يصادف اليوم الثامن والعشرين من أيار، ذكرى عقد الجلسة الأولى لأول مجلس وطني فلسطيني في فندق 'الكونتيننتال' في القدس عام 1964، وذلك من أجل مناقشة ما حددته لجنة الخبراء التابعة لجامعة الدول العربية في يوليو 1962، لإبراز شكل للكيان الفلسطيني (منظمة التحرير الفلسطينية)، يقوم على أساس الدعوة إلى مجلس وطني، ويضم التجمعات الفلسطينية، وتنبثق منه جبهة وطنية تقود الشعب الفلسطيني؛ ويكون لها اختصاصات عسكرية وسياسية وتنظيمية وإعلامية ومالية. إلا أن الخلافات بين بعض الدول العربية، حالت دون تقديم المشروع إلى مجلس الجامعة.
وكانت وزارة الخارجية المصرية تقدمت بتوصية إلى مجلس جامعة الدول العربية، في مارس 1959؛ من أجل العمل على إبراز الكيان الفلسطيني. فوافق في دورته الحادية والثلاثين في 9/ مارس على قرارات تتعلق بالشعب الفلسطيني، بعد بحثه للمرة الأولى موضوع 'إعادة تنظيم الشعب الفلسطيني وإبراز كيانه شعبا موحدا، لا مجرد لاجئين بواسطة ممثلين يختارهم'.
ودعت قرارات المجلس إلى إنشاء 'جيش فلسطين في الدول العربية المضيفة'. وواكبت هذه الدعوة إنشاء 'الاتحاد القومي الفلسطيني'، في مصر وغزة وسوريا؛ ودعوة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر لإنشاء كيان فلسطيني، غايته: 'مواجهة نشاط إسرائيل لتصفية المشكلة الفلسطينية وإضاعة حقوق شعب فلسطين'. لكن عدم تنفيذ القرارات المتعلقة بالكيان الفلسطيني، دفع القاهرة إلى تقديم مذكرة إلى الجامعة العربية، تطالب بإبراز الشخصية الفلسطينية؛ وذلك خلال اجتماع مجلس الجامعة في شتورة، في أغسطس 1960.
وعقب وفاة أحمد حلمي، رئيس 'حكومة عموم فلسطين'، وممثل فلسطين لدى الجامعة العربية، بحثت الدورة الأربعين لمجلس الجامعة في 15 سبتمبر، تعيين خلف له. واختير أحمد الشقيري لهذا المنصب وصدر قرار المجلس الرقم 1933، باختيار 'أحمد الشقيري مندوبا لفلسطين لدى مجلس جامعة الدول العربية، وذلك طبقا لملحق ميثاق الجامعة الخاص بفلسطين؛ وإلى أن يتمكن الشعب الفلسطيني من اختيار ممثليه'.
وحدد الشقيري هدف الكيان الفلسطيني في أول خطاب له أمام مجلس الجامعة، بأن: 'يصبح أهل فلسطين قوة وطنية عاملة، تسهم في تحرير فلسطين، وحمل السلاح لتحريرها بأيدي القادرين على حمل السلاح من أبناء فلسطين'. وأوضح قائلا: 'إن الكيان الفلسطيني، ليس حكومة، ولا يمارس سيادة، وإنما هو تنظيم للشعب الفلسطيني، يتعاون مع جميع الدول العربية، ويهدف إلى تعبئة طاقات الشعب الفلسطيني عسكريا وسياسيا وإعلاميا، في معركة فلسطينية'. وبادر بتسهيلات من الحكومة المصرية إلى زيارة عمّان ودمشق وبيروت وقطاع غزة. كما ألّف وفدا فلسطينيا، من ثمانية عشر شخصا، لحضور دورة الأمم المتحدة عام 1963.
وفي الأول من نوفمبر 1963، عقدت الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة جلسة خاصة، بحثت فيها قضية فلسطين وموضوع اللاجئين الفلسطينيين بصورة رئيسية.
وكان الرئيس المصري الراحل عبد الناصر دعا في الثالث والعشرين من ديسمبر عام 1963 إلى عقد مؤتمر للقمة العربية؛ لبحث التهديدات الإسرائيلية بتحويل مياه نهر الأردن. وانعقد المؤتمر في القاهرة من 13 إلى 17 يناير 1964. وناقشت القمة القضية الفلسطينية والكيان الفلسطيني، واتخذت 'القرارات العملية في ميدان تنظيم الشعب الفلسطيني، وتمكينه من القيام بدوره في تحرير وطنه وتقرير مصيره'.
وفي عام 1964 بدأ الشقيري اتصالاته إثر انتهاء القمة العربية، فعقد اجتماعا مع وفد يمثل اللجنة التنفيذية لـ'الاتحاد القومي الفلسطيني' والمجلس التشريعي في قطاع غزة. ووجه نداء إلى الشعب الفلسطيني في 4/ فبراير 1964، دعا فيه إلى تنظيم شامل، وتعبئة كاملة، لكافة فئات الأمة.
