بعد العدوان على قطاع غزة ومحاولة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته تسويق صورة انتصار، خيمت أجواء ضبابية وغير مفسرة على المشهد السياسي الإسرائيلي وكل أحزابه، لا سيما القوية منها، فخلال الأسبوع الأخير، ذكر العديد من الوزراء في جلساتهم الخاصة، أن إسرائيل في الطريق لانتخابات جديدة.
وذكرت صحيفة "معاريف" على موقعها الالكتروني أمس انه في يوم الأحد الماضي، وقبل عقد مؤتمر حزب البيت اليهودي، عقد وزير الاقتصاد، نفتالي بينيت، لقاء خاصا في القدس لنحو ثلاثين ناشطا مركزيا ليقنعهم بالموافقة على الدستور الجديد وتوليه رئاسة الحزب مرة أخرى، وعند سؤاله عن السبب وهذه العجلة قال إنه يجب حسم الموضوع الآن، لأن إسرائيل ستذهب بعد الأعياد لصناديق الاقتراع.
كما اجتمع نتنياهو في مكتبه بعضوي الكنيست عن حزب "يهدوت هتوراة"، موشيه جافني ويعكوف ليتسمان، واعتبر الطرفان الجلسة "ناجحة جدا". وتحدث جافني عن مواضيع اللقاء الذي جمعهما برئيس الحكومة، ولم تكن المواضيع حول قانون الضرائب الجديد ولا عن الائتلاف الحالي، وإنما تمحور الحديث عن الائتلاف الذي سيقام بعد الانتخابات المقبلة، حيث قام نتنياهو بسؤالهما مباشرة: هل ستدعمونني لرئاسة الحكومة المقبلة بعد الانتخابات؟"، وأجاب النائبان أنهما سيستشيران حاخاماتهم قبل الإجابة.
من جانبه هدد حزب "الحركة" برئاسة تسيبي ليفني، بالانسحاب من الائتلاف الحكومي في حال عدم الموافقة على اقتراح قانون التهود تقدمت به ليفني، وعلى أثره اتفق نتنياهو وبينيت وليفني أن توافق الحكومة على القانون في الجلسة التي ستعقدها يوم الأحد، لكن جلسة الحكومة ألغيت. وقال مقربون من ليفني ان السبب وراء إلغاء جلسة الحكومة هو الخلاف بين نتنياهو ووزير المالية يائير لبيد حول الميزانية.
وقالت مصادر مقربة من نتنياهو أمس، إن السبب وراء إصرار لبيد على إلغاء قيمة الضريبة المضافة، هو رغبته بالتوجه لصناديق الاقتراع في الفترة القريبة، لظنه أنه الأقوى اليوم على الساحة السياسية ويستطيع حصد أكبر قدر من الأصوات.
وذكرت صحيفة "اسرائيل اليوم" أمس ان نتنياهو يمتنع عن عقد اجتماع لحكومته للأسبوع الثاني على التوالي، وذلك من أجل تلافي تصعيد الأزمة داخل الائتلاف وعدم إثارة غضب الأحزاب الحريدية، التي تعتبر "قطع غيار" لائتلافه.
واضافت أن سكرتارية الحكومة أبلغت الوزراء، أمس الأول، بإلغاء الاجتماع الأسبوعي للحكومة، غدا الأحد "لأسباب تتعلق بالميزانية"، وأن نتنياهو منشغل بمداولات "ماراثونية" حول الميزانية من أجل حل الأزمة حولها.
وتابعت ان أحد المواضيع المركزية التي أدت إلى أزمة حول الميزانية للعام المقبل يتمحور حول اقتراح لبيد، بإلغاء ضريبة القيمة المضافة على أسعار الشقق السكانية، بحيث تكون 0%، بادعاء أنه بذلك يخفف على المواطنين شراء شقق.
ورغم أن نتنياهو أيد في البداية اقتراح لبيد، لكن أصبح يعارضه الآن ويعتبر أن ضريبة قيمة مضافة 0% هي "كارثة من الناحية الاقتصادية"، وادعى مستشارون لنتنياهو أن إلغاء هذه الضريبة سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الشقق وليس خفضها، كما ان تطبيق الاقتراح سيؤدي إلى زيادة العجز في الميزانية بحوالي 3 مليارات شيقل، وهو ما سيؤدي إلى خفض مستوى تدريج الاعتماد لإسرائيل دوليا.
إلا أن لبيد، حسب التقارير الصحفية، مصر على ما يبدو على إقرار اقتراحه، حتى أن بعض التحليلات تفيد بأنه قد يحدث أزمة جدية في الائتلاف وربما الانسحاب منه في حال رفضت الحكومة المصادقة على اقتراحه. ويعتبر لبيد، وفقا لهذه التحليلات، أنه بإصراره على إلغاء هذه الضريبة وحتى لو كلفه ذلك الانسحاب من الحكومة، سيتمكن من القول لناخبيه إنه ضحى بمنصبه من أجل مصلحة الجمهور.
لكن الموضوع الاقتصادي لم يكن محور أبحاث الحكومة في اجتماعها غدا، الذي ألغي، وإنما الموضوع الذي كان مطروحا على جدول أعمال اجتماع الحكومة هو مشروع قانون التهود، الذي يسهل التهويد، خاصة على المهاجرين الروس.
وتعارض الأحزاب الحريدية، شاس و"يهدوت هتوراة"، القانون من الناحية المبدئية والعملية. ويرجح المحللون أن نتنياهو قرر إلغاء اجتماع حكومته غدا من أجل الامتناع عن إثارة غضب الحريديم، لسببين: الأول هو احتمال ضمهم إلى الائتلاف في حال انسحاب حزب "يوجد مستقبل" برئاسة لبيد. والثاني، هو أن نتنياهو يأمل بأن يوصي الحزبان الحريديان عليه أمام رئيس الدولة لتشكيل الحكومة المقبلة في حال جرت انتخابات مبكرة.
وفي سياق احتمال تقديم موعد الانتخابات، فإن التحليلات متباينة وحتى متناقضة أحيانا. ويرى جانب من المحللين أنه سيتم تقديم الانتخابات، بينما يستبعد جانب آخر تقديمها، وأن رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" ووزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، سيوافق على الجلوس إلى جانب الحريديم في الحكومة، في حال انسحاب "يوجد مستقبل"، إذا رأى أن الانتخابات لن تعود بالفائدة عليه، وبذلك سيمدد عمر الحكومة.