استشهد ثلاثة ناشطين ينتمون الى سرايا القدس، الجناح المسلح لحركة الجهاد الاسلامي، في غارة جوية شنتها طائرات الاحتلال الحربية جنوب قطاع غزة، بينما استشهد الشاب فداء محيي الدين مجادلة وأصيب شاب آخر خلال مطاردة قوات الاحتلال لمركبتهما التي كانا يستقلانها قرب حاجز جبارة جنوب مدينة طولكرم، جاء ذلك في الوقت الذي شيعت فيه جماهير نابلس القاضي الاردني من أصل فلسطيني رائد زعيتر الذي لف نعشه بالعلمين الفلسطيني والأردني. وشيعت محافظة رام الله والبيرة الشهيد الشاب طالب الاعلام في جامعة بيرزيت ساجي درويش إلى مثواه الأخير في مقبرة قرية بيتين.

وفي القطاع شيعت الجماهير في محافظة خان يونس الشهداء: إسماعيل حامد عبد أبو جودة (23 عاما)، عبد الشافي صالح محمود أبو معمر (33 عاماً)، وشاهر حمودة محمود أبو شنب (24 عاما) الذين سقطوا في غارة جوية قرب معبر صوفا، وبذلك يكون الاحتلال قد نشر القتل والجنازات في الضفة وقطاع غزة.

وقال جيش الاحتلال إن طائرة استهدفت أعضاء الجهاد الذين كانوا قد أطلقوا قذيفة مورتر على قواته. وأضاف "تأكد وقوع إصابات مباشرة". وقالت حركة الجهاد الإسلامي إن رجالها هاجموا جنودا إسرائيليين دخلوا قطاع غزة عبر السياج الحدودي الإسرائيلي.

ومساء امس، افاد الجيش الاسرائيلي ان صاروخا اطلق من قطاع غزة سقط في منطقة غير مأهولة بجنوب اسرائيل دون ان يخلف ضحايا او اضرارا.

وأعلن جيش الاحتلال مساء امس عن رفع حالة التأهب في صفوف قواته المرابطة على حدود قطاع غزة تخوفاً من رد فلسطيني محتمل على استشهاد ثلاثة نشطاء من الجهاد الاسلامي صباحًا. ووجه الجيش تعليماته للجنود المرابطين بالقرب من بطاريات القبة الحديدية للبقاء على أهبة الاستعداد لأي طارئ والتحلي باليقظة خلال الساعات القادمة.

وقالت مصادر عسكرية في جيش الاحتلال إنه من الصعب على حركة "حماس" منع عملية رد صاروخي محتمل من القطاع.

وفي محاولة لتجنب أزمة دبلوماسية مع الأردن، عبرت اسرائيل امس عن أسفها لمقتل قاض أردني فتح عليه جنود الاحتلال النار بعد مشادة عند جسر الملك حسين الذي يربط الأردن بالضفة الغربية المحتلة.

ووعد مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ايضا بإجراء تحقيق مشترك مع الأردن في استشهاد القاضي رائد علاء الدين زعيتر عند معبر جسر الملك حسين/الكرامة بينما كان في طريقه إلى الضفة الغربية. في حين حملت الحكومة الاردنية نظيرتها الاسرائيلية "المسؤولية الكاملة" عن هذا الامر واصفة ما جرى بانه "جريمة بشعة".

وقال مكتب نتنياهو في بيان "تأسف اسرائيل لوفاة القاضي رائد زعيتر أمس عند جسر الملك حسين (اللنبي) وتعرب عن تعازيها لشعب وحكومة الأردن" مؤكدة التزام إسرائيل بمعاهدة السلام مع الأردن.

وكان الجيش الإسرائيلي أصدر قبل ذلك بساعات بيانا وصف فيه زعيتر بانه "إرهابي" قائلا إن الجنود قتلوه بعد أن هاجمهم بقضيب معدني في محاولة للاستيلاء على بندقية وشروعه في خنق أحد الجنود.

وقال مسؤول في عمان إنه يعتقد إن زعيتر قتل على أيدي "جندي شاب تواق إلى إطلاق النار" كان يدفع الركاب بيده للصعود على متن حافلة عند جسر الملك حسين. وأضاف أن هذا أدى إلى نشوب مشادة حامية مع القاضي.

وقال علاء زعيتر والد القاضي القتيل أن الرواية الإسرائيلية تشير إلى أنه وقعت مشادة وأن الجنود ضربوه ودفعوه على الأرض. وأضاف أن كرامته لا تقبل الذل والمهانة.

