لأنكم لا تفهمون معنى أشخاص، سنسميهم مستهلكين هكذا بدأت حديثها رئيسة المكسيك "كلوديا شينابوم" في خطابها الموجه إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لأنه صوت وقرر بناء الجدار بين الولايات المتحدة والمكسيك. وقالت: "هناك سبعة مليار شخص وراء هذا الجدار. من المهم قبل وضع أي طوبة أن تكتشفوا أن هناك خارج هذا الجدار سبعة مليار شخص، ولأنكم لا تفهمون معنى شخص، سنسميهم مستهلكين. وأردفت قائلة: إن هؤلاء في أقل من 42 ساعة مستعدين لاستبدال هواتفهم النقالة من نوع آيفون إلى أجهزة سامسونج، أو هواي. واستبدال ماركة لافيز بماركة زارا. وسيارات شيفرليت وفورد بسيارات تويتا وغيرها من الصناعات. واسترسلت السيدة شينابوم لتقول اكتشفوا أين توجد عجائب العالم القديم والحديث، لتجيب أنه لا توجد أي منها في الولايات المتحدة. وأكدت أن المكسيك تعلم أنه توجد ماركات مثل أديدس وليس فقط نايك الأميركية. واسترسلت قولها أن المكسيكيون أصبح يمكنهم البدء في استهلاك الأحذية المكسيكية "بانام". وقالت أنهم يعلمون أكثر مما يعتقد الأميركان.
واسترسلت قائلة إذا لم يشتر سبعة مليار مكسيكي مستهلك منتجاتهم سوف يكون هناك كساد وبطالة وانهيار في الاقتصاد. واختتمت قولها بأنهم أرادوا الجدار وسيحصلون على الجدار..
نعم إمرأة بألف رجل، تعرف كيف تدافع عن مصالح شعبها، هذا الخطاب يعني تمامًا أن هذه المرأة الحديدية تستطيع أن تلوي ذراع رئيس الولايات المتحدة، ليس كل المطالب والحقوق تُنال بقوة السلاح، بل قوة العقل والحكمة كافية لتدرك المنال. فالرئيس ترامب ومنذ اليوم الأول في البيت الأبيض بدء صفقاته التي يراها الأنسب في إدارة العالم ليحقق مكاسبه، هو سيدرك أن الدنيا ليست صفقات، لأن هناك أماني وتطلعات للشعوب، فهو الذي ما فتئ بتوقيعاته بالأوامر والنواهي منذ استلام السلطة، وتهديداته ومنحه وعطاياه. رجل جامح بتفكيره ولا يرى إلا كم هي المكاسب التي سيجنيها ويحصل عليها جراء تدخلاته في دول العالم. لقد نصب نفسه "شرطي العالم" من هنا عليكم المرور ومن هناك عليكم الخروج. الاستماع إليه أشبه بمسرحية تتلذذ بحضورها ليغمى عليك من كثرة الضحك.
في حقلنا، وفي وسطنا هنا وفي غمرة التعقيدات التي يمر بها هذا الوطن، فقد أصابتنا فتواه التي إن صح القول فيها ذلك المثل "خير ما منه خير ودخانه بيعمي العنين"، فتارة يطل علينا بصفقة القرن، وأخرى بالتهجير. وتارة يريد قضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية ليهديها إلى إسرائيل كما فعل بموضوع القدس.
كل الذي يدور ويفعله، هي وجهة نظر دينكوشتيه، تعصف بها الرياح التي تحرك دواليب الطواحين. لكن التهديد الحقيقي يأتي عندما نتحدث عن إجراءات على الأرض تهدد وجودنا وحضورنا.
إنه بالإمكان وقف هذه المهاترات، وبالإمكان أن نحصل على مساندة الشعوب المحبة للعدل والسلام في العالم. دعونا نتحدث عن لغة المصالح التي ستؤرق كل مسؤول لا يهتم بمصالح دولته. وهكذا الأمر هو مع الاحتلال الإسرائيلي، لقد وصل حجم التداول الفلسطيني الإسرائيلي السنوي سبعة مليارات دولار، إذا حسمنا مليار ونصف الصادرات إلى الاحتلال فإن حجم الاستيراد من إسرائيل السنوي يقدر 5.5 مليار دولار. بمعنى أننا نشتري حتى أحلامنا من الاحتلال. وهذه هي الرفاهية التي نعيشها تحت الاحتلال. نعم نريد أن نؤمن احتياجتنا الضرورية، لكن هناك الكثير يمكننا الاستغناء عنه في ظل استمرار الاحتلال.
لسنا سوقًا استهلاكية للمنتج الإسرائيلية، طالما أن إسرائيل لا ترى مصالحنا وتقف حجر عثرة في طريقنا، وهي تدير هذا الصراع وفقًا لمصالحها وكما تريد. بمعنى أن السياسات الفلسطينية يجب أن تتلاقى مع المصالح الفلسطينية العليا في الوصول إلى التحرر الوطني. ولا يجب أن يبقى هذا الاحتلال بدرجة سياحية سبعة نجوم جاثم على صدر الشعب الفلسطيني. لماذا لا يفكر هذا الاحتلال بعدم تركنا وشأننا في ظل سوق رابح لمنتجاته؟. نعم السوق الفلسطينية سوق استهلاكي رابح للانتاج الإسرائيلي. الإسرائيليون لا يرون فينا إلا مستهلك، الأميركان لا يرون فينا إلا مستهلك وليس بشر لهم حقوق سياسية واجتماعية واقتصادية كما هي شعوب الأرض، ونحن هنا نتحدث عن سبعة ملايين فلسطيني.
هذا العالم لا يفهم القيم الإنسانية، بل يقفوا متفرجين عندما تنصب المذابح للشعوب المقهورة، إنهم يشغلون أنفسهم فقط لإدارة الصراع ولا يهتمون بإنهائه. ينتبهون فقط كيف يمكن أن يبقوا الشعوب المقهورة والمحتلة تستجدي حقها، دون وقف للمجازر، والإبادة الجماعية، والتطهير العرقي. ولكنهم متى سيستيقظون عندما تتعرض مصالحهم لمخاطر وصناعتهم إلى الكساد، فيهرعوا إلى تزويد الشعوب بمسكنات وحقن التخدير كلما تعرضت مصالحهم للمخاطر وهذا ما حصل في كل المراحل التي مرت بها القضية الفلسطينية حتى وصولك الآن إلى مشروعهم في إنهاء القضية الفلسطينية.
نعم يمكن أن نقول للإسرائيليين والأميركان وكل من يضع من قيمة الشعب الفلسطيني أنه من حق هذا الشعب والشعوب المقهورة أن ينالوا حريتهم واستقلالهم غير المنقوص. فأنتم لا يمكنكم أن تصادروا عزتنا وكرامتنا وأمننا على هذه الأرض.
هذا أقل الواجب، في استعادة حقوقنا البدائل موجودة ويجب أن نضع حريتنا على الطاولة لنكسب كرامتنا. نحن نعلم أكثر مما يعتقدون، وهذه هي رسالتنا في الحصول على حقوقنا المشروعة وتقرير المصير. يا محلى النصر بعون الله.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها