يثار في الاعلام مجموعة من التناقضات التي تفجرت دفعة واحدة بعد انتهاء العدوان الصهيوني على غزة، وهي اذ تمثل حقيقية احتقان قديم بين مشروعين أو برنامجين أو معسكرين أو فسطاطين كما ما زالت تؤكد حماس، فان امكانية الاقتراب للانضمام لمعسكر واحد ضمن (م.ت.ف) والسلطة بحيث يصبح تقبل الآخر – مع الاحتفاظ بمعارضته بالطبع – شيئا اعتياديا فنطلّق كليّا فكرة التناقض الرئيسي أنه بيننا ما يحتاج منا (لحسم) فكري ثقافي كبير هو مطلوب اليوم قبل الغد في فكرانية (أيديولوجية) حماس وتعبئتها الداخلية والا فان ما نقوله سيبقى دقا في الماء.
ان التناقضات التي تفجرت تركزت حول مَن يحكم مَن (السلطة)، وعلى اطار المنظمة وحجم المشاركة، ومفهوم الانتصار والصمود، وممارسات حماس المشينة المتغطية بالعدوان واعمار غزة، وسلاح المقاومة، والميناء والمطار والمعبر.
ومع ذلك فان هناك عددا من القضايا التي أصبح عليها اجماع فلسطيني بين حركة فتح وحماس والفصائل رغم محاولة اثارتها من البعض المتضرر، وهي التأكيد على الوحدة الوطنية وان نظريا، والتمسك بسلاح المقاومة، وضرورة بناء الميناء والمطار وفتح المعابر، فهذا من مبشرات العمل الموحد.
أما جريمة حماس في غزة ضد عدد من الفلسطينيين أكانوا من حركة فتح أو غيرها، فنلمَس تزحزحا واضحا في موقف حماس من الانكار الكامل لحدوث الخروقات الى الاعتراف بها، وهذه بداية وان جاءت متأخرة بعد حرب اعلامية حرقت الكثيرين.
يقول اسماعيل رضوان عمن اطلقت النار على أرجلهم على قناة العربية في (7/9/2014) في اعتراف خجول جدا (في اعتقادي لا يمكن لحركة فتح أن تتبنى الدفاع عن أناس ربما عندهم اشكاليات) () بمعنى اعترافه بالحدث، واجازته لما حصل، واستغرابه من تبنّي حركة فتح لذلك.
أما سامي أبو زهري فتقدم خطوة أوسع على "الجزيرة" في ذات اليوم اذ يقول (ربما يكون من حماس بعض التجاوزات) في اعتراف صريح لأول مرة، ونتيجة الضغط الهائل، وفي كل الأحوال فان الاعتراف هو بداية الحل وهذا جيد.
أما مَن يحكم مَن؟ (الفكرة والمشروع والقيادة والغَلَبَة) فان السجال ما زال قائما بين فكرة حماس أن تحتفظ بحكم غزة عمليا عبر قواتها الأمنية، وعدم تمكين القوات الموحدة التابعة للسلطة، وبين حكومة خفية تدير القطاع فعليا دون رغبة للتمكين أيضا الا بأن تتحول السلطة لجابي اموال تصلح الدمار، وتغطي موظفي حماس ما لم تقبله السلطة حتى الآن مشترطة الاعتراف العملي بالسلطة الواحدة الذي يؤسس لعقلية الشراكة، صعبة الوجود لدى التعبئة الداخلية والفكرانية الاخوانية التي تحكم حماس.
أما السّجال حول مفهوم الانتصار أو الصمود الذي كرره نواطق حماس وقادتها الى حد الملل، أو الى حد توجيه النظر وكأن الدمار الهائل الذي طال غزة كأنه لم يكن، اذ ان اثارة أي موضوع بحيث يطغى على ما سواه هو بالضرورة للتغطية على المتوجب فعله.
على حماس (المنتصرة) اليوم أن تمد اليد بما تملك من أموال لغزة المنتصرة، وان تقدم لجميع المنتصرين المشردين من أبناء الشهداء والمشردين في الشوارع والجرحى كل الدعم ليصبح الانتصار كاملا من خلال دعم الناس وتلبية احتياجاتهم ومساعدتهم على تكرار الصمود والانتصار والنهوض، دون أن نخوض في جدل عقيم حول ما هو الانتصار والنهوض، ودون أن نخوض في جدل عقيم حول ما هو الانتصار وتفاصيله أم غير ذلك.
خلاصة ما نريد قوله ان الانتصار ان حصل في غزة باتجاهات عبر عنها مطولا قيادات حماس، وان كانت في حقيقتها تمثل صمودا أو اعلاء لشأن المقاومة أو تأكيدا لثبات وشجاعة أهل فلسطين فان الانتصار الحقيقي هو في محاور ثلاثة أولها بالانتصار على النفس كما أكدنا دوما مما فهمناه من سيرة سيد الخلق محمد وهذا لا يحده زمان ولا مكان ولا حدث، أما ثانيا فهو في انهاض ودعم وملامسة حاجات شعبنا البطل في غزة واقالة عثرته ودماره الكبير على يد البطش الصهيوني عدونا الأوحد، وثالثا في تغيير الثقافة والفكر والتعبئة الداخلية التي لا تقبل الآخر ولا تعترف به فاما أنا واما هو، وبالتالي ترفض أن تتحاور معه.