يبحث مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب في دورته العادية الـ"162" برئاسة اليمن، اليوم الثلاثاء 2024/09/10، العمل على وقف العدوان الإسرائيلي على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا، بالإضافة إلى الانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة.

وسيبحث المجلس عددًا من الموضوعات المرتبطة بمستجدات القضية الفلسطينية، وسرقة إسرائيل للمياه في الأراضي العربية المحتلة، ودعم موازنة دولة فلسطين، إلى جانب الوضع في الجولان العربي السوري المحتل، بالإضافة إلى تقرير مؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول العربية في دورته الأخيرة، وتقرير أعمال المكتب الرئيسي والمكاتب الإقليمية لمقاطعة إسرائيل.

ويشارك في أعمال المجلس الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وعدد من الأمناء العامين المساعدين بالجامعة العربية، وبحضور وزير خارجية تركيا هاكان فيدان، والمفوض العام لوكالة "الأونروا" فيليب لازاريني، وكبيرة منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة سيغريد كاغ.

فيما ترأس وفد فلسطين: وزيرة الدولة لشؤون وزارة الخارجية والمغتربين فارسين شاهين، وبحضور مندوب دولة فلسطين بالجامعة العربية السفير مهند العكلوك، والمستشار أول مرفت حسن - مدير الشؤون العربية بالوزارة، والمستشار أول رزق الزعانين، والمستشار أول تامر الطيب، والمستشار جمانة الغول، وجميعهم من مندوبية فلسطين بالجامعة العربية.

وقال أبو الغيط: إن "وقف إطلاق النار اليوم لم يعد مطلبًا عربيًا، بل هو مطلب عالمي يحظى بإجماع مشهود وهو ضرورة إنسانية وأخلاقية وهدف إستراتيجي، لتجنيب هذه المنطقة شرور حرب موسعة ليست احتمالاتها ببعيدة".

وأضاف: "إننا نقترب هذه الأيام من مرور عام كامل على العدوان الوحشي على أهلنا في غزة، وفي فلسطين كلها، عام من الإجرام، عام من الإبادة والتطهير العرقي الذي يتبجح ولا يختبئ يُباهي بالجريمة ويُفاخر بالعار غير عابئ بحساب أو عقاب، عام قُتل فيه 17 ألف طفل و11 ألف شهيدة".

وقال: "إنه عام من عجز المجتمع الدولي عن وقف المذبحة، بل إسهام بعض القوى الغربية، لا سيما مع بداية العدوان في تقديم مظلة أمان للإجرام ليتمادى، وغطاء سياسي للقتل يتواصل، بل يتوسع من غزة الصامدة إلى جنوب لبنان إلى الضفة الغربية، في الضفة وحدها ارتقى سبعمئة شهيد منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ناهينا عن الدمار والخراب والخسائر الهائلة".

وأكد الأمين العام أن القوة الكبرى في عالم اليوم إما لا ترغب في ممارسة الضغط على الاحتلال، أو أنها لا تستطيع إيقاف هذه الوحشية، لقد مرت شهور قبل أن تنطق دول بعينها بكلمة وقف إطلاق النار، وعندما أدركوا فداحة الجريمة طالبوا بوقف العدوان.

وقال: "إذا كان الاحتلال يُمارس الإجرام من أجل الانتقام فهو مُدان بالقتل ومُجرد من الإنسانية، ولكن الهدف يتعدى الانتقام، والغاية أبعد من مجرد الإخضاع، والترويع لدى الاحتلال وهم بأنه باقٍ أبد الدهر وأنه سيلتهم الأرض مجردة من سكانها، لذلك فإن أجندته الحقيقية تتخفى خلف حجة الأمن التي يخاطب بها العالم، فهي أجندة قوامها تصفية القضية وضم الأراضي وتحقيق التطهير العرقي والتهجير".