وقال محمد شريف زيد (34 عاما) من الضفة الغربية كان عند الجسر مع زعيتر لرويترز إن مشادة اندلعت بعد إنهاء الإجراءات عند نقطة تفتيش إسرائيلية. وأضاف "بعد ما خلصنا (فرغنا من) الإجراءات عند أول نقطة إسرائيلية بعد جسر الخشب صار الجميع يطلع (يصعد) على الباص كنت أنا ورائد.. ما عرفت ليش رائد تناقر مع الجندي دفعوا بعض وبعدين إحنا طلعنا على الباص وسمعت صوت طلقة وبعدين ثلاث طلقات". وطلب الجنود بعد ذلك من الركاب النزول من الحافلة ورأوا زعيتر ممددا على الأرض.

وقال زيد إنه لم ير القضيب المعدني الذي قيل إن زعيتر هدد به الجنود.

في المقابل، قال رئيس الوزراء الاردني عبدالله النسور، خلال جلسة لمجلس النواب الثلاثاء ناقشت مقتل القاضي رائد زعيتر، ان الحكومة "تحمل الحكومة الاسرائيلية المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة البشعة". واكد ان "كل المبررات التي تسوقها السلطات الاسرائيلية في تحقيقها الاولي من ان الجريمة وقعت بعد اشتباك بالايدي بين الشهيد الذي لم يكن يحمل اي سلاح وأحد افراد جنود الاحتلال الاسرائيلي، لا تبرر هذا الفعل الغادر باطلاق النار على مواطن اردني اعزل مسالم".

وتابع النسور ان "اسرائيل قدمت فعلا وبعد ضغوطات مارسناها (...) اعتذارا رسميا للاردن عن الحادث وذلك امام اصرارنا بتقديمها كدولة اعتذارا رسميا وهي التي درجت على التمنع عن الاعتذار في حوادث سابقة مع دول اخرى". واضاف "طلبنا وبإصرار ان يكون هناك تحقيق مشترك وقد وافقت الحكومة الاسرائيلية على مطلبنا" مشيرا الى ان الحكومة "وقد تلقت التقرير الاول عن الحادث اصرت على اجراء تحقيق موسع تشارك فيه اجهزتنا الامنية".

وقال رئيس مجلس النواب الاردني عاطف الطراونة "لن نقف مكتوفي الايدي امام الجريمة النكراء التي مورست بحق مواطن اردني وفلسطيني وعربي". واضاف "لن نتأخر عن اي جهد نيابي في كشف كل الاكاذيب الاسرائيلية حيال ما تفتعله (اسرائيل) من ازمات، ضاربة عرض الحائط بكل الاتفاقات والمواثيق".

وحاول نشطاء حضروا جلسة مجلس النواب احراق علم اسرائيل داخل المجلس الا ان رجال الأمن منعوهم واخرجوهم من المجلس قبل ان يشتعل جزء بسيط من العلم.

وشارك مئات المحامين والقضاة في اعتصام بقصر العدل في عمان امس تنديدا بمقتل زعيتر، وتوقفت المرافعات امام المحاكم لمدة ساعة فيما رسم علم اسرائيل على الارض على مدخل قصر العدل وعلى الشارع ليدوسه الزوار.

من جهته، اكد المركز الفلسطيني لحقوق الانسان في بيان نقلا عن شاهد عيان ان الجيش الاسرائيلي قتل زعيتر "بدم بارد" مضيفا ان تحقيقاته تشير الى ان زعيتر "لم يكن يشكل اي خطر على حياة جنود الاحتلال". وقال البيان ان احد الجنود "دفع القاضي زعيتر بيده، فاحتج على تصرف الجندي ما تسبب بمناوشات بينهما ودفع جندي آخر القاضي من جديد ما تسبب بسقوطه على الأرض، وعندما نهض دفع الجندي الإسرائيلي، فما كان من الأخير إلا أن شهر سلاحه ووجهه نحو القاضي واطلق عيارا ناريا نحوه الا انه لم يصبه. وعاد الجندي واطلق ثلاثة اعيرة نارية اخرى نحو صدر القاضي مباشرة فاخترقت جسده وسقط على الأرض".

وبحسب المركز فان زعيتر بقي "ينزف لمدة 30 دقيقة تقريبا من دون محاولة تقديم أي إسعافات له إلى أن حضرت سيارة تابعة لإسعاف (نجمة داوود الحمراء) ونقلت جثمان القتيل إلى جهة غير معلومة." ودعا المركز "المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف جرائم قوات الاحتلال".