قال الرئيس محمود عباس 'إن الأفق السياسي اصبح مغلقابسبب السياسات الإسرائيلية المتعنتة'. 

وأكد الرئيس في لقاء خص به مجلة 'الموقف' التي تصدرعن هيئة التوجيه السياسي والوطني، 'نحن لم نكف يوما عن التأكيد على رغبتنا في مفاوضاتجدية مباشرة ومثمرة، وخلال كل جولات التفاوض، بما فيها المحادثات الإستكشافية في عمان،قدمنا رؤيتنا وتصورنا لحل القضيتين الأبرز وهما الحدود والأمن، لكن الجانب الإسرائيليلم يقدم شيئاً مكتوبا، واكتفى بإعلان اصراره على الإحتفاظ بسيطرته على منطقة الغوروالحدود الشرقية، واستمراره في التوسع الإستيطاني بمعدلات خطيرة للغاية ما يعني استحالةقيام دولة فلسطينية مستقلة، اذن باتت المفاوضات أمراً غير ذي مغزى ولا طائل من ورائها' . 

وأضاف سيادته 'سنرسل خطابنا إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي،وسنجمل فيه محطات عملية السلام والموقف الراهن، وفي الوقت نفسه قدمنا للجنة الرباعيةالدولية رأينا وتصورنا، وفي حال لم نجد استجابة مشجعة فإننا سنكون أحراراً في رسم خطواتناالمقبلة، سنذهب إلى الجمعية العامة للامم المتحدة، وإلى كل المنظمات الدولية المنبثقةعنها، وسنتابع تحركنا الدبلوماسي الرامي إلى عزل السياسة الإحتلالية وكشف الأطماع الإسرائيليةفي أرضنا ومياهنا ومقدساتنا، إلى أن ينتبه العالم إلى حقيقة ان السلام يحتاج إلى دوردولي أكثر حزما وأكثر فاعلية وتأثيراً' . 

وحول المصالحة الوطنية قال سيادته، 'بعد إتفاق الدوحةالذي تم مع رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، سمعنا تصريحات من هنا وهناك تشيرإلى وضع داخلي مضطرب في حماس، وإلى رفض بعض قياداتها الإتفاق الذي تم التوصل إليه.نحن لا شأن لنا بما يجري داخل حماس، لكننا ننتظر الجواب من السيد مشعل نفسه الذي يواجهربما وضعاً صعباً ومعارضة قوية، لن نيأس من إتجاهنا إلى المصالحة وسنستمر في محاولاتناإعادة اللحمة إلى وطننا وشعبنا لأنه لا يجوز استمرار هذا الوضع، ولا يمكن لنا التقدمبإتجاه الإعتراف العالمي بحقنا في دولة مستقلة وفي العضوية الكاملة في الأمم المتحدةإذا استمر انقسامنا'. 

وفي جواب لسؤال الموقف حول رؤية سيادته لبنية المؤسسةالأمنية وأذرعها المختلفة قال، 'ما حققته مؤسستنا الأمنية من إنجازات هو مبعث فخر لنا،لقد استطاعت في فترة قياسية بسط سيطرتها وتحقيق الحد الأعلى من الأمان للمواطن الفلسطيني،وهي في الوقت نفسه مارست دورها بأقصى قدر من الشفافية وإحترام الحقوق العامة والإلتزامبالقانون، وتمكنت من التصدي للظواهر الشائنة في مجتمعنا من تهريب وتعدٍ على الملكياتوحيازة الأسلحة ومقاومة النظام العام. لسنا نحن فقط من يشهد بذلك، فكل المؤسسات الدوليةالمعنية أظهرت إعجابها بما حققناه من إنجازات على صعيد الأمن، وبما وصلت إليه مؤسستناالأمنية من تقدم في أدائها وفاعليتها وإنضباطها، وهذا يؤكد إن مؤسستنا على أتم الإستعدادلتولي المسؤوليات الأمنية الناشئة عن قيام الدولة الفلسطينية'. 

ولفت سيادته إلى أن السلطة الوطنية حققت ما كانت تطمحله بالنسبة لمحاربة الفساد، 'أنشأنا هيئة مكافحة الفساد، وعممنا إقرارات الذمة الماليةعلى كبار الموظفين وأوضحنا بشكل قاطع أن لا أحد فوق القانون، وقد تأكد ذلك للجميع بالفعل،فقد أحيل وزراء ومسؤولون كبار إلى التحقيق في ما نسب إليهم من إتهامات، واسترجعنا مساحاتمن الأراضي وأموالاً عامة كانت قد اختلست. نحن راضون طبعاً عن هذا المستوى من الإنجازوسنتابع طريقنا نحو حماية المال العام بأشد ما يمكن من الصرامة، مع حرصنا في الوقتنفسه على التدقيق في كل تهمة وفي كل إدعاء خشية أن يكون كيدياً فنلحق الأذى بالأبرياء،وأود التنبيه هنا إلى أننا سنلاحق أصحاب الإدعاءات الكيدية عندما يثبت بطلان إدعاءاتهمكي نحمي الأبرياء من الظلم'.  