وأشار إلى التصريحات الرسمية بشأن التطهير والإبادة، فهي ليست من اختراعنا وهي مسجلة ولن تُنسى أو تُمحى من الذاكرة، أما نوايا التهجير القسري فمؤكدة، والعمل على تحقيقه متواصل بل هو يشمل غزة والضفة معًا ويُمارَس كل يوم في صورة تهجير قسري داخلي يُطلقون عليه مُسمى مخففًا هو "أوامر الإخلاء".

وقال: "لقد تصدينا جميعًا، ومتضامنين وبصوت واحد لهذه المخططات، وسنستمر في مواجهتها وإحباطها، باللسان وبالعمل نفضحها في العالم كله، ليعرف بنوايا الاحتلال ونعمل بشكل متواصل على دعم صمود الفلسطيني على أرضه".

وتابع: "لقد تحركنا خلال الشهور المنصرمة على أكثر من صعيد في حملة دبلوماسية مكثفة، قادتها اللجنة الوزارية العربية الإسلامية برئاسة المملكة العربية السعودية، إذ اقتربت المواقف في العالم من مواقفنا بالتدريج، ووجدنا الحكومات تُبدّل لغتها، والاعتراف بالدولة الفلسطينية تتوسع رقعته، والشعوب تُعبر عن رأيها في ظلم إنساني لا ينكره سوى من تجرد من الضمير وانسلخ من الإنسانية، ويتعين أن نواصل الجهد مع الشركاء المقتنعين بعدالة القضية والساعين إلى تجسيد حل الدولتين على الأرض".

وأضاف الأمين العام: أن "الجرح المفتوح في فلسطين لا يحرف أنظارنا عن جراح مفتوحة في أوطان عزيزة علينا، فما زال السودان يعيش أزمة قد تكون هي الأشد وطأة من الزاوية الإنسانية، فإن القضايا كثيرة والمرحلة التي تمر بها أمتنا حاسمة ولا تحتمل سوى التضامن والتآزر والعمل المشترك، فلن نعبُر أزماتنا سوى بالتضامن بين بعضنا البعض".

بدوره، أكد الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أن إسرائيل تسعى إلى تحويل الضفة الغربية إلى غزة جديدة عبر تنفيذ سياسة تهجير سكانها، مشيرًا إلى أن الحكومة الإسرائيلية جعلت من "حل الدولتين" المتوافق عليه دوليًا، أمرًا مستحيلاً.

واستنكر، ادعاءات البعض بأن مبادرة السلام العربية قد عفا عليها الزمن، قائلاً: "إن الكثير تناسى أن هذه المبادرة تُسرّع وتيرة الحل ووضع حد للصراع الراهن"، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي ليس لديه ما يضيفه في هذا الشأن، لأن الأرقام والحقائق أصبحت مكشوفة للجميع.

وقال بوريل: إن "ما يلوح في الأفق الآن هو توسع للصراع حيث تسعى إسرائيل إلى تحويل الضفة الغربية إلى غزة جديدة، منوها إلى أنه أصبح واضحًا أن احتمالية حل الدولتين باتت أمرًا يصعب الوصول إليه، والمجتمع الدولي يفتقر إلى الإرادة السياسية لحل الأزمة الراهنة في قطاع غزة، وطالب بضرورة تكثيف العمل والجهود لوضع حد للتدهور الذي تشهده غزة".

وأكد، ضرورة العمل المشترك على دعم السلطة الفلسطينية ماليًا، وتيسيير الإمكانيات من أجل الحوار بين الفصائل الفلسطينية، مشددا على أنه لا سبيل للأمن في الشرق الأوسط إلا بتحقيق السلام الشامل والعادل.

من جانبه، قال وزير خارجية موريتانيا محمد ولد مرزوك، لقد حان الوقت لينصت المجتمع الدولي لصوت الحق والعدل، ويتخذ إجراءات عاجلة للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها السافر وإلزامها الامتثال للقانون الدولي وتنفيذ أوامر محكمة العدل الدولية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى النازحين، وإعادة المهجّرين إلى ديارهم، والشروع في إعادة الإعمار.

