من بين أسماء الجزائر العاصمة، اسم البهجة، والبهجة هي دومًا بهجة الروح حين تلتقي الجمال، وتشعر بالألفة، والسرور، والسعادة، ومن بين أسمائها أيضًا الجزائر البيضاء، دلالة على بياض قلوب أهلها ونبلهم، وثمة اسم آخر ولعله الأخير، هو المحروسة، ومليون شهيد جزائري أكدوا ذلك، بواقع لا لبس فيه ولا ادعاء، حتى باتت الجزائر الدولة والوطن والبلاد، لا العاصمة فحسب، هي المحروسة واقعاً جزائريًا، لا يقبل أي نوع من أنواع المغالطات، بلاغية كانت أو غير ذلك.

بكل أسمائها هذه، وبما تحمل هذه الأسماء من معانٍ، استقبلت الجزائر، رئيسنا، رئيس دولة فلسطين، محمود عباس، بحميمية لافتة، وبحفاوة بالغة وبليغة، لتؤكد على حقيقة الارتباط الجزائري العضوي بفلسطين، وهي حقيقة لطالما جسدت علاقة جزائرية فلسطينية "أكبر من أن يتم وصفها، لما تمثله من قيم مشتركة في النضال والتحرر"، كما أوضح ذلك الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في المؤتمر الصحفي المشترك مع السيد الرئيس أبو مازن.

وفي ذات المؤتمر الصحفي، أكد سيادة الرئيس أبو مازن بدوره على حقيقة هذه العلاقة، ومدى عمقها وثباتها، وحقيقة صحتها، ومصداقيتها الأخوية، والقومية، وهو يعلن "الجزائر ظلت على الدوام فعلا وقولا مع فلسطين"؛ ولأن هذا هو واقع الجزائر معنا، وهذا هو واقعنا مع الجزائر، فالغلبة لا شك ستكون لفلسطين، ولهذا، من على أرض الجزائر النموذج التحرري الإنساني، شدد سيادة الرئيس أبو مازن: "إذا ما استمر الاحتلال في عدوانه، ستكون لنا خياراتنا وإجراءاتنا في وقت قريب"، ومن يقرأ في السياسة، ويعرف شؤون لغتها، سيقرأ في هذا التشديد الرئاسي الفلسطيني، قرارًا بات يطرق أبواب مرحلة جديدة من الصراع مع الاحتلال إذا ما استمر في عدوانه، قرارًا مدعومًا من الجزائر بواقع وضوحه البليغ، من على منصتها ذات الدلالات النضالية البليغة، والمطلة على العالم أجمع، وليس فقط بواقع صك المئة مليون دولار الممنوح لخزينة دولة فلسطين. 

ليس غريبًا على الجزائر هذا الموقف، وهذه الشجاعة، وهو بلد ثورة المليون شهيد التي كانت وما زالت أيقونة في ثقافة شعبنا الوطنية والإنسانية، تباهينا بها، وما زلنا نتباهى بها أمام العالم أجمع، بل هي جزء من تاريخنا النضالي، بما أعطتنا من عبر ودروس وأمثولات.  

هل نقول شكرًا للجزائر، وهي التي تستحق منا كل الشكر والامتنان والتقدير؟ سنلجأ للقصيدة ونغنيها نشيدا كمثل ما أنشدت وأقسمت في نشيدها الوطني، على الخلاص من الاحتلال، سنقسم مثلما أقسمت، سنقسم بالدماء الزاكيات الطاهرات ونعقد العزم أن تحيا فلسطين. 
شكرًا جزائرنا.. ومجدًا يا جزائر البهجة.. يا بهجتنا.

المصدر: الحياة الجديدة