بقلم: الحارث الحصني

من على سلسلة جبال في المحيط الغربي لسهل عاطوف شرق بلدة طمون، تظهر فسيفساء من تنوع المحاصيل المروية على آلاف الدونمات لمئات المزارعين، جعلت المنطقة تأخذ مكانة متقدمة بين المناطق المنتجة للزراعة في المحافظة.

لكن، مع دخول العدوان الإسرائيلي على بلدة طمون ومخيم الفارعة جنوب طوباس، يومه الرابع، تزداد الأحوال سوءًا.

وفعليًا لا يمكن التغافل عن جانب تتخذه شريحة كبيرة من مواطني بلدة طمون بالذات مهنة أساسية في حياتهم اليومية.

فإلى الشرق من البلدة التي أصبحت محاصرة بعد إغلاق مداخلها بالسواتر الترابية، تنتشر آلاف الدونمات الزراعية في أجزاء من طمون وسهل عاطوف الخصب دائم الخضرة، والتي تشغل آلاف الأيدي العاملة من بلدة طمون.

لكن داء العطش بدأ ينهش هذه اللوحة الخضراء، في خطر بات يؤثر بشكل جدي في الوضع الاقتصادي في المحافظة برمتها.

يقول رئيس بلدية طمون ناجح بني عودة: إن "الاحتلال دمر حتى اللحظة أربعة خطوط رئيسية ناقلة للمياه للاستخدام الزراعي في طمون وعاطوف".

وقال مواطنون: إن "الاحتلال دمر خطوطاً فرعية في المنطقة".

ومع استمرار تدمير الاحتلال للبنية التحتية وممتلكات المواطنين في طمون، قال بني عودة: إن الحصيلة النهائية لحجم الدمار ليست نهائية.

ويقول رئيس قسم الزراعة في مديرية زراعة طوباس، فايز دراغمة: "تتراوح مساحة الأراضي التي تُزرع سنويًا (أغلبها محاصيل مروية) في سهل عاطوف، بين 5-7 آلاف دونم". وفي عاطوف لا تهم مساحة الأرض التي يزرعها المزارع، بقدر ما تهم نوعية تلك المحاصيل.

فصهيب بشارات يمتلك خمسة دونمات في عاطوف، منها دونمًا دفيئات بلاستيكية مزروعان بالبازيلاء، ذوا مردود كبير.

منذ أربعة أيام، تبدو كل الحكايات متشابهة في المنطقة.

وبعملية حسابية بسيطة، فهذه الأصناف من المحاصيل، تُكبد أصحابها خسائر كبيرة في حال عدم تمكنهم من قطفها في موعدها، وتسويقها بشكل سلس.

وقال الرجل: "لا أعرف حال المزروعات أبدًا، أربعة أيام دون مياه يعني بدء الزرع بالعطش".

وكرر مزارعون من بلدة طمون لم يتمكنوا من الوصول إلى مزارعهم كلامًا مثله.

ومع تدمير جرافات الاحتلال المجنزرة الخطوط الناقلة للمياه، أصبح جزء كبير من أراضي عاطوف لا تصل إليه المياه المطلوبة لري المحاصيل المروية فيها.

عند آخر نقطة في الجهة الشرقية من سهل عاطوف، أحد السهول التابعة لسهل البقيعة الكبير (98 ألف دونم)، يقيم الاحتلال منذ أكثر من عقدين خندقًا يتخلله بوابتان رئيسيتان.

ومن تلك البوابتين، تنطلق قوات الاحتلال وجرافاته المجنزرة باتجاه البلدة.

يقول بشارات: "دمروا الكثير من الخطوط الفرعية الناقلة للمياه التي تصل إلى المزارع في عاطوف بجنازير الجرافات التي تتنقل بين بوابة عاطوف وبلدة طمون".

وفي حال استمر هذا العدوان على البلدة ومخيم الفارعة، فإن المزارعين سيبدأون بفقد أصناف من الخضراوات.

قال بني عودة: "نحن على أعتاب كارثة قد تحل علينا".

أصبحت عاطوف في العقد الأخير مزيجًا أخضر من المحاصيل المكشوفة والدفيئات البلاستيكية التي أحدثت ثورة في عالم الزراعة في المنطقة بمساحة قُدرت بحوالي 2000 دونم كبيوت بلاستيكية حسب تقديرات مديرية الزراعة في طوباس.

وكل هذه المساحات المزروعة بحاجة إلى المياه لريها ونجاح الموسم الزراعي فيها.

قال بشارات: "أنت تتحدث عن أربعة أيام دون مياه، يبدأ المحصول بالعطش، إذا استمر الوضع كما هو فسيموت الزرع".

وبدفع الاحتلال المزيد من التعزيزات العسكرية، يشي بنظرة سلبية بين المواطنين، والجهات الرسمية باستمرار العملية العسكرية على المحافظة بشكل عام، خاصة مع إغلاق الاحتلال حاجز تياسير شرق طوباس أمام حركة المواطنين، من ضمنهم التجار.

وقال مدير الغرفة التجارية في طوباس معن صوافطة: "ثلث السلة الغذائية في طوباس في المناطق التي يستهدفها الاحتلال بالاقتحام في طمون ومخيم الفارعة والمناطق المحيطة بهما".

وعلاوة على العطش الذي يمكن أن يلحق بالمحاصيل المروية في السهل الخصب، فعدم قطاف الثمار يُسرّع هرم تلك المحاصيل وموتها.

لكن الأمر تعدى ليطال الأغوار الشمالية التي تواجه حصارًا من حاجزي تياسير والحمرا العسكريين.

وهذا كله يعني عدم تمكن التجار من نقل الخضراوات إلى السوق المحلي، وتلفها في أماكنها.

وبالنسبة إلى صوافطة، فإنه بسبب هذا العدوان سيزداد العبء على المزارعين من تراكم الديون عليهم.

والأمر يأخذ صورة لا تقل سوداوية في الجانب الحيواني.

وقال بني عودة: إن حوالي 20 مزرعة حيوانية مغلقة في المنطقة تأثرت بشكل مباشر بهذا العدوان.