وأضاف: "أنه يتعين على المجتمع الدولي أن يدرك جيدًا أنه لا بديل عن الحل السياسي المستدام الذي يضمن للشعب الفلسطيني جميع حقوقه المشروعة، بما في ذلك الاعتراف بدولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، والقبول النهائي بفلسطين دولة ذات سيادة وعضوًا كاملاً في الأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة".

من ناحيته، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان: "إننا نلتقي اليوم في وقت نتحمل مسؤولية تاريخية جميعًا، وحان وقت الاتحاد والتضامن، ولا نقبل الاستهانة بحياة العرب والمسلمين والفلسطينيين".

وأشار فيدان، إلى أن العقاب الجماعي منتشر في قطاع غزة ووصل إلى الضفة الغربية، وإسرائيل تستغل الانقسام ويجب أن نتحد بشكل أكبر سواء كدول إسلامية أو دول أعضاء في الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن بلاده أوقفت التجارة مع إسرائيل ولن تعيدها إلا إذا انتهت الحرب.

وأكد أنه لا يمكن تحقيق السلام دون حل عادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، ويجب أن ينتهي القمع والعنف، محذرًا من محاولات إسرائيل تغيير هوية القدس والوضعية في المسجد الأقصى، خاصة دخول المتطرفين الإسرائيليين إلى الحرم القدسي، مشيرًا إلى أن العالم الإسلامي سوف يبذل جهده لحماية الهوية الإسلامية للأقصى والقدس.

وقال: إن "جامعة الدول العربية قامت بعمل ملحوظ في هذا الإطار"، مشددًا على أن حماية المواطنين والأبرياء ليست مسؤولية إنسانية وأخلاقية فقط، ولكنها مسؤولية سياسية ودولية.

وشدد فيدان على أهمية التعاون التركي مع العالم العربي في ظل أن الطرفين متأثران التحديات نفسها، ولديهما الأهداف نفسها، داعيًا إلى تنسيق العمل في مجالات الاستثمار والطاقة والسياحة والتكنولوجيا والصناعة ومكافحة الإرهاب، والدفاع.

وأشار إلى أن المنتدى العربي التركي سيعقد جلسته التالية في إسطنبول، وقال: "نحن مهتمون للغاية بتعزيز الآليات الحالية للتعاون بين الجانبين، خاصة التعاون بين وزراء الاستثمار والحوار العربي التركي".

من جانبها، قالت وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، كبير منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة سيغريد كاغ، إن "كل العاملين في المجال الإنساني في قطاع غزة يشهدون على الظروف غير الإنسانية، والمعاناة التي لا يمكن وصفها يتعرض له النساء والأطفال والشباب في غزة".

وتابعت: "إنه لا يمكن مقارنة ما نشاهده على شاشات التلفاز بالواقع على أرض غزة، حيث أن الامور على الأرض أكثر فظاعة ومأساوية، ونشهد في غزة كارثة إنسانية كبرى، مشددة على أنه تم فصل غزة عن كل قنوات الإمداد، منذ 11 شهرًا ما ضاعف الكارثة الإنسانية من حرب ودمار ونقص غذاء ودواء، وكان قرار مجلس الأمن الأخير بهدف فتح مسارات المساعدات الإنسانية والصحيحة لأهل غزة".

كما يتضمن مشروع جدول الأعمال العديد من البنود الرئيسية، التي تتناول المجالات السياسية، والأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية، والمالية.

وعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعًا تشاوريًا قبيل انطلاق الدورة، لمناقشة القضايا الرئيسية المعروضة على جدول الأعمال، خاصة ما تشهده الأرض الفلسطينية من تصاعد في وتيرة حرب الإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء شعبنا في قطاع غزة، والضفة الغربية، بما فيها القدس، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.