إصرار محاكم منظومة الإحتلال الاسرائيلية الظالمة المتماهية مع عنصرية حكومة الاستيطان وجرائم الحرب على طرح موعد السادس والعشرين من شهر تشرين الثاني القادم لإطلاق حرية الأسير ماهر الأخرس المعتقل منذ 27 تموز الماضي، المعتقل إداريًا، مقابل إصراره على  الإضراب عن الطعام الذي بدأه قبل 79 يومًا حتى ينال حريته تدفعنا للتقدير يصل إلى حد اليقين بأن مجرمي الحرب قد اتخذوا قرارهم بقتل الأسير ماهر ببطء، خاصة وأن الأنباء الواردة من المعتقل تفيد بتدهور صحة الأسير بعد أكثر من شهرين ونصف الشهر على الإضراب إلى درجة الخطر الشديد على حياته.

يبين رفض المحاكم العسكرية الإسرائيلية الاستجابة لطلبات إطلاق حريته المدى الذي تذهب إليه هذه المنظومة المجرمة في عمليات القتل الممنهج للمناضلين الفلسطينيين الأسرى، واستخفاف جنرالاتها وساستها المبعوثين من مؤسسة الحرب بالشرائع والمواثيق الدولية الكافلة والضامنة لحقوق الأسرى بمن فيهم المناضلون في اطار حركات التحرر، وهنا لابد من تحميل الشرعية  الدولية وحماة القانون الدولي، والمطالبين بتنفيذ المواثيق والمعاهدات الدولية في اماكن الصراعات في العالم بتحمل المسؤولية والتدخل فورا لإيقاف عمليات تصفية للمناضلين الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال بوسائل عديدة تعتبر جميعها جرائم حرب بناء على نصوص المعاهدات والمواثيق الأممية، فالمنظمات الأممية المعنية تدرك جيدا وتعلم أن أكثر من (5000 مواطن) فلسطيني، معتقلون  لدى سلطات منظومة  الجريمة ضد الإنسانية  بينهم أكثر من (700 مريض) و(43 سيدة) و(180 طفلاً)، فيما تسجل التقارير وجود 430 معتقلاً حسب بيانات هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية.. والقضية الجريمة هنا أن الاعتقال الإداري هو قرار بالحبس يتخذه جهاز المخابرات الإسرائيلي، بالتنسيق مع قيادة الاحتلال العسكرية في الضفة الغربية، تتراوح مدته بين شهر وستة أشهر قابلة للتمديد بلا حدود، وتبرير جريمة الاعتقال والامتناع عن تقديمه للمحاكمة "بمعلومات أمنية سرية "!!

الله وحده يعلم قدرة الأسير ماهر الأخرس على الصمود، لكن على العالم أن يعلم أن قدرة الشعب الفلسطيني على تحمل جرائم منظومة الاحتلال العنصرية الاسرائيلية بحق الأسرى قد وصلت الخط الأحمر، ولا يعلم أحد في هذا العالم ما قد يحدث إذا استمرت جرائم جنرالات (الدولة الناقصة إسرائيل) بحق الأسرى، رغم قناعة ثابتة لدى كل مناضل من اجل الحرية أنه وضع احتمال التضحية بروحه في سبيل الوطن عندما قرر الانخراط في مسار حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، فالشعب الفلسطيني وقيادته السياسية التي تعتبر قضية الأسرى  وتحريرهم قضية مقدسة كما يؤكد الرئيس محمود عباس دائمًا ليس من قيمه وأخلاقياته الصمت أو غض الطرف عن عمليات قتل الأسرى الممنهجة في معتقلات الاحتلال التي تعتبر ذروة الجرائم بحق الأسرى الفلسطينيين والانتهاكات لحقوقهم المخالفة لبنود القانون الدولي كجرائم التعذيب النفسي والجسدي أثناء التحقيق، كالهزّ العنيف، والشبح على كرسي، وتغطية رأس الأسير بكيس، وكذلك قلع أظافر، وحرمان من النوم ومنع المحامين من زيارة الأسرى، كما ترتكب سلطات الاحتلال جريمة عقاب جماعي مستخدمة سياسة هدم بيوت الأسرى، أو ذويهم لكسر الروح المعنوية وايقاع الخسائر المادية الى جانب الأحكام الخرافية التي تصدرها محاكم لا شرعية لها أصلاً، بينما تواصل السلطات المسؤولة عن المعتقلات استكمال الجريمة باستخدام أساليب عدة منها العزل الإنفرادي في ظل ظروف حياتية صعبة للغاية وانقطاع تام عن المحيط، تردف بقرارات تمنع الزيارات العائلية عن الأسرى بقصد قطع تواصلهم مع عائلاتهم ومحبيهم ومجتمعهم وفي الأثناء يوضع الأسرى في حالة انعدام الاستقرار عبر المداهمات الليلية للغرف والأقسام بحجة التفتيش، ونقل أقسام كاملة باستخدام وحدة القمع "الماتسادا".

تتربع سياسة الإهمال الطبي المتعمد ضد الأسرى المرضى وإغفال علاجهم أو الامتناع عن إجراء العمليات اللازمة لذوي الحالات الخطيرة على رأس جرائم سلطات الاحتلال التي تعمد لتركيب أجهزة تشويش رغم اضرارها الجسيمة على الأسرى، ويتعرضون لمعاناة واعياء شديدين  أثناء نقلهم  بين المعتقلات، أو من  وإلى المحاكم في وسائل نقل (البوسطة) الفاقدة لأدنى درجات المعايير لتصنيفها كوسيلة نقل حيث يضيف التنقل بهذه الوسيلة المتخلفة آلاما على آلام الأسرى. 

تنتهك منظومة الاحتلال الاسرائيلي المادة 66 من اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 رغم كونها طرفا تعاقديا  ويفترض التزامها بالاتفاقية، إلا أن السلطات الاسرائيلية تصر على مخالفة القانون الدولي والقانون الإسرائيلي نفسه باصدار أوامر عسكرية ، فيما ترفض محاكمها العسكرية تطبيق قواعد وأحكام القانون الدولي، فالمادة 66 تنص على وجوب عقد المحاكم في الأراضي المحتلة حصراً، وليس في (الدولة القائمة بالاحتلال) وإنشاء محاكم استئناف على أحكام المحاكم العسكرية، وليس "لجان اعتراض" شكلية.

تنتهك المحاكم العسكرية الإسرائيلية المواد 70 و 71 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حيث يتم إبلاغ المتهم بلائحة اتهام واضحة وبلغة يفهمها تبين له أسباب اعتقاله ليتاح له إمكانية الدفاع عن نفسه. 

أما وقد اعتبرت نصوص المادتين 130 و131 من اتفاقية جنيف الثالثة 131 الاعتقال الإداري  القائم على ملف سري، جريمة حرب ، كما اعتبرتها المدتين  147 و 148 من اتفاقية جنيف الرابعة كذلك، فان التحدي القائم الآن هو صراع وجودي يخوضه باقتدار وإرادة مناضلون فلسطينييون من اجل الحرية مع  مجرمي حرب غزاة مستعمرين عنصريين.