أعلن وزير القضاء الإسرائيلي ياريف ليفين، مساء يوم أمس السبت 2024/12/14، أن الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو قد تستأنف قريبًا العمل على تمرير "التعديلات القضائية"، التي تهدف إلى إضعاف جهاز القضاء، بعد أن تم تعليقها منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وهدد ليفين باستئناف خطة "الإصلاح القضائي" الحكومية، إذا ما أصر قضاة المحكمة العليا على رفض التسوية التي اقترحها بشأن تعيين رئيس للمحكمة، وقال: إن "اقتراحه لا يزال مطروحًا"، وشدد على أن الإنصاف ومصلحة الدولة يتطلبان قبول هذا الاقتراح، محذرًا من قرارات أحادية الجانب تسحق إرادة غالبية الشعب.

جاء ذلك في منشور عبر صفحته على "فيسبوك"، شن من خلاله ليفين هجومًا على جهاز القضاء والمحكمة الإسرائيلية العليا التي اتهمها بـ"تجاوز صلاحياتها"، معتبرًا أنها دفعت الحكومة إلى استئناف الإجراءات التي تستهدف جهاز القاء بزعم "إعادة التوازن بين السلطات".

وقال ليفين: "مع بداية الحرب، أعلن الائتلاف الحاكم تعليق جميع الأنشطة المتعلقة بالإصلاح القضائي، لأنني اعتقدت أن من غير الصواب التعامل مع قضايا مثيرة للجدل بينما تخوض الدولة حربًا على عدة جبهات".

وأضاف: "خلال هذه الفترة، تم تعيين 162 قاضيًا جديدًا بالتوافق بين المستويين المهني والسياسي، وهو رقم غير مسبوق، وحاولت الوصول إلى تسوية بشأن تعيين قضاة المحكمة العليا، لكنه قوبل برفض تام من جانب الجهاز القضائي".

وأشار ليفين إلى أنه اقترح على نائب رئيس المحكمة العليا الأسبق القاضي عوزي فوغلمان، في آب/ أغسطس الماضي، صيغة تسوية تتضمن تعيين القاضي يوسف إلرون رئيسًا للمحكمة العليا لمدة عام، يليها تعيين قاضٍ من اختيار الجهاز القضائي.

كما شدد ليفين على أن مقترحه شمل اعتماد إلى آلية توافقية لاختيار قضاة المحكمة العليا من قبل لجنة تعيين القضاة، ومع ذلك، قال ليفين: "رفض فوغلمان اقتراحي بازدراء دون حتى مناقشته"، معتبرًا أن الجهاز القضائي "يتعنت ويرفض أي محاولة للتوصل إلى حلول توافقية".

واتهم ليفين المحكمة العليا باستغلال الوضع القائم منذ اندلاع الحرب لتحقيق أجندتها، قائلاً: "في خطوة غير مسبوقة، قررت المحكمة العليا، السيطرة على صلاحيات وزير القضاء بخصوص جدول أعمال اللجنة لتعيين القضاة، وأصدرت أمرًا يلغي عمليًا صلاحياتي القانونية".

وأضاف: "المحكمة أمرت مؤخرًا اللجنة بالتصويت على تعيين رئيس المحكمة العليا خلال خمسة أسابيع، دون السماح بنقاش كافٍ حول التحفظات العديدة التي قُدمت".

وتابع: "منذ بداية الحرب، تصرفت الحكومة بمسؤولية وعلقت العمل على التعديلات القضائية، لكن المحكمة العليا استمرت في التدخل بقرارات خطيرة".

واتهم ليفين المحكمة بأنها "أغلقت أبوابها أمام أي شخص لا يوافق على نهجها"، وقال: "حاولنا تجنب التصعيد، لكن المحكمة فرضت علينا أجندتها، هذه ليست ديمقراطية، لقد تجاوزوا كل الخطوط الحمراء، ولن نسمح باستمرار هذا الوضع".

وتابع: "أنا توقفت، هم استمروا بزخم أكبر، طلبت تجنب التعامل مع هذا الأمر الآن، وهم أصدروا قرارًا بموعد فوري وفرضوا جدولًا زمنيًا، سعيت للتوصل إلى توافقات، وهم أصدروا أوامر غير مسبوقة ويعملون بأسلوب قسري وإجباري".

وأضاف: "أسعى لتعيينات توافقية تحظى بثقة الجمهور بأسره، هم يغلقون أبواب المحكمة أمام كل من لا يوافقهم الرأي".

وختم ليفين بالتشديد على أن الحكومة ستتخذ خطوات لاستعادة الصلاحيات التي تم سلبها من الكنيست والحكومة، معتبرًا أن المحكمة تدفع الائتلاف للتحرك "في هذا الوقت"، وقال: "لم يتركوا لنا خيارًا، ولا يمكن لهذا أن يستمر، لدينا أيضًا حقوق".

وفي منشور آخر، أوضح ليفين أهداف المنشور الأول باعتبار أنه تهديد لجهاز القضاء، وقال: "تلقيت عددًا هائلاً من الرسائل من مواطنين يدعمونه في المضي قدمًا لإصلاح الجهاز القضائي".

وأضاف: "الكثير من الأشخاص أعربوا عن استغرابهم من رفض القضاة للاقتراح التوافقي الذي قدمته لنائب رئيس المحكمة العليا القاضي فوغلمان، في شهر آب/ أغسطس الماضي، واقتراحي التوافقي والعادل لا يزال مطروحاً على الطاولة".

وشدد على أن الإنصاف ومصلحة الدولة يتطلبان قبول هذا الاقتراح، وقال: إن "طريق التوافق والحوار كانت وستظل الطريق الصحيحة والمفضلة".

ومع ذلك، حذر ليفين قائلاً: "لن يكون هناك قبول لقرارات أحادية الجانب تسحق إرادة غالبية الشعب".

وجاءت تصريحات ليفين في ظل جدل واسع حول الإصلاحات القضائية التي تدفع بها حكومة نتنياهو الذي يحاكم بقضايا فساد، وأثارت انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي، ودفعت عشرات الآلاف من الإسرائيليين إلى احتجاجات حاشدة قبل الحرب.

بدوره، اعتبر زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، أن ليفين لم يعرض أي شيء سوى الخراب والتدمير، واتهمه بممارسة "الابتزاز الإجرامي والتهديدات" لفرض تعيين قضاة في المحكمة العليا "يهدفون إلى تدمير الديمقراطية الإسرائيلية من الداخل".

وأضاف لبيد: أن "المعارضة فازت قانونيًا في التصويت السري بالكنيست، وحصلت على أغلبية في لجنة اختيار القضاة، لأن حتى أعضاء من ائتلاف ليفين يرفضون أسلوبه التدميري"، واتهم لبيد ليفين بمحاولة "الانتقام من النظام القضائي" بعد خسارته في التصويت.

وتابع: "عندما لا تناسبه النتائج، فجأة لا يدعم إرادة الأغلبية"، وأكد لبيد أن أي تعديل لقانون لجنة اختيار القضاة لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد الانتخابات المقبلة.

وختم: "خطتنا هي الفوز في الانتخابات وإلغاء كل القوانين المناهضة للديمقراطية التي شرعتها هذه الحكومة".