شكل انتزاع الأسرى الستة لحريتهم عبر نفق الحرية في عام 2021 حدثًا فارقًا ومؤسسًا بذات الوقت، فمنذ عام 2004 شهدت الحركة الوطنية الأسيرة حالة تراجع ملموسة على كافة الصعد، وجاء الانقسام الفلسطيني في عام 2007 ليخلق حالة شاذة ويترك تداعيات سلبية على مجمل العمل النضالي الوطني المشترك داخل قلاع الأسر، حيث انحل عقد العمل المشترك وطفت على السطح كثير من المساجلات والمناكفات التي وصلت حد التناحر في كثير من الأحيان.

هذا الواقع الذي أنتج الكثير من المظاهر السلبية بدأ بتفرد كل تنظيم بقرارات كانت حصرا منوطة باللجان الوطنية العامة، وانتهت بظاهرة الإضرابات الفردية وصولا لحالة الشلل الاعتقالي التام. فجاءت حادثة نفق الحرية لتشكل بتوقيتها فرصة ذهبية للأسرى ليعيدوا التوازن للحالة الوطنية والنضالية ولالتقاط القرارات التعسفية التي بدأت باتخاذها إدارة مصلحة السجون بحق كافة الأسرى في مختلف السجون، هذه القرارات كانت لها انعكاسات على طبيعة التعاطي المختلف من قبل الأسرى أنفسهم، وفي المضمون عكس قرار الأسرى الموحد بتشكيل لجنة وطنية للدفاع عن حقوقهم ومكتسباتهم ولوقف هجمة إدارة السجون عليهم رغبة عارمة بالعودة مجددا لحالة الوحدة والتلاحم والفعل النضالي الوطني برغم التباينات والاختلافات، وكان لطريقة الأداء المختلف وأسلوب القيادة السلس من حيث التواصل الدائم والتشاور المكثف وتنسيق الخطوات بشكل موحد والأداء المختلف في تنفيذ ما اتفق عليه سابقا، والأهم كان طريقة الاتفاق على طريقة الخروج من الأزمة واستخدام كافة الوسائل لتحقيق الهدف والغاية بما في ذلك التوجه لمختلف الوسطاء الفاعلين إقليميا وحتى أدوات الضغط محليا، فقد ساهمت المقاومة في غزة بأداء دور معين وكذلك ساهمت السلطة الفلسطينية بشكل من الأشكال بتوفير الضمانات والغطاء السياسي للشكل النضالي الجديد والمختلف والذي أثبت استطاعته تحقيق اختراق جدي مهما كانت الظروف والمحددات صعبة.

فعلى مدار أربع جولات متتالية خلال أقل من ثلاثة أعوام استطاعت لجنة الطوارئ العليا للحركة الوطنية الأسيرة أن تحافظ على مكتسبات الحركة الوطنية الأسيرة وتؤكد جدارة وصدقية الفعل النضالي الموحد والمنطلق من قاعدة أساسية وهي دلالات هذا الفعل على الساحة الاعتقالية والساحة الوطنية بشكل عام فهي بكل المقاييس تجربة يحتذى بها، ويجب أن تشكل رافعة حقيقية للفعل النضالي الفلسطيني على كافة الصعد سياسيا وإعلاميا وجماهبريا وحتى لأفعال المقاومة العسكرية والشعبية، وهذا بالذات ما يدفعنا من هذا الموقع المتقدم لدعوة كافة فصائل العمل الوطني للاقتداء بتجربة الأسرى وتطوير أدوات جديدية يمكن أن تكون منطلقًا وقاعدة متينة ننطلق منها لإعادة الاعتبار فعليًا للوحدة الوطنية وطي صفحة الانقسام الذي شكل حالة من الشلل المتواصل لكافة مفاصل العملية النضالية ما أدى لما نراه اليوم من حالة تغول غير مسبوق على كافة مكتسبات الشعب الفلسطيني، بما في ذلك المحاولات الجدية من قبل حكومة المستوطنين الفاشية لحسم الصراع وتحويل حلم الشعب الفلسطيني بالتحرر لغاية يستحيل تحقيقها.

 لقد شكلت لجنة الطوارئ العليا للحركة الوطنية الأسيرة صمام أمان حقيقيًا للحركة الأسيرة، وهي قادرة على التعاطي مع أشكال الاستهداف القادمة إذا ما استطاعت المحافظة على تماسكها ووسعت قاعدة فعلها وعززت من حضورها الإعلامي والجماهيري على الساحة الفلسطينية.