تحقيق/ انتصارالدنان - تصوير/ خليل العلي

 

تضيق البيوت التي لا تشبه البيوتبقاطنيها في الكيلومتر المربع الواحد، الذي يعيش فيه أكثر من سبعين ألف شخصٍ، كمايقول أحد المتأكدين من العدد. لكنه يستدرك "العدد يتزايد، حتى يكاد يقاربالمئة ألف. وذلك بعدما حل اللاجئون الفلسطينيون من سوريا، ضيوفاً على مخيم عينالحلوة". 

كلما ازدادت أعداد الأسر التي تقطنالمخيم تتفاقم مشكلة الامتداد السكاني، ولا حل. فادي عثمان، معلم "طوبار"(بنَّاء)، يفتح باباً في منزله المتواضع، حيث تقطن فيه خمس أسر من عائلته. بيوتهممبنية فوق بعضها البعض، والبيت منها مؤلف من غرفتين لا أكثر. هل باستطاعتهم أنيبنوا فوق بيوتهم طبقة آخرى؟ يجيب: "لم يعد باستطاعتنا أن نرتفع بالبناءأكثر، لأن أساس البناية لم يعد يتحمل أكثر، وإدخال مواد البناء إلى المخيم أمر صعبجداً، ومكلف للغاية، لأنَّه يجب عليك أن تحصل على تصريح لإدخال مواد البناء إلىالمخيم.

"والتصريح" لا يحصل عليه أي شخص، بل هو حكر على أحد الأشخاص، وبالتالي فإنأسعار المواد ترتفع، وتصبح تكلفة بناء المنزل تساوي أضعاف المبلغ الأساسي"كما يقول. ويضيف "وضعنا المادي لا يسمح لناببناء بيت أو شراء أو استئجار، لأننا بالكاد نحصِّل قوت يومنا. ونحن أمام ذلكالواقع مضطرون أن نرضخ لضرورات الحياة. ونعيش في المنزل أكثر من عائلة. أو أن يعيشالابن مع أهله".
وهناك تواجه أهالي المخيم مشكلة أخرى،فالكثير من الأهالي يرفضون أن تسكن ابنتهم مع عائلة الزوج، خوفاً من مشاكل قد تحصللاحقاً. يتابع عثمان "إن بقي الوضع مقتصراً علينا فنعمة وبركة فنحن نتحمل،لكن أبناءنا لن يستطيعوا التحمل أمام عاصفة كبرى، عاصفة تدهور الوضع المعيشي وغلاءالأسعار، وعدم وجود فرص عمل للشباب الفلسطيني".

 تشرح سهير الحداد معاناتها، فـ"الوضعالمعيشي داخل المخيمات يضيق الخناق علينا وعلى عائلاتنا، فلا بيوت صحية فيها،والشمس لا تدخلها إلا نادراً، وهي ضيقة. ولا وجود لفرص عمل لأبنائنا، فكل مايستطيع شبابنا العمل به هو أعمال السخرة – الفاعل".

 تضيف "باختصار لا طبيبَ يعمل في مهنته ولامهندس. وذلك بسبب الحظر المفروض على الوظائف والمهن، التي لا يستطيع الفلسطينيالعمل بها". سيدة أخرى من عائلة المقدح، تؤكد صعوبة الحياة في المخيم وداخلالبيوت التي تضيق بأهلها، تتكلم بحرقة "ليتني لم أعمر بيتي وبقي كما كان“خشة” تسكنه العقارب والجرذان، لأنني تحملت كلفة بناء فوق طاقتي، وأحمل عبء الدينللناس. وذلك بسبب وعود البعض بأنهم سيساعدونني في تكلفة بناء منزلي، لكنني أدفعاليوم الثمن وحدي، بسبب وضعي المادي الذي لا يسمح لي بأن أسدد ديوني". وتشرح "زوجيبالكاد يستطيع تأمين معيشتنا وقوت يومنا".

القصة ذاتها يسمعها زائر المخيم فيأزقته. المخيم يضيق بأهله، الشوارع تزدحم بمن فيها. الحياة جداً صعبة داخل المخيم،حتى لا يستطيعون، من ضيق الحارات وشوارعها، إدخال أثاث لمنازلهم كبراد، أو غسالةأو ما شابه، "أحياناً نستعين ببيت الجيران، لإدخال أغراضنا، والله الميت بكرامش عارفين كيف بدنا نطلعوا من بيته". وتوجه امرأة رسالة إلى كل المعنيين،تقول: "شبابنا اليوم يبحثون عن حل، والحل برأيهم الهجرة إلى أي بلد آخر،المكان يضيق بهم، لجوء من نوع جديد. يبحثون عن مكان للهجرة إليه هرباً من الأوضاعالاقتصادية التي تزيد الخناق علينا يوماً بعد يوم. فنحن سنخسر أولادنا كما خسرناأرضنا، والفلسطيني خاسر دائماً في صراعه مع الحياة، فإلى متى؟"