عقدت وزارة شؤون المرأة، اليوم الإثنين، جلسة إحاطة للمقررين الخواص للأمم المتحدة، حول "واقع وتحديات المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال بين الحماية والمساءلة".

وقالت وزيرة شؤون المرأة منى الخليلي، في كلمتها خلال الجلسة الافتتاحية، إن هذا الحدث الاستثنائي يأتي لإحاطة السيدات والسادة المقررين الخواص بواقع المرأة والفتاة الفلسطينية تحت الاحتلال بين الحماية والمساءلة، خاصة في ظل هذه الأوضاع المأساوية التي يشهدها شعبنا في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وأضافت: "أردنا هذا اليوم لنضع المقررين الخواص والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان في صورة الانتهاكات المرتكبة بحق المرأة والفتاة الفلسطينية في كل من قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، وتبعات هذه الانتهاكات على حقوق النساء الفلسطينيات".

وتابعت أن هذه الإحاطة تأتي في سياق هذا الواقع المعقد الذي تعيشه النساء الفلسطينيات في ظل الاحتلال الاستعماري في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وفي قطاع غزة، خاصة في مجالات عنف الاحتلال وأثره على المرأة الفلسطينية، والاستيطان ووضع الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال ومراكز الاحتجاز والتحقيق والتعذيب، إضافة إلى الانتهاكات ضد النساء في مجالات الحق بالحياة، والتعليم، والصحة، والسكن، والإخفاء القسري، والوصول للموارد بما فيها الماء والغذاء وغيرها من الخدمات الأساسية.

وقالت الخليلي: "نتطلع لهذا اليوم كنافذة لتسليط الضوء على انتهاكات الاحتلال بحق النساء، ودور الأطر والأدوات الدولية القانونية المتاحة لحماية النساء ومساءلة الاحتلال ومحاسبته على جرائمه وانتهاكاته، والأطر والإجراءات الدولية الواجب اتخاذها لتنفيذ قرارات الشرعة الدولية وقانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الدولي الإنساني، وعلى رأسها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وحول أجندة المرأة والأمن والسلام".

وأضافت: أن لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة أعربت في بيانها عن عميق قلقها إزاء الحرب على قطاع غزة التي أسفرت عن خسائر فادحة في صفوف المدنيين وفاقمت من الأزمة الإنسانية في القطاع، بما في ذلك استشهاد وجرح عدد كبير من المدنيين النساء والأطفال والشيوخ وذوي الإعاقة، مضيفة أن اللجنة أشارت إلى أن القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي ينطبقان في جميع الظروف وفي جميع الأوقات ولجميع الأطراف المعنية، وأنه ينبغي احترام الحق بالحياة حتى أثناء الأعمال العدائية.

وتابعت أن "النساء والفتيات في فلسطين يمتن ببطء، فمن لا تقتلها القذيفة يقتلها الحزن والجوع والمرض، وأن النساء يعانين بشكل مضاعف أثناء الحمل نتيجة الاحتلال والحرب، ويتذوقن صنوف التعذيب والسجن والإخفاء القسري، والعنف الجنسي، وأن كل ذلك في ظل انعدام المساءلة والمحاسبة لدولة الاحتلال الإسرائيلي وقادتها الذين يصرون على انتهاك القانون الدولي بشكل ممنهج وصريح، والاستمرار في أعمال الإبادة للشعب الفلسطيني وتدمير كافة مناحي الحياة الاقتصادية والتعليمية والثقافية والبيئية".

وتحدثت حول الوضع في الضفة الغربية بما فيها القدس، المتّسم بالتحريض غير منقطع النظير ضد الفلسطينيين، وجيش الاحتلال وعصابات المستوطنين الذين يضيقون الخناق، ويهاجمون البلدات والأحياء والممتلكات، ويعدمون بدم بارد ويعتقلون بلا هوادة، وذلك بغطاء ودعم تام من دولتهم وقواتها العسكرية، ويأخذون النساء والأطفال دروعاً بشرية أثناء هجماتهم وعدوانهم اليومي على المدن والقرى والمخيمات، ويقصفون بالآليات الحربية، والذخيرة الثقيلة المساكن ويجبرون العائلات على إخلاء منازلها ويكرسون سياسة الفصل العنصري، ويعزلون المدن الفلسطينية عن بعضها البعض، ويحتجزون آلاف العمال، ويدمرون البنية الاقتصادية والصناعية والمشاريع التي تملكها أو تديرها النساء، ويسحبون تصاريح الإقامة ويمنعون لم شمل العائلات، ويسرقون الأموال، ويستولون على الأراضي، وينهبون محاصيلها، ويدمرون البنية التحتية، دون محاسبة ولا تدخل جاد من المنظومة الدولية.

ولفتت الخليلي إلى ما يعانيه الأسرى والأسيرات من هجمة انتقامية شرسة وغير مسبوقة شملت الضرب والتعذيب والاغتصاب والتنكيل والعزل والقتل والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية على مرأى العالم أجمع.

وأكدت المضي قدما على مسارين هما التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي في ظل هذا الواقع وحرب الإبادة وتدمير المؤسسات، الذي انعكس بشكل مباشر على عمل المؤسسات النسوية التي تقدم الدعم للنساء والفتيات من خلال توفير خدمات أساسية لهن.

وقالت: إن الحقائق والأدلة المتزايدة التي لا يمكن تجاهلها، تؤكد تدهور حالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة مع إمعان إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بالإفلات من المساءلة والمحاسبة نظرا لقصور منظومة الحماية الدولية وسياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير، وهو ما يحتم على كافة أجهزة وكيانات الأمم المتحدة تكثيف دورها برصد حالة حقوق الإنسان في فلسطين.

من جانبه، قال مساعد وزير الخارجية لشؤون الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة عمر عوض الله، في كلمته، إن القيادة الفلسطينية تتخذ منهجا في حماية المرأة والحفاظ على حقوقها كمبدأ راسخ يتم تعزيزه بشكل دائم من خلال العديد من الإجراءات والممارسات الواجبة الاتباع في دولة فلسطين، وهو ما ينعكس على المجال الدولي.

وأضاف: أن انعكاس النظام الاستعماري الإسرائيلي على المرأة هو نفس الانعكاس على كل المجتمع الفلسطيني في جوانب الحياة كافة، في ظل حرب الإبادة والقتل والدمار والاستيطان والاعتقال التعسفي الذي يطال الجميع بمن فيهم المرأة الفلسطينية، وأنه إذا ما تم النظر إلى منظومة متكاملة من الحماية والمساءلة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار كيفية حماية المرأة الفلسطينية ومحاسبة الاحتلال على جرائمه.

بدوره، قال مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة في جنيف إبراهيم خريشة، إنه من المهم الحديث عن الحماية للمرأة الفلسطينية تحت الاحتلال، التي تعاني كجزء من الشعب الفلسطيني من انتهاكات يومية وقتل وترويع وعنف بما في ذلك العنف الجنسي.

وأضاف: أنه "عند الحديث عن الحماية والمساءلة نتحدث عن الكثير من النصوص والمواثيق والمعاهدات الدولية التي تؤمّن هذه الحماية النظرية"، مشيراً إلى أهمية المقررين الأمميين في العمل على تطبيق تلك المواثيق من خلال ولاياتهم الأممية.

من جهتها، قالت رئيسة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية انتصار الوزير إنه منذ أحد عشر شهرا لم تتوقف آلة القتل الإسرائيلي في قطاع غزة عن حرب الإبادة والتهجير، مخلفة وراءها مئات آلاف الشهداء والجرحى 70% منهم من النساء والأطفال، عدا عن تجويع وتهجير ما تبقى من المواطنين وتدمير البنية التحتية وهدم المنازل والمستشفيات والمدارس والكنائس والمساجد، والحصار الذي يمنع دخول المساعدات الإنسانية والطبية، إلى جانب ممارسة التعذيب والاغتصاب بحق الأسرى والأسيرات.

وأضافت: أن كل هذا يضاعف من معاناة النساء اللواتي فقدنَ أزواجهنّ وآباءهنّ وأصبحنَ مسؤولات عن رعاية أسرهنّ في ظروف غاية في القسوة والصعوبة.

وأشارت إلى أن الصمت الدولي والحماية والدعم الأميركي للاحتلال ساهم في تشجيعه على الاستمرار في عدوانه على قطاع غزة وتماديه بتوسيع هذا العدوان على الضفة الغربية عبر فرض الاحتلال العسكري المباشر واجتياح المدن ومحاصرة المخيمات وتدميرها والاستيلاء على الأراضي وتوسيع الاستيطان وتهويد القدس وتقويض السلطة الوطنية الفلسطينية ومحاصرتها ماليا وسياسيا.

من جانبها، تحدثت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، حول الصعوبات التي تعاني منها النساء وكافة الشعب الفلسطيني في ظل ممارسات الاحتلال، مؤكدة أن احتياجات النساء يجب أن تكون أولوية في ظل ما يمر به قطاع غزة، في الوقت الذي يضطر فيه الضحايا لمواجهة كثير من الصعوبات مع حجم الدمار وجريمة التدمير والإبادة بحقهم.

وتبع الجلسة الافتتاحية للإحاطة، أربع جلسات إضافية قدمها متحدثون وممثلون عن العديد من المؤسسات الوطنية والدولية، ودارت أولى الجلسات حول عنف الاحتلال وأثره على المرأة الفلسطينية، وتخللها عدة محاور هي: تداعيات العدوان على المرأة الفلسطينية، والانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسيرات، وواقع المرأة في قطاع غزة في ظل جريمة الإبادة الجماعية، وأدوات المساءلة الدولية والحماية للنساء تحت الاحتلال.

واستعرضت الجلسة الثانية سياسة الاحتلال في ظل الاستيطان، وهدم المنازل وتدمير البنية التحتية، وتضمنت عدة محاور هي: آثار العدوان على البنية التحتية، وسياسة الاحتلال المتصاعدة للسيطرة على الأرض وأثرها على المرأة، وتأثير أوامر الهدم على النساء، وتداعيات الاستيطان وقضم الأراضي على النساء.

وتناولت الجلسة الثالثة العدوان وأثره على الحق بالصحة والغذاء، وتضمنت عدة محاور هي: الواقع الصحي في ظل العدوان المستمر، وواقع النساء والفتيات في ظل الوضع الكارثي في المخيمات جراء استهداف الاحتلال لهن، وأثر العدوان على النساء ذوي الإعاقة، والتجويع كأحد أدوات الإبادة.

وتحدثت الجلسة الرابعة عن انتهاكات الاحتلال بحق التعليم_ البيئة_ المياه، واحتوت على عدة محاور هي: واقع التعليم في ظل العدوان المستمر، وسياسة الاحتلال بالاستيلاء على مصادر المياه وأثرها على النساء، والعدوان وآثاره البيئية على المرأة، واستهداف الصحفيين وقت الحقيقة "الحرب على الإعلام الفلسطيني".