يقع الكثيرون منّا في خطأ كبير، وكنتُ أحد الواقعين فيه، عندما يقرّرون بأنّ بنيامين نتنياهو أسير الوزيرين الفاشيّين العنصريّين ايتمار بن غفير وبصلئيل سموطرتش لأنّ انسحاب أحدهما من الائتلاف يعني سقوط حكومته، وعلى الرّغم من بدهيّة هذا الرّأي وسذاجته لا بدّ من أن نؤكّد على أنّ أحدهما أو كليهما لن ينسحب من هذا الائتلاف العنصريّ ومن هذه الحكومة حتّى لو تعرّض للنّقد الشّديد وللإهانات الكلاميّة مثل المطر في كانون، لأنّه لن يحصل على ائتلاف يمينيّ وحكومة يمينيّة مثلها أو بديلة لها ولو في أحلامه الورديّة، فكلاهما جائع وجشع للحكم ومتمسّك به بأسنانه وأظافره.

ومن البدهيّ أيضًا أنّ حاكمًا قويًّا يقف وراء كلّ عنصريّ وفاشيّ لأنّ هذا العنصريّ الفاشيّ هو المنفذّ الفعليّ لسياسة السّيّد، وهذا يعني أن الوزيرين بن غفير وسموطرتش جنديّان نشيطان ينفّذان سياسة سيدّهما نتنياهو الّذي كان شعاره الانتخابيّ الأوّل بعد مصرع رابين "نتنياهو جيّد لليهود" ثمّ قفز بعدئذٍ عندما صار وزيرًا للماليّة الى "إنّ مشكلتنا الدّيموغرافيّة ليست مع العرب الفلسطينيّين بل مع عرب إسرائيل" ثمّ اخترع شعار "العرب يهرولون الى صناديق الاقتراع" ثمّ شرعن الفوقيّة اليهوديّة بقانون القوميّة وأباح للمستوطنين أن يفعلوا ما يشاؤون في الضّفة الغربيّة، كما أباح لعصابات الإجرام أن تتحكمّ بالمواطنين العرب، وأن ينشغل هؤلاء المواطنون بإحصاء قتلاهم.

كانت امّي رحمها الله تقول: "الحرّاث بعمل شو بدّو معلمه" والحرّاث هو بن غفير وسموطرتش وأما المعلّم فهو نتنياهو.

ونقع في خطأ أكبر من الخطأ الأوّل اذا ربطنا مصير القضيّة الفلسطينيّة وانهاء الاحتلال وحماية المسجد الأقصى وإقامة الدّولة الفلسطينيّة بعمليّة التّطبيع أو اللا تطبيع وحيث يعيش نتنياهو في هذه الأيّام أزمة خانقة لم تعرف إسرائيل مثيلًا لها منذ العام 1948 حتّى اليوم،

لماذا لا نكون جريئين مع أنفسنا ونعترف بخطئنا الكبير الّذي ارتكبناه فنحن الّذين أوصلنا نتنياهو وبن غفير وسموطرتش وهذه الحكومة اليمينيّة الى سدّة الحكم، فلو حافظنا على القائمة المشتركة من خمسة عشر نائبًا وربّما أكثر ما وصل نتنياهو الى كرسيّ رئاسة الوزراء وما صار سموطرتش وبن غفير وزيرين، ولو أنّنا ذهبنا "كسدرة" وليس "هرولة" الى صناديق الاقتراع في الانتخابات الأخيرة وشاركنا بنسبة 70% على الأقل ما وصلنا الى هذا الواقع المؤلم المرّ وما خرجت العقرب الصّفراء من وكرها.

قد يقول قائل: لا تلوموا الضحيّة! وهذا كلام سليم لكنّه لا يعفينا من المسؤوليّة ومن مشاركتنا في زفّة اليمين الفاشيّ الى الحكم. فهل تعلّمنا الدّرس أم سنبقى نجلد ذاتنا وننتظر الفرج.

نعيش اليوم في زمن تراجيديا الأخطاء وندفع الثّمن الغالي دما وقلقًا وتمييزًا وعنصريّة وقد نصل الى فترة تراجوكوميديا.