أصدر الكاتب والدبلوماسي الفلسطيني حسان البلعاوي كتاباً يتناول سيرة المناضل هاني الحسن، بعنوان: "هاني الحسن: صوت الحضور الأنيق والنوء العاصف".

والكتاب الذي وقع في 408 صفحات من القطع المتوسط، صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، وتعاون معه في الكتاب ثائر المصري وبكر أبو بكر، فيما قامت هيفاء خليل سوميرة بتصميم الغلاف، وجاء الكتاب في 36 فصلا، واحتوى على عدد كبير من الصور في مراحل مختلفة من الزمن الفلسطيني الذي عاصره هاني الحسن.

جاء الكتاب بعد عشر سنوات من رحيل هاني الحسن، وقد قام بالتوطئة للكتاب نجله طارق هاني الحسن، الذي قال: "كنا بحاجة إلى اكتشاف الجانب الآخر من سيرة والدنا والحفاظ على هويتنا التي كان يحرص عليها".

مقدمة الكتاب كتبها عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، والمفوض العام للعلاقات العربية والصين الشعبية عباس زكي.

يتناول الكتاب في فصله الأول النشأة في ظرف تاريخي معقد، إذ يتحدث الفصل عن مولد هاني محمد سعيد الحسن في التاسع من نيسان 1937 في حيفا، متناولا الظروف التاريخية المحيطة بمولده، وطبيعة حياة الأسرة، وسبب تغيير الاسم من حسن إلى الحسن، والانتقال القسري إلى سوريا بعد نكبة 1948، كما يحمل الفصل شهادة لعبد الرازق خليل عن ظروف تلك المرحلة.

أما الفصل الثاني الذي حمل عنوان: "الاقتلاع"، فقد تناول جوانب من النكبة، وخصوصا ما حدث في مدينة حيفا، وتفاصيل عن هجرة العائلة إلى الشمال نحو سوريا، وتحول العائلة إلى "لاجئين"، وأثر ذلك في تكوين شخصية هاني الحسن لاحقا.

الفصل الثالث جاء بعنوان: ألمانيا... البدايات، إذ قرر هاني بحسه المغامر الذهاب إلى ألمانيا، بعد أن عرف أنها تستقبل الآلاف من الفلسطينيين، نتيجة نقص العمالة هناك بعد الحرب العالمية الثانية، إذ التقى هناك بهايل عبد الحميد "أبو الهول" عام 1961، وبدأ الاثنان بالعمل واعتمدا فكرة تنظيم النخبة مطلق السرية، الذي تجسد عمليا في العمل على تأسيس فرع للاتحاد العام لطلبة فلسطين، وبدأ العمل على إرساء قواعد "طلائع العائدين"، ويحمل الفصل شهادة لمروان عبد الحميد شقيق هايل.

يتناول الفصل الرابع الاندماج في حركة "فتح"، بينما يتعرض الفصل الخامس لمؤتمر غزة لاتحاد طلاب فلسطين، وبروز شعار الكفاح المسلح، متناولا ما كتبه الحسن نفسه عن تلك التجربة، إذ شهد المؤتمر صداما بين البعثيين والقوميين العرب إثر انفصال الوحدة بين مصر وسوريا، لكن الإنجاز الأبرز لهذا المؤتمر تمثل في الحصول على شرعية الخط السياسي "الكفاح المسلح هو طريق العودة"، وفوز تيسير قبعة برئاسة الاتحاد، وفاز هايل عبد الحميد بعضوية الهيئة الإدارية للاتحاد.

الفصل السادس تناول مشاركة إقليم ألمانيا في التحضير للانطلاقة، إذ كان الحسن على تواصل مع القيادة في سوريا، ويقتطف حسان البلعاوي جزءا من كتاب خليل الوزير "البدايات"، الذي تحدث فيه عن مساهمة مجموعة ألمانيا على مستوى بناء التنظيم ورفد المركز بالطاقات والكوادر المثقفة.

الفصل السابع يتناول الانطلاقة الثانية للكفاح المسلح، التي تجسدت بعد هزيمة 1967، ويتضمن الفصل مجموعة من الشهادات عن التدريبات في الجزائر وسِيَر بعض الشهداء.

يتناول الفصل الثامن فكرة الحرب الشعبية طويلة الأمد، والدورة العسكرية التي قدمتها الصين إلى المقاتلين الفلسطينيين، وتأثير هذه الدورة بالذات في وعي هاني الحسن العسكري وفهمه لقوانين الحرب الشعبية طويلة الأمد، ما أدى إلى نقل التجربة عمليا إلى ساحة الأردن.

