في صباح يوم الجمعة، التاسع من نيسان عام 1948، كانتقرية دير ياسين الواقعة على بعد 6 كم غرب مدينة القدس المحتلة، على موعد مع مذبحة نفذتهاعصابتا 'أرغون' و'شتيرن' الصهيونيتان، بقيادة 'مناحيم بيغن' والتي وراح ضحيتها أكثرمن 245 شهيدا من سكان القرية العزل، وجرح 300 آخرين.

وحدثت المجزرة بعد أسبوعين من توقيع معاهدة سلام طلبهارؤساء المستوطنات اليهودية المجاورة، ووافق عليها أهالي قرية دير ياسين، حيث قاماتالعصابات بمهاجمة سكان القرية وفتكت بهم دون تمييز بين الأطفال والشيوخ والنساء، ومثلتبجثث الضحايا وألقت بها في بئر القرية، وكانت غالبية الضحايا من النساء والأطفال والشيوخ.

وفي تفاصيل المجزرة قامت عصابتا (الأرغون وشتيرن) الصهيونيتانبشن هجوم على قرية دير ياسين عند الساعة الثالثة فجرا، متوقعة أن يقوم أهالي القريةالبالغ عددهم نحو 750 نسمة، في ذلك الوقت بالفرار من القرية، خوفا على حياتهم، وهوالسبب الرئيسي من الهجوم، ليتسنّى لهم الاستيلاء على القرية.

وتشير التقارير إلى أن العصابات الصهيونية التي سبقتهاسيارة مصفّحة بالهجوم على القرية، تفاجأت بإطلاق سكان القرية النيران عليهم، ما أدىلسقوط 4 قتلى و32 جريحا من العصابات الصهيونية التي هاجمت القرية.

وبناء على طلب من العصابات التي اقتحمت دير ياسين قامتقيادة الهاجاناة في القدس بتقديم المساعدة لهم وإرسال التعزيزات، التي تمكّن المهاجمينمن استعادة جرحاهم وفتح الأعيرة النارية على القرويين دون تمييز بين رجل أو طفل أوامرأة، ولم يكتفوا بذلك، بل قاموا بأخذ عدد من القرويين الأحياء بالسيارات واستعرضوهمفي شوارع الأحياء اليهودية وسط هتافات اليهود، حيث جرت أبشع أنواع التعذيب في انتهاكلجميع المواثيق والأعراف الدولية.

ولم يُسمح للصليب الأحمر بالدخول إلا بعد ثلاثة أياممن الهجوم، وسمح للممثل الرئيسي للجنة الصليب الأحمر الدولية في القدس جاك رينير، بزيارةالقرية المحاصرة حيث قال، ' العصابات في لباس عسكري موحّد، الكلّ بمن فيهم الصغار وحتىالمراهقون من رجال ونساء، مسلّحون بشكل كثيف بالمسدّسات، والرشاشات، والقنابل، والسكاكينالكبيرة أيضا وهي ما زالت دامية وهم يحملونها في أياديهم، شاهدت شابة صغيرة لها عيونإجرامية، رأيت سلاحها وهو ما زال يقطر بالدم وهى تحمل السكين كوسام بطولة، هذا هو فريقالتطهير الذي بالتأكيد أنجز المهمة بشكل مرضٍ جدا'.

وأفاد تقرير لـ'نيويورك تايمز' في ذلك الوقت، بأن نصفالضحايا من النساء والأطفال، بينما أُخذت 70 امرأة أخرى مع أطفالهن إلى خارج القرية،وسُلمن لاحقا إلى الجيش البريطاني في القدس'.

وكانت صحيفة 'نيويورك تايمز'، نقلت في البداية تقريرافحواه أن 'الهاجاناة' احتلت دير ياسين غداة المجزرة، وتحديدا بتاريخ 10 نيسان، فيماقالت لاحقا إنهم احتلوا القرية 'رسميا' في 11 نيسان.

وتعتبر مجزرة دير ياسين مسرحا لأبشع مجازر الحرب وأشدّهادموية، التي أصبحت مضربا ونموذجا للفظاعات التي ارتُكبت بحق الفلسطينيين عام 48، وأصبحتأثير المجزرة في هجرة الفلسطينيين موضوع سجال كبير في مختلف الأوساط.

دير ياسين ليست المجزرة الأولى التي ترتكبها العصاباتالصهيونية بحق الشعب الفلسطيني، فهناك مجزرة مدينة الّلد التي حدثت بتاريخ11/7/1948م، ونفذتها وحدة كوماندوز بقيادة موشيه ديان وراح ضحيتها 426 شهيدا، كذلكمجزرة صبرا وشاتيلا، وطبريا، وقرية أبو شوشة، وقرية الشيخ حارة، وقلقيلية، ومذبحة كفرقاسم، ويازور، ومذبحة صفد.  

وفي صيف عام 1949 استقرت مئات العائلات من المهاجريناليهود بالقرب من دير ياسين، وأطلق على المستعمرة الجديدة اسم 'غفعات شاؤول بت' تيمنابمستعمرة 'غفعات شاؤول' القديمة التي أنشئت عام 1906، ولا تزال القرية اليوم قائمة،في معظمها على التل، وضُمت إلى مستشفى الأمراض العقلية الذي أنشئ في موقع القرية، ويستعملبعض المنازل التي تقع خارج حدود أراضي المستشفى، لأغراض سكنية أو تجارية، وثمة خارجالسياج أشجار الخروب واللوز، أما مقبرة القرية القديمة، الواقعة شرقي الموقع، فقد اكتسحتهاأنقاض الطريق الدائري الذي شُقّ حول القرية وما زالت شجرة سرو باسقة وحيدة قائمة وسطالمقبرة حتى اليوم.

واستمر مسلسل المجازر الإسرائيلية بحق شعبنا، حيث كانآخرها عملية الرصاص المصبوب، التي شنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة أواخر عام2008 وتواصلت حتى بداية عام 2009، وراح ضحيتها أكثر من 1000 شهيد ومئات الجرحى معظمهممن النساء والأطفال، حسب منظمات حقوق الإنسان. 

وكانت السلطة الوطنية الفلسطينية، قد تقدمت بطلب للمحكمةالجنائية الدولية، للتحقيق في الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في الأرض الفلسطينية، فيماردت المحكمة أن هذا الملف يجب أن يعود للهيئات المختصة في الأمم المتحدة للبت فيه قانونيا؛لأن فلسطين لا تعتبر دولة في الأمم المتحدة ولا يمكنها الانضمام إلى اتفاقية 'روما'المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية.

وفي هذه الحالة فإن هناك خيارين أمام السلطة الوطنيةلتفعيل طلبها أمام المحكمة الجنائية، إما أن تتوجه إلى الأمم المتحدة لنيل دولة غيرعضو ومن ثم الانضمام إلى اتفاقية روما والثاني بأن تذهب إلى الغرفة التمهيدية لقضاةللمحكمة، أو الذهاب للجمعية العامة للدول الموقعة على اتفاقية 'روما' لأخذ قرار حولطلب فلسطين، وذلك حسبما أعلن وزير الخارجية رياض المالكي.