شعار الرئيس ترامب، الذي يتباهى به "أميركا أولاً" ولكن أي أميركي يمكن أن يشغل عقله قليلاً، سيلاحظ أن كل ما قام به هذا الرئيس من أفعال ذات مغزى كانت لصالح اسرائيل، فالشعب الأميركي لم يرَ من ترامب إلا الضجيج عبر تويتر، أما الأفعال فهي لإسرائيل. كيف تكون أميركا أولاً لهذا الرئيس وهو يحتقر ويكن مشاعر عنصرية لأكثر من 70% من الشعب الأميركي، في حين يعرب عن إعجابه باسرائيل بشكل قاطع.
دعونا نراقب المشهد معًا، ففي الوقت الذي يريد فيه ترامب من أميركا أصوات الأميركيين، يترك معظم أركان إدارته ومستشاريه، يطوعون العرب والعالم لمصلحة إسرائيل، كنا نعتقد أن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب اليها، تنفيذ لوعد انتخابي، ولكن كيف نفسر الحملة الواسعة، والضغوط والإغراءات، التي تقوم بها إدارة ترامب مع الدول الاخرى، بهدف ان تنقل هي الأخرى سفارتها إلى القدس. كيف نفسر بقاء كوشنير في المنطقة بهدف تحقيق استسلام العرب، ليس لأميركا، ولكن لإسرائيل وتركيعهم لها من المحيط إلى الخليج.. أين شعار أميركا أولاً من كل ذلك؟ ان ما نراه ان كل أميركا هي مكرسة لمصلحة إسرائيل أولاً.
دعونا ننظر من زاوية أخرى، ننظر لحال أميركا والأميركيين، لقد ترك هذا الرئيس شعبه ليكتوي بوباء الكورونا، وهو يمارس الكذب والغش عليهم. إنه لم يكتفِ بذلك، بل هو يشعل نار العنف والعنصرية، وهو على استعداد للذهاب لحرب أهلية من أجل البقاء لفترة رئاسية ثانية، يواصل خلالها خدمة إسرائيل.
كل ذلك هو بالتأكيد مشكلة بالنسبة لنا كفلسطينيين، وهو مشكلة بالنسبة للعالم باستثناء إسرائيل والعصابة العنصرية الفاسدة التي تحكمها برئاسة نتنياهو، ولكن المشكلة الأكبر هي في بعض الحكام العرب، الذين يدركون كل الحقيقة سالفة الذكر، وبالرغم من ذلك يتدافعون ويهرولون للركوع لهذا الرئيس الأكثر صهيونية وعداء للعرب... كيف يمكن تفسير كل هذه المهزلة..!!
مع ذلك فإن داخل هذا المشهد السوداوي، بعض بذور الأمل، أهم هذه البذور، أن كره معظم الأميركيين لترامب سينعكس سلباً في نظرتهم لإسرائيل وعنصريتها. فمن يكتوي بعنصرية ترامب وعصابته، لا بد أن يرفض العنصرية الصهيونية والظلم الواقع على الشعب الفلسطيني. وهناك في أميركا أكثر من مؤشر لظهور مثل هكذا تطور. أما فيما يتعلق بأولئك الحكام، فالشعوب العربية قد تبدو صامته على خياناتهم ورضوخهم للصهيونية العالمية، ولكن هذا الصمت يتراكم داخله الغضب، وهو الغضب الذي سينفجر في وجه هؤلاء الحكام. أما البذرة الأهم هي في صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بحقوقه الوطنية، فالتاريخ علمنا أن الشعوب باقية وترامب وعصايته الى زوال. أن جزءًا من الرهان أن يدرك الشعب الأميركي أن هذا الرئيس لم تكن له يوما أميركا أولاً، هذا الشعار الكاذب لم يجلب للأميركيين إلا الويلات والعزلة. وأن من قطف ثماره هم عصابة نتنياهو كوشنير فقط.