يبحث وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم بالقاهرة آخر تطورات القضية الفلسطينية، وتعثر المفاوضات بسبب استمرار العنجهية والغطرسة الإسرائيلية بفعل التوسع الاستيطاني، ونكث ما اتفق عليه في الإفراج عن الأسرى ما قبل اتفاق اوسلو.

في هذا الاجتماع ستكون فلسطين على طاولة الدبلوماسية العربية، التي ينتظر منها أن تبحث كذلك في مصير المبادرة العربية للسلام، التي لم تجد أي قبول من الجانب الإسرائيلي، وضرورة البحث في آليات الضغط العربي، ونقاط القوة العربية التي يمكن استخدامها لدعم صمود الشعب الفلسطيني، ومساندة الرئيس محمود عباس في معركة تجسيد خيار الدولة الفلسطينية على ارض الواقع، خاصة في ظل المحاولات الإسرائيلية للوقيعة بين الرئيس والحكومات العربية، لتدمير اجتماع القاهرة قبل أن يبدأ.

الحكومة الإسرائيلية المتطرفة لم تكتف بالتوسع الاستيطاني، والتراجع على ما اتفق عليه، في الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى، بالإضافة إلى خطوات تهويد القدس، وتدنيسه الذي أصبح سلوكا يوميا يستهدف استفزاز مشاعر الفلسطينيين والعرب والمسلمين، بل مضت إلى خطوة أكثر وقاحة حينما أعلنت "ليفني" أنها ستلجأ إلى الحكومات العربية لحصار الرئيس عباس ومقاطعته للضغط عليه للقبول بمطالب دولة الاحتلال بالاعتراف بيهودية الدولة.

"ليفني" سيئة السمعة تشعر المواطن العربي من خلال تصريحاتها أن دولة الاحتلال عضو في الجامعة العربية، وان الحكومات العربية تقف إلى جانبها وتوافقها في اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني من خلال صمتها المستمر على هذه الاعتداءات، وبالتالي الدبلوماسية العربية الآن أمام اختبار حقيقي لنصرة القضية الفلسطينية والرئيس محمود عباس، الذي أعلنها بشكل واضح أن السلام لن يكون على المقياس الإسرائيلي او الاميركي، وإنما وفق الثوابت الفلسطينية وقرارات الشرعية الدولية، التي تكفل حلا عادلا وشاملا في المنطقة.

الشعب العربي الفلسطيني وقضيته تمر اليوم في مرحلة عصيبة وتحتاج إلى أوسع دائرة من التضامن والإسناد، من الدبلوماسية العربية والدولية، خاصة بعدما كشر أقطاب اليمين الإسرائيلي المتطرف عن أنيابهم، وأطلقوا تهديدات واضحة بحق الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، ما يدعو الى وجود موقف عربي حاسم تجاه هذا التطرف الإسرائيلي الذي يهدد السلام والاستقرار في المنطقة.

تربط فلسطين وشعبها بالوطن العربي والأمة العربية، علاقة عضوية أصيلة، ومصير مشترك متأصل تاريخيا وشعبيا، وهي عضو أساسي في جامعة الدول العربية، وبالتالي أصبحت الدبلوماسية العربية مطالبة بالانتقال من مربع المراقبة إلى مربع المبادرة والمقاومة، وعدم ترك الشعب الفلسطيني وقيادته وحدهم في معركة تقرير المصير وترسيخ أسس الدولة الفلسطينية في المؤسسات الدولية.

وأمام المتغيرات العربية، وفي ظل التسلط والغطرسة الإسرائيلية التي تهدد خيار السلام، لابد أن تكون نتائج هذا الاجتماع العربي الطارئ مختلفة وحاسمة، وأن يخرج عن نمطه الاعتيادي يمكن من خلاله استعادة الأمة العربية لإرادتها القومية كاملة، والتعامل مع القضية الفلسطينية باعتبارها قضية قومية تتصدر اهتمامات القضايا العربية، والمبادرة بإسناد الشعب الفلسطيني، ليتمكن من مواجهة المخططات والضغوطات التي تمارس عليه للتنازل عن حقوقه المشروعة وتصفية القضية الفلسطينية.