قلة من الرجال عندما تراهم ترى منهم المحبة مقرونة بالتواضع مع العلم الغزير، وقله من يأسرك فيهم دفء الحديث وحميمية اللقاء حتى لو كان للمرة الأولى، وفي المرة المائة كالمرة الاولى.

 هؤلاء القلة الحب عندهم والحميمية والتدفق لا تقترن بموقف كما لا ترتبط بساعة رحمانية تلغيها ساعات قادمة يكون فيها الغضب سيد الموقف.

قلة من العلماء من تجلّ علمهم وقد تخالفهم، وتحترم فيهم احترامهم لاختلافك معهم، فلا ينحدرون مطلقا الى مستنقع الشتائم والإهانات والتسفيه وما دون ذلك،بل هم مع أساتذتهم مثل الهدهد مع سليمان ونحن معهم على نفس الطريقة {أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ} ولكن الهدهد يبقى الهدهد وسليمان يبقى سليمان كما قال علماؤنا الأجلاء.

الشيخ هاني فحص من هؤلاء القلة المولعين بالتفاكر والتثاقف والتباحث والتحاور والتجاور مع الآخرين لا تحده حدود ولا تجذبه عمامته عن الخوض فيما ييراه الآخرون محرمات

 فهو الذي أنعم الله عليه بالعلم والبصيرة والرؤية المستنيرة لا يقبل أن يغلق تفكيره في قمقم الجهالة ويرفض أن يعطي مفاتيح عقله لأحد

هو اليوم في محنة المرض نفتقده كثيرا، ويفتقده محبوه من المؤيدين والمخالفين سويا، لأنه وضع أساسا متينا جامعا في فكرة الوحدة الاسلامية بغض النظر أكان اسمك بكر أبوبكر مثلي أم كان أسمك علي ناصر وهو اسم جدي فالكل أمام الله سواء، ولي منهم ثمرة عقلهم فقط التي تتجلى في حسن الخلق والمعاملة وفي أرجحية التفكير.

هاني فحص المشعل المضيء والعلم الذي يلوح لك في صحراء الجدب العقلي فتستغيث بعلمه وثقافته ووحدويته وانفتاحه ووطنيته العربية الفلسطينية اللبنانية حتى لا تكاد تميز فيه حجم فلسطينيته النضالية من نضاليته اللبنانية، ولا تكاد تميز فيه حجم اسلاميته (او عروبته) فهو كل الطوائف معا في رحاب الاسلام الجامع لا يقبل التفتيت ويقاوم بشراسة السرطان الطائفي والمتطرف رافضا أن يستشري في جسد الامة.

أنت من القلة لكن علمك الغزير يا مولانا في خدمة الكثرة.

بقلم: بكر أبو بكر