تقرير: نديم علاوي

تظل القدس، وهي واحدة من المدن الفلسطينية المستهدفة على الدوام، الأكثر ألما في مواجهتها لحربين ضروسين.. حرب الاحتلال الإسرائيلي، وحرب "كورونا" التي اجتاحت العالم منذ مطلع العام الجاري.  

وتبدو خطط المقدسيين التطوعية في مواجهة موجة فيروس كورونا الجديدة، وتوفير اللقاحات المضادة للفيروس، محاولة في غاية الصعوبة.

منذ بداية انتشار الجائحة في فلسطين بداية العام الجاري، تضاعفت أعداد الوفيات والمصابين بالفيروس في العاصمة القدس وأرجاء الوطن المختلفة، وتضاعفت معها انتهاكات الاحتلال بحق المقدسيين حتى يومنا هذا، من ملاحقة المؤسسات الفلسطينية بالقدس، واعتقال المسؤولين، واغلاق المحال التجارية، في محاولة لتجسيد القبضة الإسرائيلية على المدينة.

غير أن المقدسيين عمدوا للإعلان على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة عن إصابتهم، كإجراء تحذيري، لكل من خالط المصابين ليقوم بالفحص واتخاذ الإجراءات الوقائية في هذا المجال، رغم خطورة الوضع.

وأعلن الناطق الإعلامي لوحدة مكافحة "كورونا" في القدس المحتلة منير الغول، اليوم الأحد، أن معدل أعداد الوفيات بالقدس بلغ 4 وفيات باليوم الواحد منذ أسبوع، وارتفاع معدل تسجيل الإصابات إلى أكثر من 100 في اليوم، منذ السابع عشر من أيلول/ سبتمبر الماضي، ما ينذر بالخطر.

ويعزو الغول ارتفاع أعداد الوفيات في القدس إلى وجود 80 إصابة خطيرة ونشطة موجودة على أجهزة التنفس، موزعة في مستشفيات "المقاصد"، و"هداسا"، و"شعاري تصديق"، و"الفرنساوي"، بالإضافة إلى فشل سلطات الاحتلال في احتواء الفيروس بالقدس، وسعيها إلى فرض الغرامات المالية بحق المقدسيين.

وقال، إنه رغم وصول لقاح كورونا إلى إسرائيل، إلا أن عملية حصول المقدسيين على اللقاح قد تستغرق وقتا طويلا قد يمتد إلى منتصف مارس المقبل، بسبب إجراءات الاحتلال التي تعرقل تقديم الخدمات الأساسية التي تفتقدها القدس.

وبيّن الغول: يوجد 1586 إصابة نشطة بكورونا في مدينة القدس، تتركز في عدة مناطق حمراء في اشارة إلى شدة الفيروس، أبرزها بيت حنينا، مشيرا إلى أن عدد الوفيات بالقدس المحتلة بلغ 133 حالة وفاة منذ بدء الجائحة.

مدير صحة محافظة القدس خالد شيحة، قال في حديثه مع "وفا"، إن إسرائيل منذ بداية انتشار كورونا في فلسطين اعتمدت موضوع الحجر المنزلي للمقدسيين ممن يقطنون داخل الجدار، لكنها لم تعد تتابع ذلك الآن، وبات على عاتق بعض المرضى الإعلان عن إصاباتهم على الانترنت، مما يفاقم من خطورة الوضع الوبائي.

وبين أن حجم الإصابات والوفيات بكورونا، بدأ يتفاقم في الآونة الأخيرة بالقدس، وسط تذبذبات في منحنى الإصابات، حيث تبلغ نسبة الإصابة من العينات المسحوبة في مراكز السحب التابعة للصحة 25%، بينما موضوع الإصابات بالنسبة للمقدسيين الذين يتوجهون للفحص في المشافي الإسرائيلية معقد أكثر، وينذر بالخطر.

ووفق شيحة، فأن اعداد الاصابات بين صفوف المقدسيين بلغت، 15 ألف اصابة في القدس الشرقية، و6 آلاف حالة في الضواحي، منها 115 حالة وفاة بالقدس الشرقية، و39 حالة في الضواحي.

ونوه إلى أن هذه الأرقام تفتقر إلى مصادر مباشرة في القدس، نظرا لخصوصية محافظة القدس وتوجه العديد من المقدسيين ممن يحملون الهوية الإسرائيلية، الى الفحص في الصناديق التابعة لبلدية الاحتلال الإسرائيلي، بينما منهم يقطنون في مناطق، مثل: كفر عقب، ومخيم شعفاط، وأجزاء من بلدة الزعيّم، رغم قربهم من مراكز الفحص الفلسطينية في الرام والعيزرية وعناتا وبير نبالا.

ويسير الوضع التجاري في القدس المحتلة نحو الأسوأ، ملحقا أضررا اقتصادية لم يسبق لها مثيل، بسبب إجراءات الاحتلال الإسرائيلي في استغلال فيروس كورونا واجبار اصحاب المحلات التجارية على إغلاق ابوابها، بينما تفتح المحال أمام المستوطنين للعمل.

وبين مدير عام الغرفة التجارية في القدس لؤي الحسيني، إن 300 محلا أغلقت أبوابها منذ بدء الجائحة في شهر مارس/ آذار الماضي أبرزها محلات التحف الشرقية، و250 محلا أخرى أغلقت خلال الموجة الأخيرة من الجائحة، وذلك بسبب مخالفات الاحتلال الدورية.

وأوضح، أن قيمة المخالفات التي تفرضها سلطات الاحتلال على أصحاب المحلات التجارية بالبلدة القديمة تبلغ 5 آلاف شيقل لكل محل، رغم التزامها بالإجراءات الصحية والوقاية من كورونا، في حين تفتح المجال أمام حرية حركة المستوطنين في الأحياء العربية بالقدس، وتيسر سلطاتها العمل للمستوطنين في الأسواق اليهودية بالقدس الغربية.

"إنها جائحة بنظام الأبرتايد" قال الحسيني، في إشارة الى عملية التمييز العنصري التي تطبقها سلطات الاحتلال في ظل وباء كورونا.

وأضاف، هناك العديد من أصحاب المحلات التجارية المغلقة باتوا يتوجهون للعمل في أسواق المستوطنين، وهناك توجه لدى المقدسيين للشراء "أون لاين" من المتاجر الإسرائيلية، ما ينذر بوضع كارثي بحق أسواق القدس التاريخية.

ووفق نتائج تعداد السكان في فلسطين الأخير نهاية عام 2017، فإن عدد السكان الفلسطينيين في القدس بلغ نحو 435 ألفا، غالبيتهم من فئة الشباب دون سن 29 عاما.

_