لاأعد الجولات (منذ ما قبل "الرصاص المصبوب"). لا أعد الهدن (منذ اتفاقيةالمعابر للست رايس، وإلى الانسحاب الأحادي، وإلى الرصاص المصبوب، وصفقة شاليت). لاأعد البيوت الغزية المدمرة. لا أعد الصواريخ العبثية والإغارات غير العبثية..شاهدنا هذا الفيلم كذا مرة، وسنشاهده كذا مرة!

حتىإنني لا أعد قتلانا الشهداء، وجرحاهم في المقابل.. كل هذا ينمحي في تلافيفالذاكرة، لكن ها هي صافرات سيارات الإسعاف مرة أخرى تولول وهي تحمل الضحايا إلىالمستشفيات، ومن المستشفيات إلى ثلاجات الموتى، الذين سيشيعونهم في الغداة بخطىسريعة أقرب إلى الهرولة.

أمس،مع جولة جديدة، ستليها هدنة متجددة، كأن يداً من حديد عصرت قلبي: بعض الجثث صارتأشلاء في صرر فوضوية، يدفعونها إلى الثلاجة بصعوبة أكبر من صعوبة الجثث غيرالأشلاء.

ستسنوات من الجولات والهدن؛ ومن الحصار والأنفاق. وست سنوات على عمل – توقف جزئي –توقف كامل لمحطة كهرباء غزة، وعلى حكومتين فلسطينيتين محكومتين بالاحتلالوالحصار.. وما بينهما من جولات الصلحة والحوار، الذي ينتظر الآن انقشاع الربيعالعربي بعد سنوات وسنوات.

..وفي النتيجة: مشروع المقاومة في مأزق ومشروع التسوية السياسية في مأزق، ومشروعالصلحة في مأزق، أين منه مأزق التنسيق بين إسرائيل وأميركا حول العقوبات الشالةلإيران ومشروعها النووي، أو موعد الضربة الإجهاضية، وهل تكون إسرائيلية أمأميركية.

فيالشعار أن "غزة أرض العزة" وأما في الواقع المر، فإن غزة هي كف عاريواجه المخرز الإسرائيلي. كل شيء ينتظر الهدنة الجديدة، وقدرة سلطة حماس على ضبطالفصائل من "ردود مزلزلة" إلى مزيد من الجثث في ثلاجات الموتى.

يدمن حديد تعصر قلبي، دون حاجة إلى تقرير "رويترز" عن ألاعيب"حماس" التجارية بصدد محطة الكهرباء، واتهامات حماس لمصر، التي تريدسعراً تجارياً لتزويد المحطة حاجتها من الطاقة. الشيكل الإسرائيلي صار يعادلجنيهين مصريين.. فلماذا تربح "حماس" من تجارة الأنفاق ووقود الأنفاق،وضرائب الأنفاق، ولا تريد دفع ثمن السولار المصري.

فيبيانات الفصائل أنها تحتسب عند الله شهداء ارتقوا، وعلى شاشة التلفزيون يدفعون بالأشلاءإلى ثلاجات الموتى.

ألايقول أحد: مشروع حماس فاشل في المقاومة وفي الشعار السياسي، وفي انتظار"الربيع العربي".. وهو فاشل في شروط الصلحة، وفي تأمين شروط صمود الناسأيضاً!

كانتغزة مرشحة "نموذجاً فلسطينياً" صارت نموذجاً لأرض الخراب!

ناصرالقدوة

الأمينالعام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان اختير سفيراً للنوايا السياسية الحسنة إلىسورية، فاختار له مساعداً هو الدبلوماسي الفلسطيني ناصر القدوة. هذا تعيين مهمجداً، للفلسطينيين ولحركة "فتح" وله شخصياً في تتويج عمله الطويلوالدؤوب من اتحاد طلاب فلسطين، إلى تدريبه الدبلوماسي على يد شيخ الدبلوماسيينالفلسطينيين المرحوم زهدي الطرزي، إلى مندوب فلسطين في الأمم المتحدة، حيث لعبدوراً حاسماً في قرار محكمة لاهاي الدولية حول لا شرعية جدار الفصل.

قدلا ينجح كوفي عنان في حل سياسي للأزمة السورية، على قاعدة قرارات الجامعة، أو قاعدةقرارات الأمم المتحدة، لكن اختياره لدبلوماسي فلسطيني ليساعده، يعني نجاحاًللدبلوماسية الفلسطينية، مع فتح أفق لتكليفه في مهمات أخرى ونزاعات إقليمية ودوليةأخرى.

ناصرالقدوة شخص محترم، ذو خبرة طويلة في السياسة الدولية. شخص وطني وواقعي يحمل إرثومدرسة ياسر عرفات.