ليس من الإنصاف، ولا من العدل والموضوعية، تحميل حركة "حماس" وحدها مسؤولية العبث بمعادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، العبث الذي جسدته أولاً بانقلابها الدموي العنيف على الشرعية الفلسطينية، الدستورية، والوطنية، والنضالية، وثانيًا بشعاراتها الاستعراضية، ونهجها الإخواني، وثالثًا بتبعيتها لطهران، وتمويلاتها التي بلغت 250 مليون دولار سنويًا، وهذه التبعية هي التي فرضت عليها قرار "الطوفان" الذي تذرع به رئيس الحكومة الإسرائيلية "بنيامين نتنياهو" ليصب نيران حرب الإبادة على قطاع غزة، وأهله الأبرياء من قرار الطوفان.

ليست "حماس" وحدها من يتحمل مسؤولية هذا العبث الذي أطاح بواقعية موازين القوى في معادلة هذا الصراع، لصالح أوهام الصواريخ العبثية.
ليست "حماس" وحدها، بل تتحمل المسؤولية معها قوى وفصائل وفضائيات إخبارية، ومنصات إعلامية عديدة ساهمت في تكريس العبث العدمي بمعادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وحتى بمعادلة الصراع العربي الإسرائيلي، بدلالة العدوان الإسرائيلي على لبنان، وتوغله في الأراضي السورية، بعد سقوط نظام الأسد.

من أطلق شعار "وحدة الساحات" يتحمل جزءًا من هذه المسؤولية، من تعامل مع سلطة الانقلاب الحمساوية، وربت على أكتافها، وراهن على وعودها، وخطاباتها الثورجية، يتحمل جزءًا من المسؤولية، من واصل إنصاف المواقف تجاه الصراع بين المشروع الوطني التحرري، ومشروع الجماعة الإخونجية، ومن طبل وما زال يطبل لمحور الممانعة، ومزاعم هذا المحور التي تبخرت تمامًا، مع محورها، يتحمل جزءًا من المسؤولية، خلطة من الطروحات العدمية، والاستعراضات الاستهلاكية واصلها، وعلى نحو محموم، كل هؤلاء من على شاشة فضائية الخديعة والضلال التي باتت أكثر تطرفًا، وأكثر نزقًا، وأكثر عدوانية في تحريضها على الوطنية الفلسطينية وسلطتها الشرعية، ولأصحاب هذه الشاشة تحديدًا، نقول: لقد تخلقت قبل هذا اليوم، طحالب كثيرة في مستنقع التحريض العفن، الذي ما زالت شاشتكم تعوم فيه، مخلفة ما تشتهون من روائح كريهة. لكننا هنا في فلسطين، بشعبنا الصامد المثابر، وسلطتنا الوطنية، ومشروعنا التحرري، لا يصيبنا من الروائح، غير رائحة الميرمية، والزعتر البلدي، والريحان الملكي، وزهر الليمون حين تفتحه، لا يفوح بغير رائحة مستقبل الحرية والاستقلال، وفي المحصلة لن نردد غير ما جاء في الكتاب العزيز الحكيم "لكم دينكم، ولي دين"، "فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر" صدق الله العظيم.