الفصل التاسع تعرض للخروج القسري من الأردن إلى لبنان، وأصبحت لبنان هي المقر الرئيس لمنظمة التحرير، وفي هذه الفترة ارتبط هاني الحسن من جديد بعد انفصاله عن زوجته الأولى إنعام عبد الهادي أم ابنته عزة، بالسيدة اللبنانية الطبيبة ناهلة اليافي التي أنجب منها طارق وهشام وزينب.

في الفصل العاشر يتحدث البلعاوي عن الساحة اللبنانية فلسطينيا وإقليميا، والدور المميز الذي لعبه هاني الحسن في فترة السبعينيات، فيما يتناول الفصل الحادي عشر مؤتمر جنيف، الذي كان من المفترض أن يطرح الحل السلمي بعد حرب أكتوبر 1973، ويتحدث الفصل الثاني عشر عن عملية مطار عنتيبي في أوغندا، عام 1976، التي تم فيها اختطاف طائرة فرنسية، وهبطت في مطار عنتيبي في أوغندا، وطالب الخاطفون بإطلاق سراح 52 أسيرا فلسطينيا في السجون الإسرائيلية، فكلف ياسر عرفات مستشاره هاني الحسن بالعمل على حل هذه القضية، ويتحدث الفصل عن الشريط الوثائقي الفرنسي "حرب الظلام" للمخرج فرانسوا راباتي عام 2001، الذي صدر في كتاب لاحقا، ويظهر هاني الحسن في الفيلم كشخصية مركزية في الحديث عن العملية.

الفصل الثالث عشر يتناول لبنان والانفجار الشامل الذي حدث بعد حادثة عين الرمانة عام 1975، التي استهدفت فيها الكتائب اللبنانية حافلة ركاب فلسطينية، ما قاد إلى صداما مع تحالف الحركة الوطنية اللبنانية والصورة الفلسطينية، وفي هذا الانفجار، كان الحسن يتحرك بتكليف من ياسر عرفات للاجتماع مع قيادات المرجعيات الدينية، كما كان يقوم بمحاولات جادة لإطفاء الحرائق الجانبية، ويتحرك مع نبيه بري زعيم حركة أمل لوقف الاشتباكات.

في الفصل الرابع عشر، يتحدث البلعاوي عن العلاقة المعقدة مع سوريا، وكيف بذل الحسن جهودا جبارة لاحتواء الخلاف الناشئ بين سوريا والحركة الوطنية اللبنانية والثورة الفلسطينية، وقد أوفده الرئيس عرفات إلى دمشق لمحاورة القيادة السورية، وعلى الخط نفسه، يتناول الفصل الخامس عشر إصلاح العلاقات مع الأردن، حيث كان الحسن ضمن أول وفد فلسطيني رسمي يلتقي بالملك حسين عام 1977.

الفصل السادس عشر: وداعا للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط، وتحت هذا العنوان يتناول الكتاب علاقة فصائل الثورة الفلسطينية بالمعارضة الإيرانية منذ منتصف الستينيات، ما عكس نفسه على العلاقات ذاتها بعد انتصار الثورة الإيرانية في نهاية السبعينيات، وقد اختير هاني الحسن ليكون أول سفير لفلسطين في طهران، ويكمل الفصل السابع عشر الحديث عن إيران والثورة.

ويتحدث الفصل الثامن عشر عن البعد العربي لإيران الجديدة وبداية الخلاف، إذ يعتقد هاني الحسن أن على جميع الأنظمة العربية أن تعالج علاقاتها مع إيران من منطلق التضامن وإزالة التناقض وليس العكس، لكن لقاء هاني الحسن بمسعود رجوي [زعيم منظمة مجاهدي خلق المعارضة]، في باريس، بدأت أشكال الخلاف الفلسطيني الإيراني تظهر على السطح.

أما الفصل التاسع عشر، فيتناول حياة هاني الحسن وحركته في بيروت قبل الغزو، ويتحدث الفصل العشرون عن تنبؤ هاني الحسن بالغزو الإسرائيلي من موقعه نائبا للمفوض العام لجهاز الأمن المركزي في حركة فتح، ومسؤول الأمن السياسي، والفصل الحادي والعشرون يتعرض لاجتياح الجيش الإسرائيلي بقيادة آرئيل شارون، لبيروت عام 1982، ويورد أحاديث وتصريحات لعدد من القادة عن الاجتياح، أهمهم بالطبع هاني الحسن، والتفاصيل الواردة في الفصل معظمها تصريحات له شخصيا.

الفصل الثاني والعشرون يتناول الانشقاق المدعوم عربيا، ويتعرض الفصل للفترة التي أعقبت مغادرة المقاتلين الفلسطينيين لبيروت، وبعد وقوع مجزرة صبرا وشاتيلا، تصاعد الخلاف بين النظام السوري ومنظمة التحرير، وقد رفض هاني الحسن الذي يرتبط بعلاقات جيدة مع النظام السوري الخروج من بيروت مع ياسر عرفات، ودخل إلى سوريا، وقال إنه لا يجب الانجرار إلى صدام مع سوريا بصفتها دولة طوق، ويتطرق الفصل إلى حركة الانشقاق التي دعمتها سوريا ونتائجها التي تجلت في الخروج الثاني من لبنان في كانون الأول 1983.

تحت عنوان: عودة مصر للصف العربي، يأتي الفصل الثالث والعشرون، إذ زار ياسر عرفات مصر بعد خروجه من لبنان عام 1983، وكانت الدول العربية قد اتخذت قرارا بمقاطعة مصر بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد، وهذه الزيارة التي قام بها ياسر عرفات، كانت تعد خرقا لتلك القرارات، وقد ساهمت علاقات هاني الحسن الجيدة مع مصر، وبالتنسيق مع سعيد كمال مدير مكتب المنظمة في القاهرة، وعبر شبكة علاقاته الهائلة في إعادة العلاقات بين منظمة التحرير ومصر مبارك.

في الفصل الرابع والعشرين الذي جاء تحت عنوان: التنسيق مع عمان، يتحدث عن رؤية هاني الحسن لأهمية الأردن كحجر زاوية في الإستراتيجية الفلسطينية، وقد كان الحسن عضو الوفد الفلسطيني إلى اجتماعات اللجنة العليا بعد مبادرة الرئيس الأميركي رونالد ريغان بشأن السلام في الشرق الأوسط، وتواصلت الاجتماعات الفلسطينية الأردنية المكثفة، إلى أن عقد المجلس الوطني الفلسطيني في دورته 17 في عمان في تشرين الثاني 1984، ويأتي الفصل الخامس والعشرون ليتحدث عن تذبذب العلاقة بين الأردن والمنظمة، بعد توقيع الاتفاق الأردني الفلسطيني، إذ رفضت منظمة التحرير الشرط الأميركي الذي نص على أن أي اجتماع مع المنظمة يجب أن يتم تحت غطاء وفد أردني فلسطيني، لكن هاني الحسن بعد سنوات، أقر بوقوع خطأ في الدبلوماسية الفلسطينية.

بعنوان "بلدان الطوق"، جاء الفصل السادس والعشرون ليتناول فيه الكتاب تصريحات الحسن حول البلدان المحيطة بفلسطين وتباينات المواقف، والظروف التي تمر بها العلاقات صعودا ونزولا مع أنظمة تلك الدول.

في الفصل السابع والعشرين، يأتي الحديث عن السفينة أكيلو لورو، التي اختطفها مقاتلون من جبهة التحرير الفلسطينية عام 1985، وقد كان الهدف إجبار إسرائيل على الإفراج عن مجموعة من الأسرى الفلسطينيين، حيث كانت السفينة متجهة من الإسكندرية إلى ميناء أسدود، ويستعرض الفصل موقف هاني الحسن وتصريحاته بالتفصيل حول الحادثة.

الحوار مع الطرف الآخر، كان هذا عنوان الفصل الثامن والعشرين، إذ يتحدث الفصل عن لقب "رجل المهمات الصعبة" الذي أُطلق على هاني الحسن، ودوره في المعركة الدبلوماسية التي كان يهدف من خلالها إلى خدمة الهدف الوطني على كل الجبهات، ابتداءً من أطروحات الرئيس المصري جمال عبد الناصر، ويتعرض لمشاركة الحسن في أول اجتماع من نوعه يضم فلسطينيين ويهودا بريطانيين ومسؤولين في الخارجية البريطانية، وكيف غيرت حرب 1973 المفاهيم حول الحل المفترض للقضية الفلسطينية من وجهة النظر السياسية، وقد أثار الحسن ضجيجا مدويا بما قاله في ندوة علنية في لندن عام 1989، إذ حذر فيه من إضاعة فرص السلام، ومن تراجع الحل الوسط داخل القيادة الفلسطينية، وفي الحقيقة كان هذا استمرارا لتحرك سياسي كان طي الكتمان مع الجانب الإسرائيلي منذ عام 1986.

