لم نكن لنجهل هذه الحقيقة، أن التطبيع الراهن الذي تقود عملياته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إنما هو تطبيع الحكام أفرادا فحسب، لا تطبيع الشعوب وقواها الاجتماعية، وهذا ما يجسده اليوم، وعلى نحو بالغ الوضوح، شعب البحرين الشقيق، ولن نجهل أن هذا التطبيع سيظل في المحصلة كمثل الريح العقيم التي لا تلقح شجرًا، ولا تحمل مطرًا، ولا تفعل غير أنها تعكر الأجواء لبرهة ثم تزول...!!

وعلى رأي شاعر العرب الأكبر أبو الطيب المتنبي "في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل"، وموقف الشعب البحريني من التطبيع، هو الشمس التي تغني عن زحل، وبمعنى هو الحقيقة الساطعة التي تقول: إسرائيل لن تجد مقعدًا لها في باحات البيوت العربية، بيوت الناس بما تنطوي عليه هذه البيوت من بداهة وطنية، وقومية، وإنسانية، بقيمها، ومفاهيمها، ومذاقاتها الأصيلة، والمذاقات بالمناسبة تاريخ، وثقافة، وسلوك، وعلى سبيل المثال ليس إلا، ليس بوسع شطيرة "البورغر" أن تنافس "المجبوس" أو "المندي" في الخليج العربي، وما زالت هذه الشطيرة غير قادرة على منافسة "الكشري" في مصر، ناهيكم عن "المنسف" في الأردن الشقيق، هذه الشطيرة مثلها مثل "العابرون في كلام عابر"، وحال التطبيع لن يكون غير حال هذه الشطيرة...!!

لا ينبغي أن يفهم من هذا التوصيف، وهذا التقييم، أننا لا نرى مخاطر جمة من وراء هذا التطبيع لا على قضيتنا الوطنية فحسب وإنما على مستقبل العرب جميعهم دولاً وحكامًا وشعوبًا، ولكنا هنا نسعى لرؤية تتسع بصواب العبارة العربية ذاتها، المحمولة على تاريخ من فتوحات في التنور الحضاري والإنساني، حينما تولت الأمة دورها، وتصدت لمهماتها في الحضور الفاعل بين الأمم.

ونسعى لذلك، ونحن نعرف أن التطبيع هذا لن يكون له أي مقام في فلسطين، وليس هذا فحسب، وإنما نحن من سيرده خائبًا إلى أصحابه، بالصمود، والمقاومة الشعبية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية التي انطلقت على أرضيتها القيادة الوطنية الموحدة وأصدرت بالأمس الأول بيانها الأول، وللبيان الأول في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني، قرار التصعيد والمضي به نحو بيان الإنجاز الأكيد. واقرأوا هذا التاريخ جيدًا.. إقرأوه لتعلموا بذلك علم اليقين.