أوجع قلوبنا انتحار الشاب محمد نبيل النجار من خان يونس، ثماني سنوات من الاكتئاب، وبمعنى ثماني سنوات من القلق، والأرق، أثخنت روحه بالجراح، وكلمات الوداع والاعتذار التي كتبها على صفحته في الفيسبوك، وهو ماض إلى إنهاء حياته، قالت لنا إن محمد الشاب الوسيم لم يكن جاهلاً ما يعاني، فثمة بيئة في قطاع غزة المكلوم، ما زالت هي بيئة الأرق والقلق، بيئة الاكتئاب، واللافت في انتحار محمد وعلى نحومؤلم أنه فجر نفسه بقنبلة، لعله، ومحمد كان شابًا مثقفًا، أراد أن يخبرنا أن قنابل حركة حماس لم تعد للمقاومة، أو أنها لم تكن كذلك في يوم من الأيام...!!  

لا شيء في قطاع غزة يبعث على البهجة، لا شيء يبعث على الأمن والأمان، وما من إنجاز لسلطة الانقلاب والانقسام البغيض، سوى إنجاز القبضة الحديدية التي طاردت بها حراك "بدنا نعيش" بالقمع والتنكيل، ومن هذا الواقع لا يرى إسماعيل هنية شيئا، وهو هناك يرفل بخير الكرم الإخونجي، بل ولا يريد أن يرى شيئًا منه، حتى لا يحرم من خير هذا الكرم ...!! ومن هناك يتحدث هنية، في قاعة مترفة، وإلى جانبه خالد مشعل، عن إنجازات بلاغية تشهدها غزة ولا شيء سواها..!!

يتحدث، وقد شاهدنا، وسمعنا ذلك، في شريط فيديو مصور، بلغة الادعاءات والشعارات ذاتها، والتي لم تعد غير لغة خشبية، نرى سوسها يحبو بين حروفها. كل شيء على ما يرام في غزة، لأن فيها الكتاتيب التي تعلم الدعوات الإخونجية وهي تتسلق أكتاف الدين وقيمه التعبدية زورًا وبهتانا وتضليل...!!

ليس انتحار شاب كمحمد النجار أمرًا عاديًا، وهو ليس الأول الذي يقدم على طعن روحه بحربة الموت، ولا يبدو أن كتاتيب حماس تخلف إيمانًا سليمًا بين الناس، إيمان التقوى، وإيمان الظن الحسن بالخالق، الإيمان الذي يدافع عن الحياة، ويحرم الانتحار، لكن انتحار المظلوم علمه عند الله تعالى، والله واسع الرحمة والمغفرة.

في قبره ليس ثمة ليل، ولا نهار، إنه زمن البرزخ، ونسأل الله تعالى أن يكون حليمًا على محمد النجار وكل الذين سبقوه في هذا الإطار.