وبالنسبة لبناء منظومة للقضاء قال الرئيس، 'لا تكتملالسلطة بمعناها العام إلاّ بوجود أركانها الثلاثة، التنفيذية، والتشريعية، والقضائية،ولا يمكن تحقيق الأمن ومقاومة الفساد إلا بوجود جهاز قضائي فعال يتكفل بحماية الحقوقالعامة والخاصة ويفرض الجزاء على من ينتهك هذه الحقوق، لقد حقق جهازنا القضائي نقلاتنوعية في سرعته وأدائه، واكتسب احتراما داخليا وخارجيا بوصفه جهازاً مستقلاً لا يخضعللأهواء السياسية والحزبية، لقد لاحظتم بالتأكيد كم تصدت محاكمنا لقضايا كانت الحكومةطرفا فيهاً، وعندما صدرت الأحكام وكانت في غير صالح الحكومة عرف الجميع مدى إستقلاليةونزاهة القضاء الذي لا يحتكم إلاّ للعدل والقانون'. 

وفي موضوع قطاعي التعليم والصحة قال سيادته، 'إذا ماعدتم إلى المؤشرات الرقمية للتطور في حقل الصحة وحقل التعليم ستلاحظون إلى أي حد قداستجبنا للضرورات والإحتياجات العامة لأبناء شعبنا، إن الموازنة العامة للسلطة الوطنيةالفلسطينية تخصص الجزء الأكبر من النفقات لهذين القطاعين الحيويين اللذين يمثلان أولويةقصوى، وبفضل ذلك تحققت منجزات ملموسة من ازدياد في الإعداد وتحسن نوعي في الخدمات،غير أننا ما زلنا في حاجة إلى مزيد من الإرتقاء بتلك الخدمات حرصاً على مصالح مواطنيناالذين يستحقون الأفضل، إنني أهيب بكل العاملين في الصحة والتعليم ان يبذلوا كل ما فيوسعهم من جهد مخلص دؤوب لخدمة المواطن والوطن وأنا على ثقة من أنهم سيفعلون ذلك دونتردد'. 

وحول قضية الأسرى قال الرئيس عباس، 'طالت عذابات أسرانا،وازدادت معاناتهم صعوبة ومرارة، إذ فوق قيود السجن تفرض سلطات الإحتلال عليهم إجراءاتعقابية قاسية وعنصرية، من عزل إنفرادي وحرمان من الزيارة وتفتيش مهين، وأخيراً ما تفتقعنه ذهن تلك السلطات من اخضاع السجناء لفحص الحمض النووي. 

إن قضية أسرانا هي واحدة من أهم القضايا التي نطرحهاكبند ثابت سواء في المفاوضات مع الإسرائيليين أو في محادثاتنا مع قادة العالم، ولننكف عن ذلك حتى يخرج آخر سجين فلسطيني إلى الحرية'. 

وبالنسبة لموضوح 'حل السلطة' الذي يردده بعض الساسةكأحد الخيارات الفلسطينية للرد على الوضع القائم، قال سيادته، 'هذا ليس واحداً من خياراتنا،ولم يسبق أن قلنا أننا قد نحل السلطة، ما قلناه هو أن السلطة الوطنية الفلسطينية قدنشأت كأداة لإجتياز المرحلة الإنتقالية ولنقل الشعب الفلسطيني من الإحتلال إلى الدولةالمستقلة، وإذا لم تحقق السلطة هذه الغاية فإنها ستكون قد فقدت أحد أسس تكوينها، وهذايعني أن على العالم التدخل بشكل فعال والضغط على إسرائيل بشكل مباشر لثنيها عن سياساتهاالمتشددة كي لا نصل إلى وضع تفقد فيه السلطة كل مبررات وجودها'. 

وتطرق سيادته لاستباحة إسرائيل لمواردنا وقال، 'اسرائيلتمارس سياسة البلطجة المكشوفة علينا دون رادع ودون خشية من محاسبة، وهي تستخدم مواردناالمالية كجزء من أدوات الضغط علينا، سبق أن فعلت ذلك وستفعله مستقبلاً بالتأكيد، لقدطرحنا هذا الأمر أمام أشقائنا العرب وأوضحنا لهم وضعنا المالي الصعب، وفي قمة بغدادتم اتخاذ القرارات الخاصة بدعم الشعب الفلسطيني مالياً بالإجماع، يبقى أن نرى التنفيذفي الواقع نرجو أن ينفذ الأشقاء العرب قراراتهم وإلتزاماتهم'. 

يذكر أن مجلة الموقف انطلقت منذ شهر أيلول الماضي عنهيئة التوجيه السياسي والوطني، وتتناول في أعدادها التي تصدر بشكل القضايا السياسيةوالثقافية والفكرية والتعبوية التي تتعلق بالقضية الفلسطينية.