لكَ،لا لغيركَ، كلُّ قلبي مُولَعُ

هو غيرُ أهلِ العشقِ لا يتمنّعُ

قلبي فضاءٌ لا حدودَ لِطيرِهِ

وأنا الذي مِن شَوقهِ لا يقنعُ

فأحُطُّ عندَ منارةٍ فيّاضةٍ

لتحيطَ بي عندَ الأحبةِ أَذْرعُ

حتى إذا لاقيتُ غَوْثي ناظراً

أمشي، وعيني في الترابِ.. وأخضعُ

وتشقّ أقدامُ المُوَلَّهِ دربَها

والقَصْدُ أنْ يفنى المُحِبُّ المُوجَعُ

أتوسّلُ القُربى ليشملَني الرِّضا

وأنالَ خِرْقتَهُ ولا أتورَّعُ

لكنّني مِن هيبةِ البدرِ الذي

خالجتُهُ .. قمصانُ وجهي نُقَّعُ

ولربّما زاغَ الفؤادُ، فَرَجَّني

ووجدتَني في حَقْلهِ أتَضَوَّعُ

حتى تماهى الخَطْوُ في حَبَقِ الرّجا

وعلى المدى يبكي السجودُ الرُّكَّعُ

كشفوا السِّتارَ وقد تنادوا .. والذي

امتلأت به أنوارُ ليلي.. يسطعُ

وإذا تعالى الليلُ، فَجّ شُروقُهم

وأضاءَ من وَهَجِ التَّجلّي بُرْقُعُ

شربوا السّلافَ، وقد أداروا كأسَهم

في ليلِ مَنْ ثَملوا ، ولم يتجرَّعوا

دقّوا على بابِ الجليلِ ، وهل لهم

إلاّ السؤالُ إذا استفاقَ المِهجعُ

ذابوا وغابوا ، والصعودُ طريقُهم ..

والغيمُ تحت نِعالِهم يتخَشَّعُ

هزّوا النوافذَ كي يكونَ وصولُهم

شوقاً ، وباتوا في الطريق .. وأَتْبَعوا

يمضون مثلَ السّهمِ حين تيمّموا

وجهَ السماء ، وإنْ تناءى .. أسرعوا

***

وأنا المُحبُّ لسيّدي ولآلهِ

والثوبُ يشهدُ أنّ أهليَ أربعُ

نجمان في حِضنِ الحبيبِ وكوكبٌ

وأبو ترابٍ غابةٌ تتفرّعُ

هذا أخوهُ وَصِهرهُ وبديلُهُ

فبأيّ قولٍ بعد هذا تصدعُ

هذا الفتى الزُّهْدُ الزكيُّ وما لَهُ

نِدٌّ إذا عُدَّ الصَفيُّ الأشجَعُ

شتّان ما بين الذي ركبَ الوَغى

أو بالقِيانِ بقصرهِ يتخلَّعُ

شتّان .. مَن فتحَ الجِنانَ بِرُمْحِهِ

أو في جحيمِ رمادهِ يتمتّعُ

شتّان ما بين الذي في آيةٍ

وصلَ القريبَ ، ومَن لِرَحْمٍ يقطعُ

شتّان .. مَن قطعَ الرؤوسَ سفاهةً

أو مَن على حَدِّ الرّدى يتمزّع

سيّان مَن خرجوا عليه جهالةً

أو مَن تناسى الحقَّ أو يتذرّع

ظلموا المصاحفَ والشهيدَ وأُمَّهُ

والظُلْمُ لو سادَ البُغاةُ سيطمعُ

***

يا بِضْعةَ النّورِ التمامِ وقلبَهُ

يا ريحَ جنَّتِه وكَفّاً تدفعُ

إنْ كُنتِ غاضبةً فَربُّكِ غاضبٌ

أنتِ المُعَقِّبُ والأمينُ المَطْلعُ

فَطَمَ الإلهُ النارَ عنكِ .. فكيفَ لو

حَزَّت نِصالٌ أنْ يُبَرَّأَ مِبضَعُ

وإذا انتسبتُ فإنني مِن دوحةٍ

أعلى من الشِّعرِ المُباحِ وألمعُ

جَدّي ابنُ فاطمةِ البتولِ ! وحُقَّ لي،

نحوَ المَجرَّةِ والسُّها، أتطلّعُ

ذاكَ الحبيبُ أبو محمدٍ مَن سَقى

شهداً ، وأُسْقِيَ ما يُميتُ ويُفْزِعُ

عامُ الجماعةِ من يديهِ .. وكلّما

اختلفَ اللسانُ يُقالُ: أين المَرْجِعُ

وإذا اعتلى السِّبْطُ المكحّلُ سرجَه

صهلَ السكونُ ورَجْعُهُ يتصدّعُ

حتى إذا استلَّ الحسامَ بكفّهِ

شربتْ دماءَ النَّصرِ أرضٌ بَلقعُ

يشتاقُه التاريخُ والزمنُ الذي

أغواه كسرى والسُّراةُ التُبَّعُ

يا قادحاً برقَ الظلام بزندِهِ

وعلى أصابعِهِ المنايا تجزَعُ

الطَّفُّ حدٌّ بين مَنْ رامَ الهُدى

أو بين مَنْ غَصَبوا الهُداةَ وروَّعوا

هو أشبه الخَلْق الكرام بِجَدِّه

فكأنّه لكمالِهِ يتبَدَّعُ

يا ذُلَّهُم ! قتلوا الحسينَ وما دروا

أن الملائكَ في السّما تتَفَجَّعُ

يا جامعَ الدُّررِ .. انتبه ! هذا دمٌ

إنْ مَرَّ في بالي أَخِرُّ وأخشعُ

***

إنّي المتيَّمُّ بالنبيِّ وذِكْرِه

وكذا المتيّمُ لا يرى أو يسمعُ

وإذا تباعد حوضُهُ عنّي فقد

صاحبتُ مَن ركبوا السَّفينَ.. وأقلعوا

ويطول دربُ الماءِ إنْ عطشَ الفتى

والظِلُّ يخدعُ والمرايا خُدَّعُ

***

يا جعفرَ الطيارِ جاءكَ صادقٌ

هو جامعٌ ومنارةٌ وتَضرُّعُ

وإلى الصلاةِ مع الصيامِ إلى الهدى

وإلى اليتامى والأيامى.. يهرعُ

يبقى على ثلجِ الوصالِ بجمْرِهِ

متوقّداً .. والياءُ حرفٌ مُشْرَعُ

وإذا يصلّي النقشبنديُّ الذي

ذَكَرَ الإمامَ .. فكلُّ صوتٍ أدْمُعُ

هو صادقٌ ومُصَدَّقٌ ، حَمَلَتْ به

