لا يجد صاحب القرار حرجًا من إعلان منطقة ما في بلاده منكوبة، عندما تكون قوى الطبيعة الخارجة على إرادة الناس هي السبب، لكن أن يلجأ أحدهم إلى إعلان ما يقع تحت سيطرته وسلطته اللاشرعية، منطقة منكوبة، وهو يعلم يقينًا أن جماعته قدمت الذريعة، لقوى بغي وعدوان، وظلم وطغيان، لحكومة وجيش منظومة عنصرية واحتلال واستيطان، لإنزال الكارثة والنكبة الأشد على الشعب الفلسطيني، وإطلاق حملة إبادة جماعية، وتدمير، وتطهير عرقي غير مسبوقة في التاريخ المعاصر – حسب بيان لخبيرة أممية – فهذا يستحق الميدالية الذهبية في الكذب والخداع، والضلال والتضليل، فخليل الحية رئيس المكتب السياسي لفرع جماعة الإخوان المسلمين المسلح في فلسطين (حماس) الذي كان قد أعلن عن انتصار جماعته العظيم، على جيش الاحتلال المكسور المقهور، الذليل في قطاع غزة، عاد بعد أربع وعشرين ساعة ليعلن أن القطاع أصبح منكوبًا، ليس لأن كارثة طبيعية كزلزال بمقياس (9 ريختر) ضربه، وإنما بسبب ابتلاء الشعب الفلسطيني بما هو أشد وأفظع من الكوارث الطبيعية، ذلك أن فروع جماعة الإخوان، ومنها (حماس) لا تجاريها عصبة، أو جماعة، في صناعة الكوارث البشرية، التي تسفك فيها الدماء البريئة، واستدراج الكارثة، المهيأة (المخططة) سلفًا، لدى دول وقوى جاهزة، ومجهزة بأشد أنواع الأسلحة فتكًا بالنفس الإنسانية، وبقدرة على التدمير، أفظع مما قد رأى الناس، أو عرفوا عن آثار قنابل التدمير الشامل.
نعرف قدرة قادة حماس على اصطناع انتصارات مركبة من الوهم والكذب والخداع، ونعرف أن خطابهم لن يكون ذا جدوى، ويعتبرونه مخالفًا لتعاليم دينهم المخترع – بمعيارهم ومقياسهم كإخوان - إذا ألقوه بلسان الصدق، فأخذ النقيض من وقائع وحقائق الأحداث، ودسها عبر حواس الناس، لتصيب ذاكرتهم بمرض (الزهايمر) حرفتهم، كما نعلم مهارتهم في استخدام كلمات (هلامية) من قاموسهم الخاص، وتوظيف الصورة لإخراج صورة انتصار، مستوحاة من تقنية (الهلوغرام)، أي الصورة الثلاثية الأبعاد، فتصدقها عين الناظر العادية، المقطوعة عن التفكير والإدراك والتحليل، المحجور عليها، اجتياز الخطوط، نحو المعرفة وتلمس الحقيقة، لكننا حتى الساعة لم نستطع حل لغز رئيس سياسة حماس الحية، الناسف لكل قواعد وعلوم وقوانين الفيزياء والكيمياء والرياضيات حتى، فعند قائد حماس "النكبة تساوي الانتصار".
والأسئلة المحقة هنا: من أين أتى بهذه المعادلة؟، ومتى تكونت فكرتها؟، الخارجة أصلاً عن ناموس التفكير الإنساني؟ كيف استطاع البرهان عليها، لماذا طرحها الآن؟ وماذا يقصد، وما معنى الانتصار، ومعنى النكبة؟.
والسؤال الأهم له، ولكل قادة حماس، إذا كان معادل انتصار حماس أو ما يسمونه محور المقاومة، إعلان قطاع غزة منطقة منكوبة، فلماذا تصرون على تجسيد هذه المعادلة، في مخيمات ومدن الضفة الغربية، وهل وصلتم إلى قناعة بأن الدولة الفلسطينية التي أعلن موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحماس في الخارج القبول بها، يجب أن تكون كلها بما فيها العاصمة القدس (منكوبة)؟.
وقد يكون من العبث القول أننا نريد إجابات على هذه الأسئلة، ممن استخدموا كلمات الله المقدسة، والنفوس الإنسانية من شعب فلسطين، المقدسة أيضًا، واستغلوها لتحقيق مآرب خاصة، شخصية، فئوية، وتصب في صالح جماعة الإخوان، وقوى ودول على رأسها إيران، ولم يكن من نصيب الشعب الفلسطيني، إلا الإبادة الجماعية، وتكريس هذه المعادلة الشيطانية.
نعتقد أن رئيس مكتب سياسة حماس خليل الحية، يمتلك معرفة كافية بمعاني مفردات اللغة العربية، لتصده عن اصرار غير مسبوق لارتكاب حماقة خنق وعي الجماهير الفلسطينية والعربية بدخان حرائق حماس منذ انشائها، مرورًا بانقلابها سنة 2007، وحروبها الأربعة منذ 2008 وحتى 7 أكتوبر 2023، المسمى (طوفان الأقصى)، فما يحدث كارثة ونكبة، أصابت اللغة العربية، العامية والفصحى، السياسية، والدينية أيضًا.
وليتكم تصدقون لمرة واحدة، وتعترفون بالنكبات المتتابعة التي ألحقتموها بالمشروع الوطني الفلسطيني، وبحركة التحرر الوطنية الفلسطينية، وتتوارون عن الأنظار، حتى يتمكن الشعب الفلسطيني، من النهوض كما فعل بعد نكبته الأولى قبل سبعة عقود.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها