اكتشف باحثون نوعاً جديداً من الخشب أثناء قيامهم بمسح تطوري للبنية المجهرية للأخشاب من بعض الأشجار والشجيرات الأكثر شهرة في العالم، ما قد يساهم في التخفيف من آثار تغير المناخ.

ويحمل هذا الاكتشاف القدرة على تعزيز عزْل الكربون بشكل كبير في غابات المزارع من خلال إدخال شجرة سريعة النمو توجد عادة في الحدائق الزخرفية.

وكشفت الدراسة، التي ركزت على أشجار التوليب (Liriodendron tulipifera)، وأشجار التوليب الصينية (Liriodendron chinense)، أن هذه الأنواع تمتلك نوعاً فريداً من الأخشاب يختلف عن الفئات التقليدية للخشب الصلب أو الخشب الليّن.

وتتميز أشجار التوليب بقدرتها على النمو لأكثر من 30 متراً، وببنية خشبية فريدة تُميّزها عن أقاربها النباتية.

واستخدم علماء من جامعة كامبريدج مجهر مسح إلكتروني منخفض الحرارة لتصوير البنية النانوية لجدران الخلايا الثانوية (الخشب) في حالتها المائية الأصلية.

وكشفت تقنية التصوير المتقدمة هذه، أن النوعين لديهما أليافاً أكبر بكثير مقارنة بنظيراتها من الخشب الصلب.

والألياف الكبيرة هي ألياف طويلة مصطفة في طبقات داخل جدار الخلية الثانوي، وحجمها وبنيتها أمران حاسمان في تحديد خصائص الخشب.

وبحسب ما ورد في دورية "نيو باثولوجست" Neo Pathologist، أظهر الباحثون أن هذه الأشجار لها بنية متوسطة من الألياف الكبيرة تختلف بشكل كبير عن بنية الخشب الليّن أو الخشب الصلب.

وانفصلت هذه الأشجار في مسارها التطوري عن أشجار الماجنوليا العادية منذ نحو 30 إلى 50 مليون سنة، وهو ما تزامن مع انخفاض سريع في ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وقد يساعد هذا في تفسير سبب فاعلية أشجار الزنبق في تخزين الكربون.

الحد من آثار تغير المناخ

وقال الباحثون إن اكتشاف هذا النوع الجديد من الخشب قد يكون له تأثيرات بعيدة المدى على الغابات، بالإضافة إلى الحد تأثيرات تغير المناخ.

كما أن البنية الفريدة لخشب أشجار التوليب وقدرتها على النمو السريع تجعلها مرشحة مثالية للغابات المزروعة بهدف تعظيم احتجاز الكربون، ومن خلال زراعة هذه الأشجار بأعداد أكبر، قد يكون من الممكن تعزيز قدرة الغابات بشكل كبير على امتصاص وتخزين ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.

ولفت الباحثون إلى أن البنية المتوسطة للألياف الكبيرة الموجودة في أشجار التوليب تشير إلى أنها طورت آليات متخصصة للتعامل مع التغيرات البيئية، مثل انخفاض ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

ويمكن أن يوفر هذا التكيف التطوري رؤى قيّمة لتطوير أصناف جديدة من الأشجار أو تحسين الأنواع الموجودة لتحمّل تأثيرات تغير المناخ بشكل أفضل.

وقد يفتح هذا الاكتشاف فرصاً جديدة لتحسين عزْل الكربون في غابات المزارع من خلال زراعة شجرة سريعة النمو تُرى عادة في الحدائق الزخرفية.

كما يمهد الاستخدام المبتكر لفريق البحث لتكنولوجيا المجهر الإلكتروني المجهري الطريق لفهم أعمق لبنية الخشب على مستوى النانو.

وذكرت الدراسة أن هذا الاكتشاف لا يُثري معرفتنا ببيولوجيا الأشجار وتطورها فحسب، بل يفتح أيضاً آفاقاً جديدة لممارسات الغابات المستدامة واستراتيجيات إدارة الكربون.

ومع مواجهة العالم لتحديات تغير المناخ، يُقدّم اكتشاف هذا النوع الجديد من الخشب في أشجار التوليب أداة واعدة في المعركة من أجل خفْض مستويات الكربون في الغلاف الجوي.

ومن خلال الاستفادة من الخصائص الفريدة لهذه الأشجار، قد نتمكن من ابتكار حلول أكثر فاعلية واستدامة للتخفيف من آثار الاحتباس الحراري العالمي.

ويُعد هذا الاكتشاف جزءاً من مسح لـ33 نوعاً من الأشجار من المجموعات الحية في حديقة جامعة كامبريدج النباتية لاستكشاف كيفية تطور البنية التحتية للخشب عبر الأخشاب الليّنة (عاريات البذور، مثل الصنوبر والصنوبريات) والأخشاب الصلبة (كاسيات البذور، بما في ذلك البلوط).

وتشير بنية الخشب المجهرية لوجود جدار خلوي ثانوي يتكون من السليلوز بشكل أساسي، بالإضافة إلى سكريات معقدة أخرى، وهو مشبع بالليجنين، أحد أهم مركّبات الأخشاب، لجعل البنية بأكملها صلبة.

وتُشكل هذه المكونات الألياف الكبيرة، التي بدورها تُشكل أليافاً طويلة مصطفة ومرتّبة في طبقات مميزة داخل الجدار الخلوي الثانوي.

كما تحتوي البنية على الألياف الكبيرة، والتي تتكون من ألياف السليلوز الدقيقة (3-4 نانومتر) بالإضافة إلى مكونات أخرى.

وتحدّث الباحثون عن أن دراسة بنية الخشب أمر بالغ الأهمية في تطبيقات مختلفة، بما في ذلك معالجة الأخشاب، وعلم المواد، وفهم الجوانب البيئية والتطورية للأشجار.

كما أن فهم البيولوجيا وراء نمو الأشجار وترسيب الخشب يُعد أيضاً معلومات قيّمة عند حساب احتجاز الكربون.