الشعب الفلسطيني بمكوناته الفكرية والسياسية وتابعية أبنائه الدينية ومقدساته الإسلامية والمسيحية كانت ومازالت عرضة لمجازر ومذابح وجرائم الحرب الإسرائيلية على مدار عقود الصراع الطويلة، وتعرضت مساجد ومقابر المسلمين وكنائس واديرة المسيحيين للحرق والتخريب، وحولت الدولة اللقيطة حياتهم لجحيم، رغم أن من أوجدها، وزرعها في فلسطين وسط الوطن العربي الغرب الرأسمالي المسيحي بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا لخدمة مشروعهم الكولونيالي في تفتيت وحدة العرب، ونهب ثرواتهم، وتبديد طاقاتهم وكفاءاتهم، والحؤول دون تطورهم.

مع أن اليهود تاريخيًا عاشوا سادة في كنف دولة الخلافة الإسلامية عمومًا وفي الأندلس خصوصًا، ولم يتعرضوا لأي اضطهاد يذكر، بعكس ما عانوه من إذلال وظلم واضطهاد في دول الغرب المسيحي.

وهنا تجدر الإشارة، إلى ضرورة التمييز بين مسيحي الغرب والشرق العربي. فالغربيون اذاقوا اليهود الويلات، في حين أن المسيحيين العرب أسوة بالمسلمين عمومًا والعرب خصوصًا احتضنوا اليهود دون تمييز، او اضطهاد. لكن لافتراض (اليهود) أنهم "شعب الله المختار"، ولاعتقادهم الراسخ، بأن اتباع الديانات الأخرى "الاغيار" بمثابة "عبيد لهم". وبالتالي عندما أقام لهم الغرب الاستعماري دولتهم على أنقاض نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948، انقلبوا على أبناء الشعب الفلسطيني دون تمييز، ونكلوا واضطهدوا الجميع بغض النظر عن ديانتهم أو معتقداتهم وخلفياتهم الفكرية السياسية.

وإذا توقفنا أمام انتهاكاتهم العدوانية الاجرامية تجاه أبناء الشعب الفلسطيني من المسيحيين من مختلف الطوائف والمذاهب، نجد أن اليهود الصهاينة المرتزقة لم يتورعوا عن ارتكاب أبشع الجرائم ضدهم على أكثر من مستوى وصعيد، أولاً قاموا بطردهم من بيوتهم أسوة بالكل الفلسطيني، ومازالوا يمارسون التنكيل بهم، وإرغام الذين واصلوا البقاء والتمسك بأراضيهم وممتلكاتهم على الهجرة تنفيذًا لخيار التطهير العرقي؛ ثانيًا نهب أراضيهم وبيوتهم وممتلكاتهم الخاصة والعامة؛ ثالثًا تخريب وحرق الكنائس والاديرة وكل ما يمت للمسيحيين بصلة؛ رابعًا البصق عليهم وتعريضهم للاهانات اليومية وفي مناسباتهم واعيادهم الدينية خصوصًا.

وهذا ما شاهده العالم كله يوم الاثنين الماضي (2/10/2023) عندما قامت مجموعة من اليهود الأرثوذكس المستعمرين في العاصمة الفلسطينية الأبدية القدس بالبصق على أبناء الشعب من المسيحيين، وهم متجهون إلى الكنيسة.

وادعى زعران الصهيونية الدينية، أن هذه عادة قديمة، كشكل من أشكال الذرائعية الفجة. وكأن هذه الذرائعية تغطي عارهم وعنصريتهم وفاشيتهم، التي ينطبق عليها المثل الشعبي "عذر أقبح من ذنب".

وادعى رئيس حكومة الترويكا الفاشية أن دولته المارقة والخارجة على القانون كذبًا وزورًا "ملتزمة التزاما كاملا بالحفاظ على الحق المقدس في العبادة والحج إلى الأماكن المقدسة لجميع الأديان، وتابع اكاذيبه المفضوحة، انه "يدين بشدة أي محاولة لترهيب "المصلين"، وللايغال أكثر في التلفيق وتزوير الوقائع، ادعى أنه "ملتزم باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة ضدها" السؤال المباشر هنا، ما هي الإجراءات الفورية التي اتخذتها حكومة نتنياهو؟ وهو ما يكشف انه وحكومته شركاء في الجرائم كافة ضد المسيحيين. وما ادعاه  مناف لابسط الحقائق على الأرض تجاه أبناء الشعب الفلسطيني من اتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية، حيث تتعرض الكنائس والاديرة للاعتداءات المتواصلة، ليس هذا فحسب، بل حولوا العديد من الكنائس والاديرة في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة وداخل أراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967 الى مواخير للدعارة وخمارات واسطبلات لحيواناتهم، وبعضها دمروها، وابقوها اطلالا، وشاهدة على إرهاب الدولة الصهيونية المنظم.

وهو ما أكده يوسف ضاهر، منسق مكتب مجلس الكنائس العالمي في القدس، الذي انتقد الاضطهاد الذي يتعرض له المسيحيون من قبل الجماعات الإسرائيلية المتطرفة، وجزم ان الحكومة الإسرائيلية صمتت عن تلك الجريمة، وفق "وكالة الاناضول". وتابع ضاهر "نشعر بالاضطهاد لنا كمسيحيين وللمسيحية كدين في البلد"، وأضاف "يوجد اضطهاد يهودي إسرائيلي يتم تشجيعه سواء من خلال اهمال الشرطة، او بالكلام الذي يصدر عن وزراء الحكومة الإسرائيلية" وتابع "سجلنا حوالي 12 الى 13 اعتداء على ممتلكات كنسية. أما البصق فهو مستمر، ويزداد ونحن نشاهده، ويتكرر، أسبوعيا هناك حادثة او حادثتان" وخلص الى أن ما يجري هو "كراهية للمسيحية" واردف قائلا: إن "الكنائس أصدرت بالاشهر الماضية 12 بيانا دعت في آخر اثنين منها لتوفير الحماية الدولية، ولكن لا احد يتحرك" والحماية بالضرورة ليست لاتباع الديانة المسيحية، انما لكل الشعب الفلسطيني، وهذا ما طالب به الرئيس محمود عباس في خطاباته كافة امام المنابر الأممية والإقليمية المختلفة.

ويبقى السؤال الواجب اثارته امام الفاتيكان ونيافة البابا، اين انتم من جرائم وانتهاكات دولة إسرائيل الفاشية تجاه اتباع الديانة المسيحية..؟؟