وعرض الشقيري على ملك المملكة الأردنية الهاشمية حسين بن طلال آنذاك الهيكل العام للكيان الفلسطيني، والخطوات التنفيذية اللازمة لإقامته. وأذاع من القدس في 24/ فبراير 1964 مشروع الميثاق القومي الفلسطيني، والنظام الأساسي للمنظمة، باسم 'منظمة تحرير فلسطين'.
وفي 28/ مايو 1964، عقد أول مجلس وطني فلسطيني جلسته الأولى في القدس، وشهدها ممثلون عن الرئيس جمال عبد الناصر، والرئيس العراقي عبد السلام عارف، والرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، والرئيس السوري أمين الحافظ، والرئيس اللبناني فؤاد شهاب، والرئيس السوداني إبراهيم عبود، وأمير الكويت. كما حضرها أمين عام الجامعة العربية عبد الخالق حسونة، ومساعده الدكتور نوفل، ورئيس قسم فلسطين في الجامعة العربية يعقوب الخوري.
وقرر المؤتمرون إعلان قيام منظمة التحرير الفلسطينية، ويكون أحمد الشقيري، رئيسا مكلفا من الدول العربية بتأليف لجنة تنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية برئاسته.
وأقر المجلس الوطني الميثاق الوطني الفلسطيني، والنظام الأساسي للمنظمة. كما تقرر إنشاء صندوق قومي فلسطيني، وتشكيل جيش التحرير الفلسطيني. وأصدر المؤتمر الوطني الفلسطيني بيانا، في ختام جلساته؛ أكد فيه أن قيام منظمة التحرير الفلسطينية، إنما هو لخوض معركة التحرير، ولتكون درعا لحقوق شعب فلسطين وأمانيه، وطريقا إلى النصر.
وعقدت اللجنة التنفيذية أول اجتماع لها في القدس في 25/ أغسطس 1964، وبدأت مسيرة العمل الفلسطيني بقيادة المنظمة.
وعقب هزيمة عام 1967 وتنامي دور الحركات الثورية الفدائية الفلسطينية، قدم الشقيري استقالته من رئاسة منظمة التحرير، وفي 24/ ديسمبر 1967 تسلم يحيى حمودة، رئاسة اللجنة التنفيذية بالوكالة، حيث أعلن أن منظمة التحرير الفلسطينية، ستبذل قصارى جهدها لتوحيد مختلف الحركات الفلسطينية، وستعمل على إنشاء مجلس وطني للمنظمة؛ تتمثل فيه إرادة الشعب، وتنبثق منه قيادة جماعية مسؤولة تعمل على زيادة النضال المسلح، وتحقيق الوحدة الوطنية، وتعبئة الجهود القومية، وتطوير أجهزة المنظمة، بما تتطلبه المرحلة، وخاصة بعد حرب 1967.
وفي الأول من فبراير 1969، انعقدت الدورة الخامسة للمجلس الوطني الفلسطيني، بحضور جميع المنظمات الفدائية، وانتهت الدورة إلى انتخاب الشهيد ياسر عرفات رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ وبذلك، تكون 'حركة فتح'، قد انضمت للمنظمة، بل تولت رئاستها؛ فأصبح الناطق الرسمي باسمها رئيسا للجنتها التنفيذية.
وفي عام 2004 انتخب الرئيس محمود عباس رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية، وذلك عقب اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بتاريخ 11/11/2004، بعد إعلان وفاة الرئيس ياسر عرفات، واستعرضت ما ورد في النظام الأساسي المادة (13)، وتم التحقق من النصاب القانوني من الحاضرين، بالإضافة إلى أربعة أصوات من الموجودين في الخارج، حيث جرى ترشيح الرئيس محمود عباس دون غيره، وقد صوت الجميع لصالحه، وبذلك أصبح منذ 11/11/2004، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومن ثم أعلن سليم الزعنون 'أبو الأديب' رئيس المجلس الوطني أن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، انتخبت محمود عباس رئيسا لها، بعد رحيل الرئيس ياسر عرفات.
يشار إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية تضم أطرا سياسية تتمثل في المجلس الوطني الفلسطيني، والمجلس المركزي الفلسطيني، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وبمشاركة العديد من الفصائل المتمثلة في حركة التحرير الوطني الفلسطيني 'فتح'، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وحزب الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني 'فدا'، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، والجبهة العربية الفلسطينية، وجبهة التحرير العربية، وجبهة التحرير الفلسطينية، وجبهة النضال الشعبي، ومنظمة طلائع حرب التحرير الشعبية (قوات الصاعقة)، إضافة إلى حزب الشعب الفلسطيني.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها