بقلم: أسيل الأخرس ورامي سمارة
ينطلق العام الدراسي الجديد، الاثنين، في ظل إبادة متواصلة على شعبنا في قطاع غزة، وانتهاكات الاحتلال والمستعمرين في الضفة الغربية بما فيها القدس.
ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حُرِم طلبة المدارس والجامعات في قطاع غزة من الالتحاق بالعملية التعليمية، جراء القصف المتواصل على مختلف أنحاء قطاع غزة، في ظل تواصل العدوان واستهداف الأحياء والمربعات السكنية بالكامل.
حيث شهدت المدارس نزوحا لآلاف الأسر، ووفقًا للأمم المتحدة فإن نحو 1,9 مليون شخص في قطاع غزة هم نازحون، ويشمل ذلك أشخاصًا نزحوا بشكل متكرر.
وذكرت وزارة التربية والتعليم العالي في بيان صدر عنها، يوم الأحد، أن عدوان الاحتلال على غزة تسبب في استهداف أكثر من 25,000 طفل ما بين شهيد وجريح، منهم ما يزيد على 10,000 من طلبة المدارس، وسط تدمير 90% من مباني المدارس الحكومية البالغ عدد أبنيتها 307.
وأشارت الوزارة إلى أن العدوان الذي يقترب من إتمام عام كامل، يحرم أكثر من 630 ألف طالب وطالبة من حقهم التعليم منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، يضاف إليهم أكثر من 58 ألفاً يُفترض أن يلتحقوا بالصف الأول في العام الدراسي الجديد، فضلا عن 39 ألفاً ممن لم يتقدموا لامتحان الثانوية العامة.
وقال الناطق باسم وزارة التربية والتعليم العالي صادق الخضور: إن "الوزارة بصدد البدء بخطوات عملية لإنفاذ خطتها المتعلقة بإنقاذ التعليم في قطاع غزة"، منوهًا إلى الإقبال الكبير الذي شهدته الوزارة على التسجيل ضمن مدارس افتراضية للتعليم الإلكتروني خُصصت لطلبة القطاع، وذلك في إطار ما يمكن تقديمه من تدخلات طارئة، انتظاراً لاستقرار الميدان لتنفيذ التدخلات الشاملة.
وأضاف الخضور: أن "الوزارة أعّدت خططاً للعام الدراسي الجديد تحقق تطلعات تقديم الحد الأعلى الممكن من التعليم الوجاهي بما يراعي تطورات الوضع الميداني المرتبطة بانتهاكات جيش الاحتلال الإسرائيلي وعصابات المستعمرين في الضفة الغربية بما فيها القدس، التي أدت إلى استشهاد 78 طفلاً من طلبة المداري، واثنين من الكوادر التعليمية منذ السابع من تشرين الأول الماضي".
ويُفتتح العام الدراسي بشكل رسمي اليوم الاثنين بالضفة الغربية والقدس، في 2459 مدرسة حكومية وخاصة وتابعة لوكالة الغوث "الأونروا"، ليلتحق بها أكثر من 806,360 طالبًا وطالبة، يتلقون تعليمهم على يد 51,447 معلمًا ومعلمة.
وذكر أن الوزارة أوعزت إلى مديريات التربية والتعليم بمراعاة الأوضاع الميدانية والتباينات بين المحافظات بما يحقق أعلى نسبة دوام ممكنة، انطلاقاً من التوجه بالتركيز في العام الدراسي 2024 - 2025 على التعليم الوجاهي، في ظل التقييمات التي قامت بها الوزارة للتعليم الإلكتروني التي أشارت إلى عدم نجاعته.
وبين أن الوزارة راعت في تنقلات المعلمين والمعلمات مكان سكناهم، حتى لا يضطر معظمهم إلى سلوك طرق وحواجز تفرض عليها قوات الاحتلال إغلاقات بين حين وآخر.
وأشار الخضور إلى أن الوزارة أوعزت بتعزيز وجود ممثلي مدراء المديريات في المناطق المستهدفة من جيش الاحتلال والمستعمرين، لا سيما أن هناك نحو 100 مدرسة تقع في تخوم المستعمرات وبمحاذاة الطرق الاستعمارية، وفي المناطق التي تشهد انتهاكات متكررة كبعض المدارس في جنوب نابلس، والبلدة القديمة في مدينة الخليل وشمال المحافظة، والريف الشرقي لبيت لحم، والأغوار، منوهًا إلى أن التربية والتعليم العالي تواصلت مع مؤسسات دولية وحقوقية ودبلوماسية مختصة في مجال التعليم، لكي يكون لها تدخلات في توفير حق التعليم لأطفال فلسطين، ولكي تتحمل مسؤولياتها في إيلاء تلك المدارس اهتماما خاصا، وتحقيق مطلب عدم استثناء أي مدرسة من حق الطلبة في التعليم الوجاهي.
