دولة قامت على نفي الآخر ونكبته، صاحب الأرض والتاريخ والموروث الحضاري، وارتكاب جريمة من أبشع جرائم العصر الحديث تنفيذا لارادة واستراتيجية سادتها من دول الغرب الرأسمالي الاستعماري، وارتكبت عشرات المجازر والمذابح والحروب والاجتياحات، ونهبت الأرض، وتعمل ليل نهار على نهب التراث الحضاري والثقافي بهدف اجتثاث كل ما له صلة بالشعب الفلسطيني، وما زالت تواصل عمليات التطهير العرقي مستخدمة الوسائل والأسلحة كافة لتفريغ الأرض الفلسطينية من شعبها الاصلاني.
هذه الدولة وحكوماتها وقياداتها ومؤسساتها العسكرية والأمنية والتربوية والثقافية والدينية والقضائية المتعاقبة لم تترك سلاحا، او جريمة إلا واستخدمتها لتحقيق هدفها في إبادة وتصفية وتطهير الأرض الفلسطينية العربية من أبنائها، وقامت وتقوم الدوائر الغربية بتمويل وتسليح هذه الدولة اللقيطة لبلوغ الهدف المذكور، لابقاء الوطن العربي وشعوبه وحركة تحرره الوطنية بلا حول ولا قوة، وفي ذيل حركة التاريخ، وتحويلهم لعبيد مأجورين لخدمة أهدافهم من خلال فرض حكام باعوا ضمائرهم وتاريخهم في سوق نخاسة الغرب، وسهلوا له نهب ثروات شعوبهم، وتأبيد انظمتهم في دائرة التبعية والمحوطة.
إذاً قيادات إسرائيل بمختلف مشاربها وتلاوينها الصهيونية لا تتورع عن ارتكاب أي جريمة، او اطلاق اية مواقف صفيقة ودونية ضد الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية، لانها تعتبر نفسها محمية بشبكة الأمان الأميركية والأوروبية الغربية، وتعتقد انها فوق القانون والمساءلة. ولهذا أطلق تساحي هينغبي، مستشار الامن القومي الإسرائيلي يوم الاثنين الموافق 11 أيلول/ سبتمبر تهديدا صريحا ضد السلطة الوطنية وقيادتها في حال إصرارها على المطالبة بفتوى من محكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الفلسطينية، في مداخلته التي القاها في المؤتمر الأمني، الذي نظمته جامعة "رايخمان" في هرتسليا حول ما يسمى "الإرهاب" حسب موقع "واللا" العبري بذات التاريخ.
وبشكل وقح، وبعيد كل العبد عن أي منطق، سوى المنطق الفاشي، اطلق تهديده قائلا "إذا تقدم مقاتلا أو جنديا أو ضابطا في الجيش إلى العدالة أو المساءلة القضائية، فإنكم بذلك تعرضون وجودكم ذاته للخطر". وتابع متبجحا: "هذه خطوة تتعارض مع كافة الاتفاقيات، التي وقعناها ومخالفة لها. إذا ذهبتم (يقصد القيادة الفلسطينية) مع شركائكم إلى محكمة العدل الدولية، سيشكل ذلك خطرا على الجنود الإسرائيليين، خطرا حقيقيا، انتم تتعاملون هنا بارهاب".
وأسأل مستشار الامن القومي الاستعماري، لماذا تخشون من تشخيص طبيعة استعماركم الفاشي، اذا كنتم تعتقدون ان روايتكم ليست مزورة، ولا تتناقض مع حقائق التاريخ؟ وعن اية اتفاقيات تتحدث؟ وهل انت وحكومتك المارقة والحكومات السابقة التزمتم بمخرجات اية اتفاقات، او التزمت انت بمخرجات مؤتمري العقبة وشرم الشيخ؟ التي انت بلسانك ومع وصولك لدولتك الفاشية في اعقاب انتهاء اعمال المؤتمرين، تنكرت مباشرة لها. وكان رئيس حكومتك نتنياهو، اعلن منذ العام 1996 انه دفن اتفاق أوسلو واتفاق واي ريفير، الذي وقع عليه شخصيا، ورفضتم الالتزام باي اتفاق، وما زلتم ترفضون خيار السلام الممكن والمقبول، وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، وهذا ما أكده رئيس الحكومة السادسة قبل شهر او اكثر قليلا، عندما قال: لن اسمح بوجود دولة فلسطينية. ثم لماذا لا يحاكم ضباطكم وجنودكم على جرائم الحرب، التي ارتكبوها؟ ولماذا لا تحاكم انت ونتنياهو وبن غفير وسموتريتش وليبرمان وليفين وساعر وغانتس ولبيد وبينيت.. الخ من اسماء الصهاينة القتلة؟ وماذا ستخسر القيادة الفلسطينية في حال استمرت في مطالبتها بالحد الأدنى من العدالة، وتشخيص واقع الاستعمار الاجلائي الاحلالي الصهيوني، الذي انت احد اعمدته؟ وما هو الخطر، الذي سيصيب القيادة والشعب الفلسطيني اكثر من خطر استعماركم وفاشيتكم وارهابكم وعنصريتكم؟ يا حبذا لو تعلن عن ذلك صراحة.
أيها المستشار هنيغبي تأكد، ان محاكمتكم جميعا كمجرمي حرب، هو الحد الأدنى من العدالة، وبالتالي ضع في حسابك، ان المحاكمة ستطالك ذات يوم، وستطال كل من ارتكب مجزرة منذ بدأت عمليتكم الاستعمارية في القرن الماضي، ولم يعد هناك شيء يخسره الفلسطيني الا جوعه وحصاره وقهره وقتله واعتقاله، ولهذا لا يخشاك، ولا يخشى تهديدك، واعلى ما في خيلك اركبه.
واما حديثك عن قطع العلاقات مع السلطة الوطنية، فكفى تضليلا، وكأن الذي يسمعك يعتقد، ان بين حكومتكم وقيادة السلطة علاقات طبيعية، او نصف طبيعية، وبالتالي السلطة ستفقد غطاءكم! ياحبذا يا هنيغبي لو تغادرون ارض الوطن الفلسطيني، وتتركوننا ننزع شوكنا بايدينا، فكوا عنا، ارحلوا الى حيث شئتم، لا نريد مجرد وجودكم على ارضنا، وإن لم ترحلوا بالخاطر، بالضرورة سترحلون ورؤوسكم مغطاة بالعار والهزيمة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها