خلال يوم واحد فجعنا بمأساتين، ضحيتهما، ذخيرتنا اﻻستراتيجية البشرية للمستقبل، الطفولة والشباب، الضحية اﻷولى الطفل الشهيد محمد دعدس (15 عامًا) من  مخيم عسكر الجديد بنابلس، أما الضحية الثانية فكانت مجموعة من شباب فلسطين غرقوا بعدما دفعهم ضنك العيش في ظل سلطة حماس اﻻنقلابية في غزة للبحث عن كرامة فقدوها حتى لو كان الموت ثمنها، فركبوا البحر في عز أمواجه الخريفية، يدفعهم شراع اﻷمل، لكن على وقع هدير البحر المائج وقراصنة الفرص والاستغلال ما بين شواطئ  اليونان وتركيا، تحطمت آمالهم، فكانت كلمات الشاب الفلسطيني عبر الهاتف النقال وهو يصارع الغرق مع أحبابه وأقربائه، خير شاهد على مأساة ما زالت تفاصيلها مجهولة إﻻ من عنوان واحد وهو أن الشباب يغرقون، والمصيبة أن المكان ليس معروفًا ما يعقد سبل البحث عن أحياء، وكأن قدر الطفل والشاب الفلسطيني إما قتلاً برصاص الغزاة الصهاينة المحتلين الإسرائيليين العنصريين أو الغرق في بحار الدنيا بحثًا عن لقمة عيش بكرامة رفضًا لنيلها خاضعين مذلولين، في زمن تسلط وسيطرة انقلابيي حماس على مصائرهم، وسرقة آمالهم وطموحاتهم، وتذويبها في أتون شعاراتهم التي صاغوها بمصطلحات يظن سامعها بنبلها ليكتشف أنها وسيلتهم وأدواتهم لتكريس الظلم والجبروت، حيث ثبت أنهم والعدل ضدان، وأنهم والحكم، كجاهل على كرسي أكاديمي في جامعة للعلوم الإنسانية والسياسية؟

ولنا تخيل فظاعة الجريمة عندما قال واحد من رموز انقلاب  حماس: "اللي مش عاجبه البلد يسافر"، في أظلم احتكار واغتصاب للوطن والوطنية، وأبشع صورة عندهم لمصير المواطن!! فأمثال هذا انتفخت كروشهم حتى تكاد تلامس ذقونهم من أكل مال الناس بالحرام والبطر، فيما أبناء جلدتهم الفقراء يلتهمهم البحر!. 
 

ﻻ يطيق جنود وضباط اﻻحتلال رؤية فرح في وجوه أطفالنا، فيعمدون إلى زرع الألم في قلوب أمهاتهم وآبائهم وذويهم، ﻻ يطيقون رؤية شاب فلسطيني بحيويته الوطنية وشجاعته المتميزة في مواجهتهم فيكيدون له فيصرعونه بالرصاص، أو يتركون على جسده أثرًا قد يكون جرحا غائرًا أو طرفًا مبتورًا، لتصبح حياته عسيرة كما يعتقدون. 

يعلم الصهاينة الغزاة الذين اغتصبوا أرضنا وقتلوا وشردوا ويتفنون بإخراج صور مجازرهم بحق شعبنا، كما رؤوس فرع (جماعة الإخوان) في فلسطين الذين يحاولون الآن اغتصاب عقولنا ووعينا وآمالنا، وفرض عقيدة استبداد وظلم ليست من الدين بشيء أنهم شركاء في الجريمة بحق مستقبلنا على 
أرض وطننا فلسطين، فأطفالنا وشبابنا الذين ما زالت فلسطين الوطن والحق التاريخي والطبيعي لب ذاكرتهم، يحسبهم جنود جيش الحرب والعدوان أهدافًا، وبالتوازي نرى رؤوس الجماعة يتفنون أيضًا بإخراج صور القمع والتنكيل والقتل على الهوية السياسية، وحرمان المواطن من أدنى مستويات العيش الكريم، وتعميم صور الدمار والموت، فيما رؤساء مكاتبهم السياسية وأبناؤهم يتنعمون في فنادق ومساكن فخمة في عواصم الدعم المالي والسياسي بتنسيق مباشر مع سلطة الاحتلال الاستعماري العنصري (إسرائيل). 

لا تنمية أو مشاريع في البلد ( قطاع غزة) إلا ما تخطط له وتنفذه حكومة السلطة الوطنية (فالقطاع بمليوني مواطن تقريبًا مخطوف وبات رهينة، لا يهتم رؤوس حماس إلا بمصالح جماعتهم ومن والأهم، وليذهب الآخرون للجحيم، فيما تتكفل حكومات الاحتلال بتنمية وتوسيع مشاريع الدمار والموت، فما بين العدوان والحرب،  حرب وقصف أعمار، آخرهم على قائمة الضحايا ثمانية وستون طفلاً لم يخطر ببال يحيى السنوار ذكرهم وهو يتحدث عن نصر رباني رآه بعينه!!! ما يحثنا على السؤال هل عميت أبصاركم، أم تراكم عميت بصيرتكم، حتى تركتم أطفال وشباب فلسطين لقمة سائغة للمفترسات في البحر والبر؟.  

 

المصدر: الحياة الجديدة