فجر أمس الجمعة 28 يونيو الحالي تمت المناظرة الأولى بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري للرئاسة الأميركية، والذي يصادف اليوم 266 من حرب الإبادة الجماعية على الشعب العربي الفلسطيني، التي قادت دفتها إدارة بايدن مع حلفائها من الغرب الرأسمالي وطبعًا إسرائيل النازية، التي خلقت المناخ لما حصل في 7 أكتوبر 2023 من قبل أذرع الفصائل الفلسطينية. 
ومن قراءة ردود الفعل في أوساط ممثلي الحزبين ووسائل الاعلام الأميركية والبريطانية والرأي العام الأميركي عمومًا خلص الغالبية منهم إلى التالي: أولاً كان الرئيس بايدن ضعيفًا ومتعلثمًا في ردوده؛ ثانيًا فشل في الدفاع عن برنامجه في المسائل الداخلية "الإجهاض، والاقتصاد والتضخم ورعاية الأطفال" والقضايا الخارجية "حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، الصراع الروسي الاوكراني، والهجرة"؛ ثالثًا تمكن المرشح الجمهوري من تثبيت المرشح الديمقراطي كتاف، رغم لجوئه للأكاذيب والتضليل، وكان حضوره قويًا؛ رابعًا خيب بايدن آمال الحزب الديمقراطي نتاج دفاعه الضعيف والمشتت الذهن، مما أسقط في أيديهم، ووضعهم في موضع حرج؛ خامسًا العديد من المراقبين بدءً ممن اداروا المناظرة ومرورًا بوسائل الاعلام وبممثلي الحزبين، خلصوا إلى نتيجة مفادها أن لم يغير الحزب الديمقراطي مرشحه، فإن المرشح الجمهوري سيكون الرابح في الانتخابات القادمة. رغم وجود 34 قضايا اتهام ضده، ما احدثته أحداث 6 يناير 2020 من ندوب سوداء في تاريخ الولايات المتحدة، والتي كان وراءها الرئيس السابق دونالد ترامب.


ومن الجدير بالذكر، ان الرئيس الحالي أجرى اختبارات عدة لمواجهة منافسه الجمهوري طيلة الأسبوع الماضي في منتجع كامب ديفيد الرئاسي، بيد أن إصابته بالرشح، ودخوله ساحة المناظرة، وهو في حالة تردد وخشية من تغول منافسه ترامب، أفقده التماسك، وخانته الثقة بالنفس، فجاءت ردوده دون المستوى، مع انه كان بيده اكثر من ورقة قوة يمكنه استخدامها ضد المرشح الجمهوري، وحتى أكاذيب ترامب لم يتمكن من الرد عليها، وإيقافه عند حده، لأنه مشتت الذهن كما أن الرئيس السابق أعيا الصحافيين اللذين ادارا الحوار، والتف على العديد من الأسئلة، وتهرب من الإجابة عليها، وحتى عندما ضغطا على بعض النقاط وخاصة اقتحام الكابيتول في 6 يناير 2020، رد باقتضاب، وتجاوز الكمين. 
وعلى ضوء ما تقدم، فإن العديد من أركان الحزب الديمقراطي الذين أصيبوا بالإحباط والخذلان، بدأوا بالتحرك فيما بينهم للعمل على إيجاد مرشح بديل عن الرئيس بايدن، لأنهم يعتقدون أن فشل الرئيس في المناظرة سيفقدهم مبدئيًا نحو 20 مقعدًا في الكونغرس، وبالتالي ستزداد قوة الحزب الجمهوري، وتصبح يده العليا في تقرير شؤون الولايات المتحدة في حال حقق تقدمًا في مجلس الشيوخ. كما لم يكن الرئيس بايدن على قدر المسؤولية والمواجهة، لذا لابد من اغتنام الفرصة المتوفرة امامهم، حيث سيعقد الحزب الديمقراطي مؤتمره في شهر أغسطس القادم، وإن لم يلتقطوا اللحظة الراهنة، فإن طريق ترامب إلى البيت الأبيض ستصبح سالكة على خطين، وهذا ما عبر عنه قادة حملته الانتخابية ورئيس مجلس النواب الجمهوري وأقرانه من أعضاء المجلسين.


وفي كل الأحوال، فإن فوز أي منهما في الانتخابات لن يغير من سياسة الولايات المتحدة تجاه القضية والشعب والأهداف الوطنية، وحتى لو جاء غيرهما من كلا الحزبين، فإن الموقف الرسمي الأميركي للإدارات المتعاقبة لن يشهد تحولاً إيجابيًا، وستبقى الدولة العميقة والسلطتين التنفيذية والتشريعية ومراكز الأبحاث واللوبيات الصهيونية إلى جانب إسرائيل اللقيطة، لأنها أداة الولايات المتحدة الأميركية والغرب الرأسمالي عمومًا، وخادمة مصالحهم الاستراتيجية في الإقليم عمومًا والوطن العربي خصوصًا. وكلا المرشحين يدعم حكومة نتنياهو ومواصلة حرب الإبادة الجماعية على الشعب العربي الفلسطيني، وحدود التباين بينهما ضيقة وشكلية، ولا تمس الجوهر، الامر الذي يتطلب من صانع القرار الفلسطيني وضع رؤية جديدة لكيفية التعامل مع ممثلي أي من الإدارة القادمة بما يخدم المصالح العليا للشعب الفلسطيني.
مع ذلك سيبقى الشعب العربي الفلسطيني وقيادة منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد للشعب يراهنون على التحولات الإيجابية في أوساط الطلاب خصوصًا والرأي العام الأميركي والأوروبي عمومًا، الذي يحمل في ثناياه ارهاصات هامة في أحداث التحول الممكن والايجابي في تغير السياسة الأميركية تجاه الشعب الفلسطيني ولو بعد حين من الزمن.