قال ممثل الرئيس في القمة العربية الافريقية الرابعة، وزير الخارجية رياض المالكي، إن الجهود العربية الافريقية المشتركة ما زالت قادرة على القيام بواجباتها السياسية والتضامنية والإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل.
وأضاف المالكي في كلمته نيابة عن الرئيس أمام القادة العرب والافارقة في قمتهم الرابعة والتي انعقدت اليوم الأربعاء، في عاصمة غينيا الاستوائية مالابو تحت شعار "معا لتنمية مستدامة وتعاون اقتصادي"، برئاسة رئيس جمهورية موريتانيا محمد ولد عبد العزيز عن الجانب العربي، ورئيس جمهورية تشاد ادريس ديبي، عن الجانب الافريقي، وبرعاية رئيس جمهورية غينيا الاستوائية اوبيانج امباسوجو، ومشاركة الأمين العام للجامعة العربية احمد ابو الغيط، ورئيس ومفوضية الاتحاد الافريقي دراميين زوما، "يطيب لنا أن نلتئم وإياكم، في هذه القمة التي نأمل لها النجاح والتوفيق، في تحقيق مقاصدها وأهدافها النبيلة، وهو أمل فلسطيني مقرون باستعداد وتحفز دائمين، للعمل الدؤوب من أجل الوصول لتلك المقاصد والأهداف".
ونقل تحيات رئيس دولة فلسطين، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، رفيقكم وأخيكم الرئيس محمود عباس، وتمنياته الصادقة لمؤتمر قمتكم الحالي، بأن يشكل رافعة حقيقية، لتحصين العلاقات العربية الافريقية، في هذا الواقع الدولي المتغير، والبناء على ما تم انجازه في قمة الكويت السابقة، لتلبية احتياجات العالم العربي، والقارة الافريقية على حد سواء، بوصفهما منطقة متداخلة المصالح، ومتشابهة الإمكانيات، ومتشابكة التاريخ، ومتصلة الجغرافيا، كما أنهما محل أطماع متعددة، ما تلبث أن تنطفأ حتى تعود من جديد، وهو ما يفرض توقفنا جميعا، أمام واحدة من أهم مفردات الحقيقة الجيوسياسية الراسخة، وهي أن العالم العربي يمثل العمق الأكثر ضمانا وأمانا، للقارة الافريقية على مر العصور، بذاك القدر الذي تمثل فيه القارة الافريقية، عمقا استراتيجيا وسياسيا للعالم العربي في كافة قضايا الساعة، التي تعرفون، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وتابع المالكي: "نلتقي اليوم على محددات تعزيز التضامن العربي الافريقي، وتطوير العلاقات الثنائية والمتعددة، بين دولنا الأعضاء، والنهوض برؤية مشتركة واحدة، تواجه التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية، وزيادة أواصر الصلات التي تؤكدها وتشكلها المصالح العربية الإفريقية، في كافة المجالات، وحماية مكتسباتنا في الحرية والسيادة والرفاه، التي صاغتها في أكثر من مكان، روح كفاحية فريدة، لم تميز بين إفريقي وعربي، في المسعى نحو الاستقلال، من قوى الظلام والاستعمار، فإننا نستذكر أهم الرجال الذين عملوا على تحقيق هذه المبادئ، من خلال دعمه لنضال شعبنا من موقعه رئيسا لمنظمة الوحدة الافريقية، الراحل ويليـام إتكـي مبومـوا".
وقال: "نعتقد بأن جهدا عربيا افريقيا مشتركا، ما زال قادرا على القيام بواجباته السياسية والتضامنية والإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل، الذي تعرض لأفدح ظلم تاريخي، على مدار القرنين الماضيين، وتحويله من شعب منتج ومصدر للحضارة، إلى عنوان عالمي مستمر لأزمة سياسية وإنسانية، منذ سبعة عقود تقريبا".
وشدد المالكي على أن شعبنا الذي يؤمن بالسلام وينشده، لهو أكثر إيمانا اليوم بعدالة قضيته، وبأهليته في تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، على حدود الرابع من حزيران عام 1967م. وهذا حق لا يمكن لنا إلا أن نستمر في المطالبة به، والكفاح والتضحية من أجله، مستعينين بالله، ثم بدعم أشقائنا العرب والأفارقة، وإسناد الأصدقاء في مجموعات الدول الأوروبية واللاتينية والآسيوية، ودول عدم الانحياز، وكافة القوى المحبة للعدل والخير والسلام في العالم".
وأكد الالتزام بالشرعية الدولية والقرارات ذات الصلة بإنهاء الصراع في الشرق الأوسط، على قاعدة حفظ الحقوق الفلسطينية، وأولها حق العودة اللاجئين الفلسطينيين، رغم تنكر إسرائيل لالتزاماتها، وتعمدها إفراغ عملية السلام من مضمونها، ومراهنتها على آلتها العسكرية لخلق واقع عنصري، يسهل ابتلاع حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية في وطنه.