بِكْرٌ وطابَ به الحَنانُ المُرْضِعُ

والسادةُ الشهداءُ والنَسغُ الذي

يجري فتُشرقُ من سناهُ الأضْلعُ

***

لا سُنَّةٌ أو شيعةٌ، هي فتنةٌ

تودي بنا .. ووراءَها المتخَنِّعُ

هل في التَّسَنُّنِ أن نقولَ روافِضاً

أوْ يلعَنَ الخلفاءَ مَن يتشيَّعُ ؟

كان الصحابةُ للرسولِ نجومَهُ

وبهم لأُمَّتِهِ أفاضَ ليسمعوا

هُم سُدّةُ النّهجِ القويمِ وحَرْفُهُ

والحقُّ لو عرفوه حقّاً .. يردعُ

لا ظاهرٌ أو باطنٌ أو عازلٌ

كلٌّ له رأيٌ به يتَمَنَّعُ

والدربُ ما تركَ الحبيبُ؛ محجّةً

بيضاءَ تكشفُ ما يُريبُ ويَخْدَعُ

***

بكتابِنا يُمسي التوحّدُ ماثلاً

وشتاتُ أُمَّتِنا بهم يتجمّعُ

وإذا مشَوْا فوق الحصاةِ تنفّست

فيها الحياةُ وَحَنَّ جذعٌ طَيّعُ

خُلقوا لِعَرْشِ المجدِ في ساحِ النّدى

والمجدُ يصرعُ والعروشُ المَصْرَعُ

حفِظوا الأمانةَ للخليقةِ كلِّها

والجهلُ في وجهِ الهدى يتنطّعُ

كشفوا غموضَ الماسِ في آياتِهِ

والقولُ إنْ غُمَّ الكلامُ .. تَصَنُّعُ

مَنْ طهّروا الأرضَ الحرامَ بهاطلٍ

أزكى من المِسْك البريءِ وألمعُ

وإذا تشاوفَ أسودٌ أو أبيضٌ

ظلّوا على عليائِهِمْ وتورَّعوا

وإذا أتى ذو حاجةٍ فرِحوا به

فكأنه المُعطي .. يجودُ ويُوسِعُ

يمشون بين الناسِ عَدْلاً خالِصاً

وإذا تقاطبتِ المجالسُ ، شُفِّعوا

وإنِ الخلائقُ ضيّعتْ أنهارَها

كانوا لهم غيثاً، فطابَ المَرْبَعُ

وإذا تطاول ذو مخالبَ في الورى

صدّوه بالسيفِ المبينِ .. وأوقعوا

وعلى الزمانِ ، وقد تهاوى مِنبرٌ

أضحوا له فصلَ الخطابِ .. وأَسْمعوا

فرشوا عباءاتِ الربيعِ وهشّموا

ما يملكونَ من السّنامِ .. وأَشبَعوا

وإذا تناهتْ كلُّ مِسرفةٍ وقد

ضاع الشقيُّ .. بهم يعودُ الضُيَّعُ

يتساقطُ الفرسانُ في ساحِ الوغى

وفطيمُهم بنجيعِهِ يتربَّعُ

إن لَجَّ في تأويلِهِ متحدِثٌ

ظلّوا على القولِ الشريفِ .. وأَبرَعوا

واذا تفانَوْا في الطريقِ فإنهم

شُهُبٌ تضيءُ ونيزكٌ يتوزّعُ

هُم للإِمامةِ قلبُها ولسانُها

والعارفون إذا أشارت إصبعُ

هم صنوُ سُنّتهِ النقيَّةِ والتُّقى

وهمُ الطهارةُ والمجازُ الأوسَع

هُم جَدُّ كلِّ سماحةٍ وهمُ الأُلى

أنقى من الثلجِ البديعِ وأنصعُ

ترضى النسورُ إذا السماءُ تلبَّدتْ

بالنَقْعِ منهم .. والطيورُ الرُّضّعُ

إنْ حدّثوا كانوا حدائقَ حكمةٍ

وضّاءةٍ يُقضَى بها ويُجَمَّعُ

وإذا مشَوْا في الناس سارت أنجُمٌ

فكأنها بثيابِهِم تتلفّعُ

يستحضرُ الوجعُ القديمُ حضورَهُم

ويذوبُ فيهم كلُّ منْ يتلوّعُ

لو كان فوقَ النارِ منزلُ راقدٍ

وأَشَمَّ سيرتَهم لطابَ المَرتَعُ

الشَّهْدُ في أعراقِهِمْ والطُّهْرُ مِن

أثوابِهِمْ والفضلُ فيهم أرفعُ

هم سادةُ الدّنيا وجوهرُ عِقْدِها

وبهم أجَلُّ السابقينَ وأنفعُ

ما كان من شرفٍ فهم أُمراؤُهُ

إنَّ الإمارةَ دونَهم لا تُرفَعُ