أن يفضل الصحفي الخيار المهني ذا الطابعالوطني على الواجب والحق بحضور مؤتمر نقابته فهذا عين الصواب, لكن أن ينسحب صحفي منمهمة مهنية وطنية ويلجأ الى زاوية فيعمل على التشهير والتشكيك بشرعية مؤتمر نقابة الصحفيين,فهذا يبدو كمن يفقأ عينه بمخرز.لم يتمكن عدد من الزملاء الصحفيين والمراسلين من حضورفعاليات افتتاح مؤتمر نقابتهم يوم الجمعة الماضي, لأنهم كانوا على موعد مع الواجب المهنيوالوطني, مع جماهير المقاومة الشعبية السلمية في كفر قدوم بقلقيلية, وبلعين ونعلينوالنبي صالح في رام الله وشارع الشهداء بالخليل, والقدس, حيث آثر الصحفيون الوطنيونالديمقراطيون التقدميون المؤمنون بقيم الحرية ايصال الحقائق والوقائع كحقوق للجمهورعلى حساب حقوقهم وواجباتهم النقابية, فالعين الثالثة الشاهدة، ما كان لها ان تغيب فيميدان المواجهة الشعبية السلمية مع الاحتلال الاستيطاني, ايا كان السبب... تجذبهم وحدةالوطن والمعاناة الانسانية لشعب فلسطين فأجلوا اعمال مؤتمرهم وعملية الاقتراع الى حين,واصطفوا محتشدين منددين بالغارات الاسرائيلية على قطاع غزة, فالى هناك لا يستطيعونالوصول, لكنهم يستطيعون ايصال اصواتهم, أنا معكم يا اهلنا يا احبتنا في جنوب الوطن...قطاع غزة مبتلى بنار الاحتلال من جهة ونار الانقسام من الجهة الأخرى , فهنا ترك صحفيونمهمة تغطية ومتابعة احداث ووقائع الغارات الاسرائيلية على قطاع غزة, تركوا الضحايا,والدماء والدموع, ليركنوا في زاوية انقسام مقيت, يذرفون دموع التماسيح, يرون بيوميالجمعة والسبت الفائتين يوما أسود ليس لأن الاحتلال قد قتل خمسة عشر فلسطينيا بينهمقياديون في ألوية الناصر صلاح الدين وسرايا القدس واصاب ثلاثة اضعاف هذا العدد بجراح,وانما بسبب تحرر نقابة الصحفيين من جبروت تهديداتهم, وبسبب إصرار أمانتها العامة علىاجراء الانتخابات في موعدها واشتراك الصحفيين في قطاع غزة بأعمال المؤتمر والتصويتبكل الوسائل الممكنة وهذا ما تم, وبسبب اقتناع اتحاد الصحفيين العرب والاتحاد الدوليللصحفيين بشرعية مؤتمر نقابة الصحفيين الفلسطينيين وانتصاره لهذه الشرعية بحضور ممثلينعن هذه المنظمات الأهم الممثلة للصحافة العربية والعالمية مؤتمرها العادي الذي انعقدقبل يومين من الآن في قاعة الشهيد فتحي عرفات للمؤتمرات في المركز الرئيس للهلال الأحمرفي رام الله. صانعو مظاهرة «اليوم الأسود» -هي فعلا كذلك- سابقة في تاريخ الصحافة الفلسطينية,فنحن لم نشهد في تاريخنا انكفاء صحفيين او انسحاب صحفي من ميدان المهنة, أو ترك منصةالشهادة على جرائم الاحتلال, ليقف على خشبة «جماعته» أو«كتلته» او حزبه ليبث الاهاناتومصطلحات الذم والقدح لزملائه في النقابة – المئات – ولممثلي الاتحادات العربية والدوليةوالشخصيات الرسمية..لكن هذا قد حدث فالذين في نفوسهم غرض حزبي وفئوي ومرض الاستعلاءوالاستكبار قد نجحوا, فجنحوا بمركب اللانقابيين عند صخور المنقلبين على ارادة الصحفيينالنقابيين, لظنونهم انها المرفأ !!.فاز الصحفيون النقابيون ليس في الانتخابات وحسب,بل بتعميم ارادتهم على كل المؤسسات والنقابات والاتحادات التي ما زالت تعاني من فاسدينيستغلون الانقسام لتعطيل مسيرة تقدم وتحرر الفلسطينيين, فإصرار النقابة على مؤتمرهاوالانتخابات يعني قطع الصلة مع مرحلة الابتزازات, فالشرعية لا تكتسب بالبلطجية واحتلالالمقرات وتهديد المهنيين والنقابيين, ولا تكتسب بفرض أمر واقع تحت التهديد أو الاستقواءبحملة سلاح.لقد فتح الصحفيون النقابيون في العاشر من آذار سجلا جديدا لتاريخ نقابتهم,يأخذونها الى حيث يجب ان تكون, نقابة مهنية للجميع, للصحفي المستقل, للمتحالفين معمبادئ الحرية والديمقراطية, يرتقون بها وترقى بهم, ينشدونها نقابة تشد بعضهم بعضا لاتفرق نظرية سياسية او كراسة حزبية بينهم, يحكم بينهم النظام والقانون, يحمون بعضهمبعصب وعيهم المؤثر, فالعصبيات الحزبية قد تحمي محترفا او هاويا, لكنها لا تقوى علىحماية رسل الحقيقة, فمثل هؤلاء أكبر من اي فضاء.نجح الصحفيون النقابيون المدافعون عنقيم الحرية في نقابتهم الشرعية.. وفشل المتصفحون المنقبون في المناجم الفئوية عن «نقابة»وهمية.