ونوه المالكي الى تحركات قيادة الشعب الفلسطيني، باتجاه إشراك العالم في حل القضية الفلسطينية، تأتي من باب قناعتنا الراسخة، بأن وضع حد لمعاناة شعبنا في الوطن والشتات، يمثل مفتاحا للأمن والاستقرار السلميين، في الشرق الأوسط والعالم، الشيء الذي واجهته إسرائيل بكثير من الصلف والتنكر، بعد أن أعطت نفسها الحق في شن حروب مدمرة ضد أهلنا في قطاع غزة، وزادت من وتيرة الاستيطان غير الشرعي في الضفة الغربية، واتخذت جملة من الإجراءات والقوانين العنصرية، التي تهدف لتهويد القدس الشرقية.
وأوضح أنه في الآونة الأخيرة عملت إسرائيل علنا على إشعال فتيل حرب دينية في المنطقة، من خلال مسعاها لتغيير الوضع القائم في القدس المحتلة، ومحاولتها فرض تقسيم زماني ومكاني للحرم القدسي الشريف، والذي ترافق مع القيام بأكبر حملة للإعدامات الميدانية الفردية، للفتية والفتيات الفلسطينيات، بحجج وذرائع واهية، في محاولة منها للاستفادة من ارتباك المشهد العربي، واشتعال منطقة الشرق الأوسط بالأزمات الداخلية.
وقال إن الاتحاد الإفريقي كان ولا زال لاعبا مؤثرا وفاعلا، في العملية السياسية في الشرق الأوسط، مستكملا بذلك دوره في تدعيم البعد التضامني الذي تبنته منظمة الوحدة الإفريقية، مع شعبنا منذ ما يقارب الخمسة عقود، رغم كل معيقات وضغوطات الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما نتطلع إلى التأكيد عليه وتطويره بكافة الإمكانات والسبل المتاحة.
وأمل المالكي من هذه القمة تبني رؤية كاملة، لدعم توجهنا الفلسطيني، لجعل عام 2017 عاما لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن أراضينا المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشريف، وتجسيد إقامة الدولة الفلسطينية المتصلة جغرافيا وذات السيادة، كخطوة ستعمل تلقائيا على تعزيز الاستقرار الدولي، ودعم كافة القرارات الدولية، التي نادت بضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ووضع حد لأي طرف يريد الخروج عن الإرادة الدولية.
وشدد على أن تطوير العلاقات العربية الإفريقية، لا بد وأن يمر من بوابة مواجهة الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي، للأراضي العربية المحتلة عام 1967 بوصف هذا الاحتلال، الامتداد الأكثر استحضارا للاستعمار الذي عانت منه قارة افريقيا، من قوى خارجية مهيمنة، توهمت لفترات طويلة، أنها قادرة على استعباد الشعوب وسلبها حقها في تقرير المصير، ونهب خيراتها، وتحويلها إلى مجتمعات من الدرجة الثانية، وهو ما واجهناه سويا، عربا وأفارقة، ونجحنا في ذلك، كما أننا يمكن أن نواجهه اليوم في فلسطين، منعا لأي انحدار أكبر في المنطقة والعالم.
وقال المالكي: إن شعبنا الذي ما زال يعاني من التشرد واللجوء والاحتلال، منذ ما يزيد عن 68 عاما، جراء ممارسات الاستعمار الإسرائيلي، والعنصرية الصهيونية، يتطلع إلى مزيد من التضامن الإفريقي العربي، مع كفاحه الوطني من أجل تمكينه من تحقيق أهدافه القومية.
واضاف أن إسرائيل تحاول بكل ما أوتيت من قوة، أن تتعالى على الإرادة الدولية، وتضرب بعرض الحائط القرارات والتشريعات الدولية ذات الصلة، بإنهاء الاحتلال أو اثبات أحقية شعبنا في ما تبقى من أصول وطنه التاريخي وأهليته في حماية مقدساته المسيحية والإسلامية، كما فعلت بتمردها على قرارات منظمة اليونسكو الأخيرة التي أثبتت عدم وجود أي رابط حقيقي بين إسرائيل والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشرقية المحتلة.
وشدد المالكي على أن القيادة الفلسطينية التي تنفتح على كافة الجهود الدولية المصممة على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، والحفاظ على أمن المنطقة والعالم، تدعم بتقدير كبير المبادة الفرنسية للسلام، رغم رفض إسرائيل لها، دون أن تعطي دولة الاحتلال، خيارا سوى استمرار احتلالها العنصري للأراضي الفلسطينية.
وقال: إن التاريخ يعلمنا أن المحتل سيندحر عاجلا أم آجلا، وأن الشعوب غير قابلة للفناء، وهو ما يزيدنا قناعة بأن الاحتلال الإسرائيلي سينتهي يوما ما، تماما كما انتهت كل أنواع الاحتلالات وإلى غير رجعة، عن دول عربية وإفريقية كثيرة.
وتمنى المالكي للقمة العربية الافريقية الرابعة النجاح والتوفيق، بما يعود بالخير والرفاه والاستقرار على شعوبنا العربية والافريقية جمعاء.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها