أجل جيش الاحتلال الإسرائيلي، هو من دمر بحربه العدوانية قطاع غزة، هو من أطاح بحياة عشرات الآلاف من أبناء القطاع بغاراته الوحشية، وقصفه العشوائي، وأصاب مئات الآلاف منهم، لا بالجراح فقط، وإنما بالفواجع كلها، نؤكد ذلك، ونشدد عليه لا من أجل التاريخ ومحاكماته فحسب، وإنما حتى لا يقال أيضًا إننا نتجنى على حركة "حماس" حين نبين ونوضح أنها هي كذلك من يتحمل المسؤولية، عن هذه الكارثة، التي حلت بقطاع غزة، وما زالت تجلياتها القبيحة تتوالى حتى اللحظة.
جاءت "حماس" بالطوفان دون أي حسابات، لا عسكرية، ولا سياسية، ولا وطنية، ولا حتى معرفية، وإنما جاءت به بمحض حسابات غلبت فيها مصلحتها الحزبية التي أتخمتها طهران بالأوهام، والتمويل، حتى كان قرار الطوفان قرارها.
هي ست ساعات اقتحمت "حماس" خلالها غلاف غزة، فاستجلبت حربًا إسرائيلية بالغة العنف والتطرف طيلة خمسة عشر شهرًا، واتفاق الهدنة لم يقل إنها توقفت تمامًا. لا تريد هذه الحركة التي ما غلبت يومًا المصالح الوطنية العليا، على مصالحها الحزبية، أن تعترف بهذه المسؤولية، وهذه الحقيقة، وما زالت تجتمع هنا وهناك، لتبحث سبل عودتها لحكم القطاع الذبيح.
أهل قطاع غزة اليوم، يشكون من هذا النصر الذي تتحدث عنه "حماس". النازحون في دروب العودة الأكثر شكوى، فهذه الدروب ليست سالكة تمامًا، قوات الاحتلال تطلق النار صوب العائدين، كما جرى أمس الأول، في طريق العودة إلى بيت حانون، وبعد قليل الأسرى المبعدون إلى خارج الوطن، سيشكون من اتفاق قذف بهم إلى مجاهيل الغربة، وقد شرعن للاحتلال الإسرائيلي سياسة الإبعاد التعسفية تمامًا.
حماس التي حرصت طوال سبعة عشر عامًا على الانقسام البغيض، وعلى تغليب مصالحها الإخوانية، على أي مصالح وطنية أخرى، ترى في التشخيص الوطني لهذا الموقف الحمساوي، محاولة تشويه لها، وهي التي كان وما زال خطابها الإعلامي، خطاب تشكيك وتخوين للسلطة الوطنية، مع التحريض الذي لم توقفه يومًا، لا ضد السلطة فقط، وإنما في الأساس ضد الشرعية الفلسطينية، لتعميم الخراب والفلتان الأمني في الضفة الفلسطينية المحتلة، وليس هذا من أجل خدمة المصالح الوطنية العليا، وإنما من أجل مصالحها الضيقة فحسب، دون أن ترى في ذلك ما يمكن الاحتلال الإسرائيلي، من الذريعة المناسبة لتدمير الضفة المحتلة.
هذا ما تفعله "حماس" وما تواصله في كل ما تقول، وما تتخذ من مواقف ما زالت حتى اللحظة لا تخدم غير مصالحها الحزبية، وتقولها عن المصالح الوطنية ودعوتها لتغليب هذه المصالح ليس إلا تقولاً انتهازيًا، وادعاء لا علاقة له بالواقع، ولا بالحقيقة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها