اللحظة المصيرية، وتتطلب قرارات ومواقف حاسمة تاريخية، أقلها الانتصار للمشروع الوطني الفلسطيني، ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وللقرار الوطني الفلسطيني، ولمبادئ برنامج كفاح ونضال وثوابت الشعب الفلسطيني المشروع المنسجم مع القيم الوطنية والعربية والإنسانية، وقوانين ومواثيق الشرعية الدولية، بما يجسد الوحدة الجغرافية  لدولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران من سنة 1967، وتحقيق ذلك بالالتفاف حول رئيس الشعب  الفلسطيني أبو مازن قائد حركة تحرره الوطنية، رمز الحكمة والعقلانية والواقعية السياسية، ومثال الشجاعة والصدق والصلابة والتمسك بالحق الفلسطيني، ورمز العمل الوطني في رفع المصالح الوطنية الفلسطينية العليا فوق كل اعتبار، عمل وطني وقومي وعلى المستوى الدولي والعالمي نقي تماما من شوائب التبعية أو الخضوع.


اللحظة التاريخية نراها ببصيرة الموقنين حتمية، تتوهج كأنوار تأتينا من قلوب  وعقول  وإرادة الأسرى  الفلسطينيين في معتقلات منظومة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني الصهيونية العنصرية، عندما يقررون مع شعبهم وقواهم الوطنية أنهم لا يقبلون أن تكون شعارات "تحريرهم" سببًا لتحويل مليوني مواطن فلسطيني إلى أسرى في قطاع غزة المدمر، وضحايا لحملة إبادة دموية قد يشهد العالم أكثر حلقاتها الكارثية المأساوية في رفح، أو بتهجير قسري، أو بإعدام امكانيات الحياة على جزء لا يتجزأ من أرض الوطن المقدس فلسطين، فوثيقة الأسرى للوفاق الوطني فصل مميز في كتاب الوحدة الوطنية، ونعتقد أنهم يستطيعون في هذه اللحظة  إيثار شعبهم على أنفسهم، عبر تقديم خيارات قابلة للتحقيق والتطبيق بخصوص صفقة التبادل، لتجنيب مليوني فلسطيني وأكثر أفظع مأساة معاصرة في تاريخ الإنسانية، إلى أن تحين لحظة تجسيد الحل السياسي الشامل، ويتحررون من زنازين الاحتلال، ويعودونإلى أهلهم في ظل السلام.. وهذا سيكون حتميا في ظل نيل شعبنا كامل الاستقلال.


 اللحظة التاريخية تتطلب موقفًا صريحًا حاسمًا تعلنه القوى الوطنية  الفلسطينية، وشرائح الشعب الفلسطيني بدون استثناء، من انفلات قيمي وأخلاقي ووطني، سيؤدي بالتزامن مع ذروة حملة الإبادة الصهيونية في قطاع غزة إلى انهيار الكيانية السياسية الفلسطينية، بعد ضرب ركائزها الأمنية والمجتمعية والاقتصادية، فإرهاصات انقلاب حماس قبل 17 سنة مازالت ماثلة بذاكرتنا، ولولا فاعليه الذين استخدموا مصطلحات الدين والمقاومة، لما حدثت كارثة النكبة التي نعيش تفاصيلها منذ 132 يوما  في قطاع غزة.. فالقانون يجرم كل شخص يستخدم السلاح لتهديد الأمن  والسلم المجتمعي، وضد المؤسسة  ألأمنية المكلفة بتطبيق القانون وإنفاذه، أما أن يستغل شخص ما خلفيته الاجتماعية وانتماءه الحزبي ليغلف سلاحه الشخصي أو الفئوي بمصطلحات وشعارات  دينية ووطنية كالجهاد والمقاومة، وهي منه براء، فهذا يتطلب ميثاقا وطنيا يجرم - تحت بند الجنايات الكبرى- كل من يطلق ولو رصاصة واحدة على مؤسسة فلسطينية، أو على المناضلين في المؤسسةالأمنية أفرادًا كانوا أو ضباطًا، أو استخدام سلاحه لإرهاب أو قتل أي مواطن فلسطيني بذرائع ودوافع سياسية، أو لاحتلال مكانة القانون وسلطاته المختصة، فالرصاصة الموجهة لصدر فلسطيني أو نحو المؤسسة الأمنية، هي في الحقيقة جزء من محاولة اغتيال -كبرى متشعبة- للمشروع الوطني والهوية النضالية للشعب الفلسطيني، ولكفاحه المشروع، ومن يرتكب هذه الأعمال، فهو أداة تنفيذية لمنظومة الاحتلال الصهيونية العنصرية، الساعية الآن إلى دمغ نضال الشعب الفلسطيني بالإرهاب والمجير لصالح دول وقوى في الاقليم، ما يسهل عليها استكمال حملتها الدموية في الضفة الغربية أيضا، وتهويد القدس والمقدسات.


اللحظة المصيرية التي نحياها، تتطلب موقفًا تاريخيًا مجسدًا ببرنامج عمل واضح المعالم والأهداف من كل القوى الفلسطينية الوطنية المعبرة فعلاً عن إرادة وآمال وأهداف وطموحات الشعب الفلسطيني، فهذه اللحظة لا تحتمل الشد والجذب، ولا أي حيز من المكاسب الخاصة أو الفئوية، فما بيننا وبين نكبة أخرى، وغياهب التهجير والتيه، وانهيار الإنجازات التي تحققت بفضل تضحيات الشهداء والأحياء خيط رفيع، إنه العقل، الأقوى من كل أسلحة الإبادة، العقل الحامي والضامن لحياة وديمومة الفكرة النبيلة، وهل يوجد أنبل من الوطن في فكرنا ونفوسنا وثقافتنا وعملنا؟