أمام ما ارتكبه جيش الاحتلال الإسرائيلي من مجزرة مروعة يوم أمس في نابلس، لم يعد ممكنًا، ولا مجديًا طرح السؤال الأخلاقي على المجتمع الدولي، خاصة الغربي منه، هذا الذي يموّن حربا بمليارات الدولارات شرق أوروبا، تحت دعاوى الديمقراطية، وحقوق الإنسان، ومناهضة الاحتلال، لكنه تجاه ما يرتكب الاحتلال الإسرائيلي يوميًا من جرائم ضد الشعب الفلسطيني، لا يحرك ساكنًا، بل يواصل صمتًا ليس معيبًا فحسب، بل وجريمة بحد ذاته، فهو الصمت الذي سمح، ومازال يسمح لدولة الاحتلال الإسرائيلي، أن تواصل هذا التنمر الدموي العنيف ضد هذا الشعب الصغير، البسيط، المحتلة أراضيه، وحياته اليومية، والمنزوع السلاح عمليًا، فيما جيش الاحتلال بكامل أسلحة القتل، والتدمير المتطورة، يقتحم مدنه، وقراه، وبلداته ليرتكب المزيد من المجازر ضده..!!!

هل بلغ السيل الزبى..؟ على المجتمع الدولي أن يفكر مليًا بهذا السؤال، فإذا ما طرحه الفلسطينيون، وتيقنوا منه، فلا يلومنهم أحد إذا ما ساروا في الأرض محاربين بالنار ضد النار. هذه المنطقة لن تستقر بعدها، والعنف هو من سيتسيد المشهد، وعلى الاستقرار والازدهار حينها السلام..!! لن نكون حملانا للذبح أبدًا، وسيرتنا هي سيرة التحدي، والمقاومة، ويشهد لنا التاريخ بذلك منذ أكثر من سبعين عامًا.

ليس هذا تهديدًا، ولا توعدًا ولا وعيدًا، إنما هو الواقع الذي سيكون، إذا ما واصل الاحتلال الإسرائيلي سياساته الدموية، وإذا ما واصل المجتمع الدولي، مصفقًا بصمته لهذه السياسات، وبمعنى إذا ما بقي مشجعًا، لها وداعمًا لتواصلها…!!

ولا شك أن المجتمع الدولي والغربي خاصة إنما بات الآن أمام امتحان المصداقية، فيما تعلق بحراكه السياسي الأخير، الذي قال بأنه لوقف التصعيد الإسرائيلي، وإعادة الهدوء للأراضي الفلسطينية المحتلة، ها هي الفرصة سانحة لكي يثبت مصداقيته، لا بالضغط على دولة الاحتلال لوقف هذا التصعيد الخطير فقط، وإنما بردع هذا التصعيد بمواقف لازمة، أولها إعلان تأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني. ودون ذلك سنواصل محاكمة الصمت الدولي، كشريك في جرائم الاحتلال، التي يواصلها لا ضد أبناء شعبنا الفلسطيني فحسب، وإنما كذلك ضد الحق والعدل، والحرية، والسلام، وضد كل القيم الاخلاقية، السماوية، والأرضية معًا، وضد دعاوى الغرب بحد ذاتها، تلك التي تحدثت ومازالت تتحدث عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

 

المصدر: الحياة الجديدة