تتواصل جرائم الاحتلال المتصاعدة ضد أبناء شعبنا في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة وما يقوم به من حرب مفتوحة على المسجد الأقصى المبارك بما فيها اقتحامات المستوطنين والتنكيل بالمصلين والمرابطين والمعتكفين داخل الأقصى متزامنا مًع منع وصول المصلين إلى المسجد المبارك في إطار تقييد الحريات الدينية كما جرى مع أبناء شعبنا المسيحيين والاعتداء عليهم في يوم "سبت النور" وعيد الفصح المجيد ومحاولة تحديد عدد المصلين.
ويجري كل هذا بالتزامن مع استمرار انتشار الذباب الإلكتروني في الفضاء الرقمي، والذي يمارس أدواراً تستهدف السلم والأمن المجتمعي، وتنعكس هذه الممارسات السلبية من العالم الافتراضي إلى أرض الواقع، دون وجود حسيب أو رقيب، حيث إن آليات مواجهة هذه الظاهرة المشؤومة، تبقى حتى يومنا هذا غير مدروسة، ويغلب عليها التخبط وردات الفعل غير المحسوبة.
إن ما يقوم به الذباب الإلكتروني الذي تديره جهات مشبوهة سواء في بلادنا، أو خارجها، من استخدام لوسائل التواصل الاجتماعي لنشر الشائعات المضللة والمزيفة بهدف الاغتيال المعنوي لبعض الشخصيات الوطنية والقيادية وتشويهها، لا يقتصر تأثيره على هذا الشخص أو ذاك، وإنما يسهم في خلق ثقافة إقليمية وحتى دولية تشاركية سلبية تجاه القضية الفلسطينية، وإضفاء صورة نمطية مشوهة عن الفلسطينيين، ما يسهم في خفض أهمية القضية الفلسطينية وأولوياتها من على الأجندة الأممية، بمعنى أن ثمن هذه الأفعال القذرة مرتفع جداً، ما يستدعي شحذ الهمم بشكل أكبر وفزعة الغيورين على مصلحة الوطن، لمواجهة هذه الظاهرة وتداعياتها الخطيرة.
لقد فرض الفضاء الرقمي علينا ساحات جديدة للتنافس في مجال امتلاك العقول، والتنافس هنا لم يعد مع خصم تختلف معه فكريًا فحسب، بل هو خصم يشوه كل شيء وطني، وبات يشكل خطرا حقيقيا على مستقبل البلاد والقضية، حيث إن حركة حماس كنموذج تصور نفسها بأنها "المعارضة" أو "البديل الوطني"، بات لديها جيش من الذباب الإلكتروني، تقوم مهمته على التلفيق والكذب والادعاءات بهدف تشويه القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، وافتعال نعرات وضغائن بين الشعب وقيادته، دون إيلاء الأهمية طبعا للحقيقة أو السياق الوطني، فالأهم أن تتردد هذه الشائعات على نطاق واسع حتى يستقر في مسامع الناس على أنه الحقيقة.. الحقيقة التي يريدون، لحاجةٍ في نفس يعقوب!.
في الوقت الذي تحطم فيه طلبات تصاريح حمل السلاح في "إسرائيل" أرقامًا قياسية، يحطم الذباب الإلكتروني أرقامًا قياسية في تغريداته ورسائله المشوهة، ما يستدعي من النخب الفلسطينية صحوة ذهنية حقيقية وانتباهًا شديداً على الأصعدة الإعلامية والقانونية والأخلاقية والسياسية لإبادة هذه الظاهرة المدمرة وإيقاف طنينها الذي يشوش على إيقاع المشروع الوطني الفلسطيني.
يبقى الأمل حاضرًا وصوته أعلى من دوشة الذباب الإلكتروني، ولعل تجربة "الإخوان المسلمين" في مصر، والتي مهد فيها سقوطهم الأخلاقي، وبأسرع مما تصوروا، لسقوطهم السياسي، تؤكد بأن هذا هو مصير من يعتمد على الذباب الإلكتروني اللاأخلاقي لتشويه خصمه، وكما قال تعالى: "يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون".
*المصدر: الحياة الجديدة*
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها