حين يرفض الرئيس أبو مازن، المساس بأي من الرموز السيادية لأي من الدول العربية الشقيقة، بما فيها الإمارات العربية المتحدة، فإنه لا يؤكد أصالة المبدأ الأخلاقي للسياسة الفلسطينية، المناهض لكل صيغ التعابير الغوغائية في التعبير عن أي خلاف فحسب، وإنما كذلك من أجل تأكيد أصالة الموقف القومي لفلسطين الذي يرى في الرموز السيادية العربية، قيما بنيوية، تجسد معنى الدولة التي لا يحق لأي خلاف المس بها، والتطاول عليها، وعلى أساس هذا الموقف كرست فلسطين في سياستها مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة عربية، دون أن تغفل أن الأمن القومي العربي، شأن القضايا المصيرية للأمة العربية، والذي يفرض العمل العربي المشترك، إن لم نقل الموحد.

لسنا على عداء اليوم مع الإمارات العربية المتحدة، وإنما نحن على خلاف يتعلق أساسًا بالأمن القومي العربي، لأن القضية الفلسطينية ستظل هي القضية المركزية لهذا الأمن، وصحيح أن هذا الخلاف أوجعنا وما زال يوجعنا- وقد تفلت بعض هذا الوجع على صيغ شديدة الانفعالية- لكننا لن نسمح أن يشكل قطيعة مع مجالنا الحيوي الذي هو محيطنا العربي، ومنه الإمارات العربية المتحدة.

 ولأن بلاد العرب أوطاني، ولن نيأس من ذلك مطلقًا، فإن البيان الرئاسي الفلسطيني البليغ هذا، هو بيان المعنى والمبنى للروح العربية لفلسطين.

وحيث نحن الفلسطينيين، وبحكم أن الحياة قد عركتنا تمامًا، بالصراع وتجاربه المريرة، والمكلفة، وحيث الجراح مصدر معرفة ورؤية، فإننا نعلم علم اليقين، أنه لا يصح في المحصلة سوى الصحيح، والصحيح يظل دائما نتاج تلك القيم الأخلاقية وسياساتها، المناهضة للحقد، والكراهية، ورغبات الانتقام الجاهلية!!

ويظل أن نوضح أن البيان الرئاسي، وقد تجسد في إطاره الأخلاقي، والقومي المبدئي، إنما من أجل أن يحيط هذا الإطار بالعلاقات العربية، العربية، وحتى لا يكون هناك منفذ للمتصيدين في المياه العكرة، الذين لا يريدون خيرا ليس لفلسطين وحدها، وإنما للأمة العربية كلها!! وليس لهؤلاء المتصيدين الآن سوى ان يلوذوا بصمت الخيبة إن أدركوا قليلا من الخجل.