الفصل التاسع والعشرون يتعرض لعاصفة الصحراء، وهي اسم العملية التي قام بها التحالف الدولي بقيادة أميركية ضد العراق بعد غزو الكويت عام 1990، وفي ذلك الوقت، تجنبت المنظمة أخذ موقف مباشر وفضلت العمل على حل سلمي عربي، وكان هاني الحسن قد أخذ موقفا علنيا معارضا لما فعله العراق، ما أثار انزعاج ياسر عرفات، بسبب علاقته الوطيدة بصدام حسين، فطلب من كبير مرافقيه جمع تواقيع لتجميد عضوية هاني الحسن في اللجنة المركزية لحركة فتح، ومع ذلك فقد حاول هاني الحسن مع عبد الله الإفرنجي ومروان عبد الحميد إقناع الرئيس العراقي بالتراجع عن الاجتياح والانسحاب من الكويت.

الفصل الثلاثون يستعرض فيه البلعاوي العودة إلى الينابيع، متناولا المسيرة التي خاضتها المنظمة، وهاني الحسن على وجه الخصوص في كل التحركات التي سبقت توقيع اتفاق أوسلو، ليأتي الفصل الحادي والثلاثون ليتحدث عن اتفاق أوسلو، الذي عارضه هاني الحسن بوضوح، والذي رأى فيه استمرارا لمؤتمر مدريد 1991، والذي كان قد أبدى معارضته له أيضا، والسبب الرئيس في معارضة الحسن للاتفاق هو أنه لم ينص في أي فقرة من فقراته على قبول إسرائيل بمبدأ الانسحاب من الضفة الغربية، وبالتالي ففي الحل النهائي، سوف يكون موضوع الأرض هو موضوع أرض متنازع عليها، وليس أرضا محتلة.

يتناول الفصل الثاني والثلاثون العودة إلى فلسطين، فيما يتعرض الفصل الثالث والثلاثون لمحاولة إعادة تنظيم البيت الداخلي، وهي المهمة التي كُلف بها هاني الحسن "المفوض العام للتعبئة والتنظيم لحركة فتح"، وكان يرى أنه يجب الأخذ برأي الأغلبية في الحركة قبل القيام بأي خطوة، كما يستعرض الفصل جهود الحسن لتثبيت الوحدة الوطنية التي رآها ضرورة وطنية ملحة.

يتناول الفصل الرابع والثلاثون حقبة تولي هاني الحسن وزارة الداخلية في حكومة أحمد قريع، وهو أول وآخر منصب يستلمه في السلطة الوطنية، فقرر مباشرة وضع الأجهزة الأمنية تحت قيادة موحدة، ولم يمنعه هذا المنصب من تكرار إعلان موقفه بالحق في مقاومة الاحتلال بالأشكال كافة.

في الفصل الخامس والثلاثين، يستعرض البلعاوي مرحلة اغتيال الرئيس عرفات وما بعدها، إذ كان الحسن أول من تحدث مبكرا عن محاولات لاغتيال الرئيس عرفات، إذ يقول إنه كان شاهدا على 13 محاولة اغتيال للرئيس عرفات في بيروت وغيرها، وكان يدعو إلى اليقظة الدائمة إزاء سياسات الاحتلال الإسرائيلي، إذ اعتبر أن إسرائيل لا تريد التوقيع على اتفاق سلام مع الفلسطينيين، إنما تبحث عن توقيع اتفاقية أمنية تضمن لها البقاء في الضفة الغربية.

صرح هاني الحسن بعد انقلاب غزة، أن الرئيس محمود عباس أصدر مرسوما أعفى بموجبه الحسن من منصب كبير مستشاري رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، لكنه منحه وسام نجمة الشرف من الدرجة العليا في 17 نيسان 2014، بعد وفاته بعامين.

الفصل الأخير، وهو السادس والثلاثون، يتعرض لشخصية هاني الحسن، وروحه الوحدوية التجميعية، ويوضح أن رفضه لأوسلو لم يكن رفضا ميكانيكيا، مرددا دائما: "الكفاح المسلح يزرع والعمل السياسي يحصد، ومجرم من يزرع ولا يحصد".

ويختتم الكتاب بخاتمة لبكر أبو بكر، بعنوان: هاني الحسن والمشي على الماء. وتوفي هاني الحسن في السادس من تموز عام 2012 بسكتة دماغية، ودُفن في رام الله.