، الا ان حقيقة ما جرى سيكون له انعكاسات جوهرية حول كرة اللهب في المنطقة، هل ستسمح الاطراف المختلفة بتمددها ام سيعمل كل جانب على احتوائها ومنع تفاقمها؟.
عملية القنيطرة لا يمكن فصلها عن الانتخابات الاسرائيلية، هذا ما اكد عليه التاريخ في مرات عدة حين لجات حكومة الاحتلال لعمليات عسكرية لتحسين مواقعها الانتخابية، ولا شك ان استطلاعات الراي الاخيرة التي اشارت الى تقدم معسكر هرتسوغ وليفني بثلاثة مقاعد على حزب الليكود بزعامة رئيس الحكومة الحالي "بنيامين نتنياهو"، وهو ما يدلل على تراجع شعبية الليكود في الايام القليلة الماضية، كانت ضمن العوامل التي دفعت نتنياهو للمصادقة على تنفيذ عملية القنيطرة في محاولة منه لكسب المزيد من اصوات الناخبين، والمؤكد ايضا ان حكومة الاحتلال لا تريد لكرة اللهب ان تتسع مساحتها وتفقد قدرتها على جني مكاسبها.
لكن ما لم تتعلمه حكومة الاحتلال بعد ان معادلة القوة لم تعد بتلك البساطة التي كانت عليها في الماضي، ولم تعد باستطاعتها وحدها ان تفرض محدداتها.