استبشرنا بعرس تبادل الأسرى خيراً. رأينا فيه مناسبة تجمع الكل بفرح نادر، تغبط الكل بالمعني الجمعي والوطني للانفعال والتوسل.

تجاوزنا ردة فعل حماس السلبية على الذهاب للأمم المتحدة، وعلى الكلمة التاريخية للرئيس محمود عباس. تجاوزنا حكايات القمع والظلم والملاحقات والمنع التي تمارسها سلطة حماس في قطاع غزة، وبالطبع ضمنها منع حماس أي مظهر للفرح والاحتفاء بحضور صوت فلسطين على منبر الأممية الدولية... كم تجاوزنا وتجاوزنا حقنا للاختلاف، ودفعاً للوحدة الوطنية إلى حيث يجب أن تكلل بالنجاح والختام.

لكن قضية القضايا، وفي هذه الظروف الممهدة والإيجابية، احتلال شرطة حماس بعد اقتحامها لمبنى نقابة الصحافة في غزة. نقول قضية القضايا، لأن الصحافة هي الأكثر حصانة، والمساس بها يعني قمة الاستبداد والتطاول والقمع.

والصحافة ببعدها المهني والرسالي، تعني المرآة والدأب في البحث عن الحقائق. هي صورة دقيقة للكيان الذي تعمل وتنشط داخله، فمن خلالها نعرف تفاصيل أوضاعه وملامحه وقضاياه. ومن خلالها نعرف طبيعة العلاقات الداخلية في أبعادها كافة، السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية.

إن مساس حماس بنقابة الصحافة والصحفيين، والتدخل في شؤونهم وتعيين من تشاء مرجعا لهم أو نقيبا أو حتى صحفيا، فذلك يعني أن الحريات في غزة مقموعة، خاصة حين يصل الأمر حد المساس بالوسيلة التي تتحمل مسؤولية نقل الحقائق للناس والعالم.

ويعني المساس بها تغييب الصوت والصورة عن حقيقة ما يحصل في غزة.

ما حصل يفتح على السؤال الأعمق: إذا كانت سلطة حماس تتصرف مع الإعلام بهذا المستوى من القمع، أي قمع تمارسه ضد الحياة في غزة؟ يجب على سلطة حماس أن تعتبر من مصير أنظمة الظلم في عالمنا العربي.