إنها الكلمة الفاصلة المتمثلة في الخطاب الذي خص به الجمعية العامة في دورتها السادسة والسبعين، التي حدد فيها رئيسنا محمود عباس ورأس شرعيتنا الفلسطينية، ملامح المرحلة الجديدة المقبلة، التي بدأت فعلاً وموضوعيًا منذ لحظة إنتهاء إلقاء خطابه المزدحم بالمعاني والحقائق والإرشادات الذي لقي التجاوب العميق مباشرة من شعبنا الفلسطيني في أرضه المحتلة منذ أربع وخمسين سنة في القدس الشرقية، والضفة الغربية، وغزة بكاملها على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وفي كل حدود الشتات القريب والبعيد، حيث لا مكان في العالم إلا وفيه فلسطينيون، استمعوا إلى الخطاب الذي حدد لهم دورهم القادم، وفعالياتهم وثوابتهم التي هي من أبرز الثوابت العالمية.

أول من خاطبهم السيد الرئيس ورأس شرعيتنا الوطنية هم الفلسطينيون بالطبع، أصحاب القضية وفرسانها الذين صنعوا على مدار السنوات منذ النكبة حتى الآن ما لا يجود به الزمان إلا نادرًا، الثورة المعاصرة، والانتفاضة الأولى، والثانية، والحركة الفلسطينية الاسيرة الخارقة، والوحدة الوطنية العميقة المزروعة في القلوب وفي الأدمغة وفي سواعد الجميع في هبة القدس، حتى ولو ظهر للعيان في بعض اللحظات الشاذة، إن هناك قلة قليلة، يتاجرون بالقضية ولا يناضلون من أجلها، ويبحثون عن أمكنة وجود تافهة يستخدمون قاموسها المزور بينما شعبهم انتج للنضال من أجل القضية قاموسًا نادرًا في شجاعته وصبره وفرادته، وطمأنهم في خطابه بأنهم هم الأولوية الأولى، حملهم أثقل حمل ولكن على حمله هم قادرون، أوليسوا هم الذين واجهوا هذا العدو المحتل الفاشل والمكشوف بعد ثلاث وسبعين سنة أن يشرعن احتلاله أو يزرع جذورًا حقيقية لخرافته، وضرب لمستمعيه على امتداد رقعة العالم كله مثلاً مغرقًا في بشاعته من سقوط وقذارة هذا الاحتلال الذي يعاقب جثامين الشهداء، ويرفض إعطاءهم لأهالي هؤلاء الشهداء فهل رأى العالم أكثر من ذلك سقوطًا؟؟؟
أما الطرف الثاني الذي وجه إليه الخطاب، هو الشعب الإسرائيلي نفسه، الذي عاقب نتنياهو على فشله لكنه استبدله بمن هم أكثر فشلاً، أولهم يائير لبيد زعيم الائتلاف الحالي، الذي اختبأ وراء لاعب ضئيل وهو نفتالي بينيت رئيس الوزراء، وأمهلهم رئيسنا سنة لكي ينهوا احتلالهم عن أرضنا، وإلا، فإن الفرائض مفتوحة وهم يسمعون هذا الخطاب!!!
أما الطرف الثالث فهو المجتمع الدولي، والشرعية  الدولية وقراراتها، لماذا هذا الانتظار الذي لا يعد إلا إنتظارًا؟؟ لماذا لا تنفذون قراراتكم؟؟؟ ولماذا تغلقون عيونكم، وتسدون آذانكم؟؟ هل الوجع الفلسطيني بلا ثمن؟؟؟
لماذا يبقى الإعتراف باسرائيل على حدود الرابع من حزيران ما دامت إسرائل المصابة بفيروس الاستيطان والغش والخداع لا تعترف بهذه الحدود ولا تتوقف عندها؟؟
أما الذين وقعوا في دفتر الحضور والغياب انهم غائبون فلا يلومون إلا أنفسهم، فكل أعذارهم بلهاء وساقطة ولا تفيد.

المصدر: الحياة الجديدة