نحن أمام نكبتنا اليوم نعاني نكبات عدة في حقيقة الأمر أولاها المستمدة من تهجيرنا و تشريدنا ولجوئنا بعيدا عن أرضنا و ديارنا وذكرياتنا و أحبائنا ، وتلك الثانية المتمثلة بتفتتنا و بعثرة جهودنا و تفرقنا ، وثالثا نكبتنا في فكرنا وروايتنا وعقلنا الذي ما زال في غالبه مأسورا للسياسة الغربية و المصالح الاستكبارية و الأهداف الصهيونية والرواية التوراتية الأسطورية المشبعة والمحترمة-للأسف- في سجلاتنا العربية الإسلامية .

ونكبتنا الرابعة بعدم قدرتنا على تجاوز المستقرّ القديم الآسن لننطلق للهواء النقي و الفكر المستنير ما دعانا له السيد المسيح ، وما دعانا له القرآن العظيم، أما نكبتنا الخامسة فهي بانكسار القلم و السيف واختفاء الكتاب.

إن النكبة العربية و النكبة الإسلامية و النكبة الفلسطينية اليوم تحتاج لعمل وجهد وتعب، كما تحتاج لفكر و عقل ورؤية هي أيضا بحاجة لبحث و تأمل وفحص ودرس إذ أنه بدون العقول المثقفة و المستنيرة والمنفتحة والمؤمنة والجادة لا أمل يرجى و بدون العلم مقابل الأمية و الجهل لا مستقبل وبدون الأيدي المكافحة لا تغيير و لا يحزنون، بل حزن ومجون

إننا فلسطينيا – وعربيا بحاجة لتكثيف نضالاتنا وتمتين إصرارنا وجعل فلسطين في دمنا و عروقنا، في أنفاسنا ومُقل العيون من خلال الإيمان أولا بالله سبحانه و تعالى وبأننا بإذن الله منتصرون وبحقنا، و فلسطيننا وروايتنا وبحقيقتا، إذ لا عمل مثمر بلا إيمان راسخ و قناعة أكيدة يسددها العمل المخطط و المنظم والمبرمج.

إننا بحاجة لثورة في العقل في البدء وفي آليات التفكير والتأمل و النظر، فالقوالب القديمة بالية متساقطة وكل جديد يعد بجديد آخر ، وكل إضافة تَعِد بنظره مختلفة، وكل بداية صحيحة حتما ستجرنا لنتيجة مثمرة .

إن ثورة العقل العربي في أسّها انقلاب على القديم الفاسد ممثلا بروايات و أساليب بحث وعمل، وطرق نظر وزوايا تفكير وأشكال استنهاض لا غنى عن تغييرها لنرتقي ونتطور ونتقدم .

نضع نصب أعيننا فلسطين فنتقدم ، أما إن وضعنا مصالحنا الذاتية أو الحزبية أو الفئوية مقدمة على ذلك فنحن حتما ننعزل ونتقوقع وننحدر و يغلبنا الآخرون ، ونضع نصب أعيننا فلسطين فقط لا القائد (س) و لا القائد (ص)   فنسمو ونعمل ونبتسم ونغضب وننتفض فقط لفلسطين فتصبح المقاومة الشعبية فعلا يوميا ومنهج حياة في شربة الماء وكوب الحليب وحبة البندورة و لبن الجنيدي و الصابونة النابلسية ونظرة الغضب الشعبي في وجه المحتلين.

لا بد من تعميق فعل المقاطعة الاقتصادية في الداخل والخارج ، عند العرب كما عند الأوروبيين، فمن قال إننا أمة عاجزة هو العاجز المستكين الذي لا يريد بذل أي جهد، ومن قال أننا لا نعرف (الجودة ) هو الرديء العقل الاستهلاكي المسعى.

في السياق القانوني لا بديل لنا عن المقارعة بسيف الشرعية الدولية والانضمام لكافة المؤسسات و المعاهدات الدولية التي تكرس فلسطين دولة مستقلة عضو مراقب ثم عضو عامل في الأمم المتحدة

تخوض القيادة الفلسطينية معركة سياسية دبلوماسية نرى في استمرارها ضمن مبادئ أهمها رفض المعروض الإسرائيلي وعدم الانحناء للقليل الأمريكي ورفض الانصياع بالوعود الكذابة، وعدم تقبل تخرّصات (نتنياهو) والتسلح بالشعب و الوحدة الوطنية وبرنامج العمل المشترك فلسطينيا و عربيا و إقليميا.

إن السعي الوحدوي هو تحديد لمصير ، ورسم لمستقبل منير لا يمكن أن تطفئه مناورات الإسرائيليين وخداعهم إذ لا جدال على متانة الموقف – مع تعدد الآراء ووجهات النظر – متى ما كان الصوت واحدا في مواجهة العدو ، فلكم المجد يا أبناء فلسطين ويا أبناء الأمة ، إذ بوحدتنا تخرس أصوات الضلال ، وبعروبتنا وامتنا الإسلامية وسياقنا المسيحي تسير قاطرتنا .

مهما قلنا عن العقل و الوعي و الإدراك فان تلويثه قد تم، منذ القدم، لذا وجب تطهيره بإعادة بناء الفكر وزوايا النظر والتجدد والإبداع، وبناء الرواية الصحيحة بتخليصها من الروايات المكذوبة ومن هنا تبدأ العاصفة

[1]في رده على محاوريه بأحد المقابلات الرائية (=التلفزية) قال عضو الجنة المركزية لحركة فتح توفيق الطيراوي:"" أنا أقول رأيي بأمانة، ومن الأمانة أن أقول للقائد ما يجب أن يسمعه لا ما يحب أن يسمعه"".