وبين في الإطار ذاته، أن انتهاكات الاحتلال والمستعمرين التي أعقبت انطلاق العدوان على قطاع غزة، حرمت طلبة 11 مدرسة في الضفة الغربية من الدوام وجاهيا منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، موضحًا أن الأحداث الطارئة تسببت في إعاقة الدوام بشكل جزئي في بعض المدارس خلال العام الدراسي الماضي، فضلاً عن هدم سلطات الاحتلال عددًا من مدارس التحدي التي أقامتها الوزارة في المناطق المستهدفة، وكان آخرها مدرسة خلة عميرة الأساسية في يطا جنوب الخليل، وكان ذلك في تموز/يوليو الماضي خلال فترة العطلة الصيفية، إذ سيعود الطلبة غدا لتلقي تعليهم في خيمة.
وشدد على أن تعامل وزارة التربية والتعليم العالي مع الفاقد التعليمي وتعويض الطلبة مرهون باستقرار العام الدراسي، إذ كانت خلال فترة العطلة الصيفية تدخلات عبر المخيمات الصيفية التي أخذت طابعاً تعليمياً.
وقال الخضور: "نأمل أن يستقر العام، ونؤمن بأن لدى المعلمين والمعلمات القدرة على تمرير المادة اللازمة بما يُمكّن الطلبة من اجتياز المراحل الدراسية حتى يكونوا مؤهلين للتقدم في المسار التعليمي، والوزارة لديها خطط أيضاً تركز على موضوع إعطاء كل ما من شأنه تعويض الطلبة عما فاتهم، شريطة استقرار العام الدراسي".
وقال القائم بأعمال مدير شؤون وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في الضفة الغربية رولاند فريديتش: "جاهزون لبدء السنة التعليمية في الضفة الغربية، بالتعاون مع الحكومة الفلسطينية".
وأضاف: جاهزون من الناحية الفنية والكوادر التعليمية والصفوف المدرسية، ونتمنى أن تسمح الظروف على الأرض باستقرار العام الدراسي في محافظات شمال الضفة.
وحول الفاقد التعليمي، أوضح أن الطلبة في مخيمات شمال الضفة الغربية في جنين وطولكرم، فقدوا خلال العام الماضي من 30 إلى 35% من السنة التعليمية، ما أثر بشكل مباشر على العملية التعليمية، مشيرًا إلى أن "الأونروا" وفي سبيل تعويض الفاقد، أضافت أيامًا تعليمية في أيام العطل، ورغم الظروف الصعبة في ظل العملية العسكرية حصل الطلبة على معدلات فوق الـ90%.
وعن الوضع في قطاع غزة، قال فريديتش: "هناك حاجة إلى تنظيم أنشطة تعليمية، وفي آب/ أغسطس الماضي، بدأت حملة لتعليم 30 ألف طفل من خلال تقديم الحد الأدنى من الأنشطة الترفيهية والتعليمية، وذلك في إطار واجبنا الأخلاقي والقانوني".
وكان المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني قد أشار سابقًا، إلى أن طواقم الأونروا من المدرسين والمرشدين النفسيين في بعض مدارسنا، تقدم خدمات تعليم غير رسمية تشمل اللعب والرياضة والرسم والأنشطة الترفيهية، لكنها لا تُعتبر بديلاً عن خدمات التعليم الرسمي.
وبحسب "الأونروا" فإن 625 ألف طفل، منهم 300 ألف من طلبة مدارس الأونروا في قطاع غزة، فقدوا عامًا دراسيًا كاملاً، وكلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة، زادت صعوبة تعويض الفاقد التعليمي.
وتدير الأونروا نحو 200 مدرسة في قطاع غزة، ويعمل لديها أكثر من 9,300 معلم ومعلمة، ومنذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 تحولت معظمها إلى مراكز إيواء، وتعرضت 70% من مدارسها للقصف، حيث تم تدمير بعضها بالكامل، وأخرى لأضرار شديدة، وحسب إحصائية الأونروا فإن أربعة من كل خمسة مبانٍ مدرسية في غزة تعرضت لضربات مباشرة أو تضررت.
واستشهد 563 مواطنًا أثناء احتمائهم بمدارس الأونروا، و1790 شخصًا أُصيب بجروح أثناء تواجدهم فيها، بحسب الأونروا.
فيما بلغ العدد الإجمالي للشهداء من العاملين في الأونروا منذ السابع من تشرين الأول 213 موظفًا، منهم 126 معلمًا.
وشدد فريديتش على التزام "الأونروا" بتقديم كل الخدمات لسكان المخيمات حسب الولاية الممنوحة لنا من ناحية التعليم والصحة، حيث نقوم مباشرة بفتح المدارس والمراكز الصحية لتقديم الخدمات للاجئين، وبالتعاون مع اللجان الشعبية في المخيمات والحكومة الفلسطينية فيما يتعلق بإصلاح البنى التحتية وتقديم بعض المساعدات للنازحين الذين اضطروا لمغادرة منازلهم بسبب تعرضها للتدمير جراء العدوان.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها