في مقر رئاسة الحكومة، وبكلمات اتسمت ببلاغة البساطة، ونزاهة الوضوح تمامًا، وضع رئيس الحكومة د. محمد مصطفى، عددًا لافتًا من العاملات والعاملين في حقول الصحافة والإعلام، يوم أمس الأول، وضعهم أمام حقيقة الوضع الراهن الذي نعيش، والتحديات التي نواجه، وسبل الاستجابة لها، وحيث نحن اليوم على مفترق طرق، بكل ما في هذا التعبير من معنى، فإما أن نمضي نحو ما يتطلع إليه شعبنا من بناء، وتقدم، وحرية، واستقلال، فنعتز بحالنا وأنفسنا، وإما أن نتيه في دروب الفرقة والانقسام، فلا نحقق شيئًا مما يريد شعبنا لنسقط حينها في مهاوي الندم.
كان حال لسان رئيس الحكومة، والعنوان الرئيس في كل هذه التحديات، قطاع غزة والمهمة الأكثر إلحاحًا في الوقت الراهن، هي مهمة تحقيق الإيواء العاجل لأبناء القطاع، وهذه المهمة قبل أن تحتاج إلى ستة مليارات ونصف المليار دولار، تحتاج إلى جسم إداري حكومي متماسك، إلى حوكمة بالغة الشفافية، ومأسسة تنحي جانبا المجاملات الاجتماعية، أو الطبقية، أو المناطقية، أو العشائرية، وبما يؤمن الاستقرار والرضا النفسي، ويحقق الأمن ويفتح المعابر بلا أي عراقيل، وهذا ما يعبد في المحصلة، دروب إعادة الاعمار وما يجعلها دروبًا سالكة، تنهض بقطاع غزة ثانية، ودون رجعة لزمن الحرب، ولا بأي حال من الأحوال. وبذات الوقت لا بد من التصدي للتحديات التي تخلفها حرب الاحتلال في الضفة المحتلة.
كأن رئيس الحكومة كان يردد في هذا اللقاء، بروح القلق والمسؤولية، تلك المقولة الشهيرة للشاعر الانجليزي الأشهر "وليم شكسبير" "إما أن نكون أو لا نكون" وهذه هي المسألة، التي تتطلب كي نكون، أن نستجمع كل القوى التي لدينا، وعلينا والكلام لرئيس الحكومة، أن تعزز من تحالفاتنا، ونوسع دائرتها، العربية، والاقليمية، والدولية.
ما من خيارات أمامنا سوى أن نكون وحدة واحدة، لكي ننهض بعملية إعادة الإعمار، وتحقيق الإيواء العاجل أولاً، وتأمين الاستقرار النفسي لأهلنا في قطاع غزة المكلوم، والحكومة شكلت لجانا وزارية، ودوائر مختصة للتصدي لهذه المهمة وبصدد تحقيق السردية الواقعية لها، بلا أي ملابسات سياسية، ولا أي خطابات حزبية.
المهمة بالغة الصعوبة لكنها بالغة الضرورة أيضًا، وما يُطمئن في هذا السياق أن حكومة الرئيس أبو مازن التاسعة عشرة، التي يقودها د. محمد مصطفى لا تعاقر شيئًا من الأوهام، الصورة أمامها وبين يديها، واضحة وضوح الشمس، والتشخيص للواقع الراهن، بلا أي شعارات شعبوية، ولا أي استعراضات استهلاكية، ومع رئيس الحكومة، ولطالما نحن اليوم على مفترق طرق، سنردد كذلك ما قاله الشاعر يوسف الصائغ، سنردد ونؤكد، سنمضي من عند هذا المفترق "يسارًا حتى جبل الزيتون".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها