يطارد اليمين العنصري المتطرف الإسرائيلي، المخيمات الفلسطينية، لا من أجل أن تمزق ملف اللاجئين، وإنما لتضرب القضية الفلسطينية في مقتل أساس، حين تدمر بهذه الضربة، مشروع الوطنية الفلسطينية، ومشروع الحرية والاستقلال.

ولقد كان بالغ الوضوح أن عين إسرائيل في حربها العدوانية على قطاع غزة إنما كانت على الضفة الفلسطينية المحتلة، ولم تكن وحشيتها الفائقة، في هذه الحرب التي دمرت القطاع، وحصدت أرواح عشرات آلاف من أبنائه، غير خطاب دموي منها مفاده أنها لن تتوانى من أن تجعل الضفة، كقطاع غزة، حافلة بالركام، والضحايا، وما تركت إسرائيل هذا الخطاب بلا ممارسات وسياسات عنيفة وفاشية ضد المخيم، وحاضناته في مدن الشمال والجنوب الفلسطيني.

إنها الحرب الإسرائيلية الشاملة ضد القضية الفلسطينية التي بدأت هنا في الضفة بمحاولة   تقويض السلطة الوطنية، ولم تكن قرصنتها للأموال الفلسطينية، إلا أولى قرارات هذه الحرب العدوانية، لم تغب عن جماعة محور الخديعة الإيراني، غاية هذه السياسة الإسرائيلية، لكن ومع حسن النوايا نقول إن قصر النظر والمصالح الحزبية عند هذه الجماعة جعلها لا  ترى هذه الغاية ولا تقرب الحديث عنها، الغاية التي كان قد عرفها حق المعرفة، وحذر منها مرارًا  حتى قبل بدء هذه الحرب، بصورتها الحالية، الفقيد المرحوم رمضان شلح، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، لذلك تمت تصفيته كي لا يكون عقبة أمام تحكم طهران بقرار "الجهاد" و"حماس" معًا، وتاليًا أن يتم توظيفهما في خدمة مشاريع طهران الاستخواذية المذهبية والشوفونية في أساسها. ونعتقد أن اغتيال إسماعيل هنية في قلب العاصمة الإيرانية المحصن أمنيًا قد جاء في هذا السياق كذلك.

ولغير مرة كان الرئيس أبو مازن، ومن على غير منبر ومنصة، يحذر من هذه الحرب، ويكشف أهدافها التصفوية، داعيًا الكل الوطني، إلى بناء الوحدة الوطنية الحقيقة، لمواجهتها، الوحدة التي تضمن القرار الواحد، والسلطة الواحدة، والقانون الواحد، لكن تمويلات الحرام الإيرانية لم تكن وما زالت لا تريد ذلك، وها هي حرب إسرائيل التصفوية تشتعل أكثر وأكثر، فيما تمويلات الحرام لا تعرف ولن تعرف أبدًا دروب المقاومة الحق.

أجل  إنها الحرب الشاملة، ولم يقطع الرئيس أبو مازن زيارته للشقيقة العربية السعودية، إلا لأنه بات يرى مدى الخطورة التي وصلت إليها هذه الحرب، قطع زيارته ليتابع من على أرض الوطن، آخر التطورات والمستجدات والبحث في سبل التصدي لها، ولا شك أن افضل السبل اليوم لوقف هذه الحرب، وإفشال أهدافها لن يكون سوى بتشكيل الوحدة الوطنية الحقيقية، وحدة القرار  والموقف والسياسة والسلوك.

وكل من يتخلف عن هذه الوحدة اليوم، لن يكون غير شريك في حرب إسرائيل العدوانية هذه سواء قصد ذلك أم لم يقصد، أراد أم لم يرد، نسق أم لم ينسق ولا ثقة لنا بطهران في كل هذا الإطار.