أعرب سموتريتش عن سعادته بفوز ترامب في السباق الانتخابي الرئاسي للولايات المتحدة الأميركية، متمنياً أن يكون العام 2025 عام الضم، تماماً كما فعل نتنياهو وبن غفير وساعر وكانتس وغيرهم من الساسة الإسرائيليين، فجميعهم يؤمن أن فترة ترامب ستحسم الصراع مع الشعب الفلسطيني وستؤدي إلى الضم لامحالة.
في الواقع، إن هذا التفاؤل الإسرائيلي بضم الضفة الغربية جاء لإعتبارات عسكرية وسياسية طارئة، حيث نجحت الحكومة الإسرائيلية بتوسيع عملية الاستيطان في الضفة الغربية، كما نجح الجيش الإسرائيلي بإعادة احتلال غزة، وإنشاء محاور عسكرية شبه دائمة لا تؤشر بتاتاً إلى انسحاب إسرائيلي وشيك من القطاع. كما تغول جيش الاحتلال في الجنوب اللبناني، ودمر أكثر من 40 قرية حدودية لبنانية، في الوقت الذي تعمل به إسرئيل على فرض شروط قاسية على لبنان لتطبيق قرار رقم 1701. ومن الناحية السياسية، يعتبر صعود ترامب للمرة الثانية حدثاً لن يتكرر للإسرائيليين اليمينيين المتعطشين لضم الضفة الغربية، فترامب في فترته الرئاسية الأولى 2017-2021 لم يدخر جهداً في دعم إسرائيل، حيث اعترف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، واعترف بضم الجولان، وقطع المساعدات عن الأونروا، وأغلق مكاتب المنظمة في واشنطن، وحاول فرض صفقته المعروفة بصفقة القرن، وهي مشروع تصفوي للقضية الفلسطينية تعترف بضم الأغوار والقدس وغالبية مناطق "ج" إلى دولة الاحتلال.

ويبدو أن التعيينات الأولية التي أعلنها ترامب في طاقم إدارته تشير بشكل قاطع إلى قناعة الجمهوريين بعملية الضم، حيث عين ترامب مايكل هاكابي سفيراً لدى إسرائيل، وهو سياسي ورجل دين ينتمي إلى المحافظين الجدد، ويدعم بشدة الاستيطان في الضفة وغزة. وفي أول تعليق له بعد إعلان تعيينه أعلن هاكابي أن إدارته قد لا تمانع عملية الضم. أما على الجانب الإسرائيلي، وفور فوز ترامب، قام نتنياهو بتعيين يحئيل لاتر سفير إسرائيل في واشنطن، وهو أميركي إسرائيلي يوصف بأنه جمهوري الهوى، كما أنه أكاديمي ومستوطن وحاخام، يدعو إلى حسم الصراع، وضم الضفة الغربية، واحتلال مستمر لقطاع غزة.
إن مثل هذه التعيينات والتصريحات المعلنة تشير إلى اتجاه حقيقي لدى الجمهوريين والإسرائيليين في حسم الصراع في فترة ترامب، ويبدو أن ترامب لن يعارض ذلك، بل على العكس ربما سيدفع باتجاه إجراء تعديلات على صفقة القرن من أجل إعادة الترويج لها، وفي هذه المرة لا شك أن غزة لن تكون جزءً من هذه الصفقة.
ليس من الواضح كيف ستسير الأمور خلال الربع الأول من العام القادم، ولكن ربما يسعى نتنياهو إلى التلويح بعملية الضم من أجل الضغط على السعودية لتطبيع العلاقات معها والتخلي عن شرطها في قيام الدولة الفلسطينية، وهذا ما فعله مع الإمارات العربية عندما وقعت اتفاق أبراهام قبل أربع سنوات. وربما تلجأ حكومة نتنياهو إلى إعلان جزئي لضم بعض المناطق مثل الأغوار، ثم تبدأ بتوسيع عملية الضم في باقي المناطق خلال السنوات المقبلة. وكل هذه السناريوهات متوقعة وستكون حاسمة إذا ما تمت، ويجب مواجهتها فلسطينياً وعربياً ودولياً، حتى لا تصبح واقعاً من الصعب تغييره. ومن سياسات المواجهة التي أقترحها في هذا المجال التالي:

- أولاً: تعزيز الجبهة الفلسطينية- السعودية الأردنية المصرية في مواجهة المخططات الإسرائيلية، لا سيما أن مواقف السعودية الأخيرة أصبحت داعمة بشكل مطلق للحقوق الفلسطينية، وخاصةً فيما يتعلق بتشكيل تحالف دولي لإقامة حل الدولتين.

- ثانياً: تشكيل جبهة وطنية حزبية ومدنية واسعة من أجل مواجهة عملية الضم، واقتراح برامج وطنية يشترك فيه الكل الفسلطيني في تعزيز صمود المواطنين ومواجهة الضم وسياسات الفصل العنصري.

- ثالثاً: الإسراع في خطوات الوحدة الوطنية من خلال دعوة جميع الفصائل والحركات غير الأعضاء في منظمة التحرير للانضمام الى المنظمة، والالتزام ببرامجها وتعهداتها الدولية وقراراتها دون أي اشتراطات مسبقة من هذه الفصائل.