الشاعرة الفلسطينية نهى عودة

كان بودِّي لو كنتُ امرأةً عادية 

تحوك المُمزَّقَ من ثياب أطفالها 
ولا تنزعج من رائحة البصل 
أو تدمع عيناها فرحًا من الضحك 
وهي تمارس طقوس
الصَّباحات المُمتلئة بالنساء 
اللّواتي يثرثرن حول أتفهِ الأشياء 
ينتقدن اللِّباسَ
ويستهزئن بالعنوسة
.......

 كان يمكن أن يكون العمر أسرع
والقهر أقلّ
تمنّيتُ لو أتابعُ نشرات الأخبار العربية
مُصدِّقةً البطولات الورقيّة 
مُؤمِنةً بالذين يودّون إقناعَنا بها
أو أكون امرأةً تقطن ببلد كل ما فيه 
يناشد باللّاوطنية
امرأة.. تدّعي المقاومة 
من فتحة قميص 
وشفاهٍ وردية
امرأة تعيش على أنقاض التّفاهات
ويُبكيها فستانٌ لم تجلبه 
لأنّ سعرَه باهظٌ
امرأة تمارس طقوس الدّهاء 
لتحتفظ برجل..
تتزيّن بكامل حُلّتها
لتثبتَ بأنّها جميلة 
ولمّا تزل تنبضُ بالأنوثة 
امرأة.. يهمُّها أن تصارع على رجلٍ يرحل عنها
وتُقيم عزاءه لمدى العمر
امرأة يُطربها سماع الكلمات المُنمَّقة 
فتطير مُغرِّدةً
مُنشِدةً أعذب ألحانها
يُضنيها الفَقدُ
يكسرها
يتبدّى على ملامحها
يُؤرِّقها..
تخشى الشَّماتةَ وإنْ غدَت وحيدةً!
وكل ما فيها قد قُتِل
طالما الأمور مَخفِيَّةٌ
أقصى أمانيها أن تملأ المنزلَ أطفالا
أن تنتظر رجلا 
وإن كان دجَّالا
أن تقدِّس التقاليد والأعراف 
تكترث لما يقوله الناسُ
تخاف من الدخول بِرِجلها اليُسرى
تستمتع بأوانيها الفِضيَّة
تضع رِجْلًا على رِجْلٍ في محاولةٍ
لإظهار الأنوثة 
وتتغنّى بأولادها الذُّكور
.....

امرأةٌ بعقليّةٍ رجعيّةٍ
تضعُ العينَ الزّرقاء على صدرها
خوفًا من حسدٍ يصطادُها
تعبأ جدًّا بأسوارها الذهبيَّة
تتعمَّدُ إظهارُ ماركة جزدانها
إنْ قرَّرَت أن تتماشى مع ما يُسمُّونها 
المدنِيَّة
.....

لا تعنيها شؤونُ الدُّول
ومَن بقِيَ مِن الحُكّام أو اللُّقطاء 
ومَن رَحَل
تحاولُ مرَّةً واحدةً فقط 
أن تمتهِنَ السياسةَ
فتعودُ لتقول:
لا أريد معرفةَ أيَّ شيءٍ
فأنا لا أفهمُ العبارات المكتوبة
وليست لي صلةٌ بالتاريخ المُزوَّر
ولربَّما بتحديثات العروبة القصريَّة
فما الوعي الكثير إلّا رعب كبير 
يُخيِّمُ على أطراف الرُّوح 
يقتحمُها..
يُقيم حدَّه على الأرواح 
وأنا امرأةٌ لم تُخلَق لتكون هامشًا 
خُلِقتُ ياسمينةً مِن بلادي 
وإن اتّخذَت جميعُ النِّسْوةِ
أعرافَ القبيلةِ كتابًا مَعهودًا